الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

ضاءات على تطور مسيرة الحركة النقابية العالمية 1914 – 1945 -4-

اضاءات على تطور مسيرة الحركة النقابية العالمية
1914 – 1945
-4-

أحمد حباب
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال
أمين العلاقات العربية والدولية


3 – الاحتجاجات العالمية :
كلما امتدت الحرب أخذت أسباب النقمة تظهر وتزداد وأثار التضخم ارتفاعا مستمرا في الأسعار زاد في حدته ندرة بعض المواد الغذائية وكثرة المطالبة بزيادة الأجور ووقفت الحكومات موقفا مترددا .فكيف التسليم بدون ظلم لعمال المصانع الذين يتميزون كثيرا عن المحاربين ، ولكن المضربين يخضعون أحيانا لحسابات الدعاية التي كانت تمارس من أجل سلام قريب دونما استحقاق أو تعويضات ، وكانت كل حكومة معرضة لمواجهة هاتين النقمتين ، وقد حدث مثل ذلك في روسيا سنة 1917 ، وفي أوروبا الوسطى خريف 1918 وفي كل مكان آخر استطاع تعاون السلطات العامة والزعماء النقابيين من منع حدوث هذا الأمر ، أحيانا بجهد كبير كما في سنة 1917 .
- وتأثرت النقابية بضغط جهاز الدولة وذلك عند مفاوضتها إياها أو عندما ارتضت أن تحل محلها في الأجهزة التي أقامتها السلطات العامة . وهكذا تسارعت الحركة التي دفعت باتحادات المهن إلى التحول إلى اتحادات صناعية، وهكذا قويت البنى الاتحادية ثم استطاعت الميول التمركزية أن تخنق الحركة الاتحادية .
- فهل ستُكره النقابية على تجاوز نفسها من أجل تمديد واستمرار عملها ؟ .
- إن النقابية العمالية الانكليزية التي لم تضايقها العقائد حاولت ذلك ، ففي سنة 1918 أوصت لجنة استقصائية برئاسة السيد "وايتلي" بإنشاء لجان تكافؤية . ففي كل مصنع أنشأت لجنة مؤلفة من المدير ومن مندوبين عن المعمل . وفي الطبقة العليا هناك المجالس الإقليمية وفوقها وفي كل صناعة يوجد المجلس الوطني . وعلى الصعيد العملي كانت الانجازات قليلة الأهمية . والقليل منها جاوز نهاية الحرب وترددت الحركة النقابية في الإقدام على مزيد من العمل خوفا من أن يشكل إنشاء مندوبين عن المعامل مزاحمة خطرة بالنسبة إليها . فالمندوب من حيث المبدأ لا يمكنه الا أن يعبر وإلا أن يتبنى الأوامر النقابية .أما على صعيد الواقع ، وفي كل من فرنسا وبريطانيا العظمى وألمانيا قامت منافسة شديدة بين "الدائمين " من النقابيين وبين عمال الصف الذين يشكلون في أغلب الأوقات مندوبي المعمل . فطورا تأخذ النقابة على المندوبين  أنهم أداة تحركها الإدارة وأنهم ينسون المطالب العامة . وفي أغلب الأحيان تأخذ النقابة عليهم استسلامهم لحركات اندفاعية ، ونسيانهم أن كل إضراب ينطلق من القاعدة ليس بالضرورة إضرابا ناجحا .أما المندوبون فقد يتأتى لهم أن يأخذوا على ممتهني النقابية تجاهلهم للواقع العمالي .
ب – في أعقاب الحرب :
على أثر إعلان الهدنة اتجهت الحركة النقابية في البلدان الغربية إلى التحاور مع السلطات العامة ، معرضة عن العمل المباشر ,أخذت تضغط على هذه السلطات دون أن يكون العكس صحيحا .  
1 – تصاعد الأعداد :    
خلال الحرب كثر ترداد القول أمام الجماهير العاملة بأن أخوة الاستحكامات ستستمر في أيام السلم ، وأن السيادة ستكون للعمل وقام البعض الذين صدقوا هذا القول يطالبون بتحقيق الوعود . أما الآخرون ،الذين ظلوا على شكهم ، فقد اتخذوا هذه الوعود لاستعمالها كسلاح ، وهكذا تلاقى الجميع في التنظيمات النقابية التي بدلا من أن تقتصر على القلة ، كما كان حالها قبل الحرب ، أصبحت تنظيمات جماهيرية .
- فالاتحاد العام للعمل الفرنسي ، كان يعد سنة 1914 ،600 ألف منتسب من أصل 15 مليون أجير . أما في سنة 1920 فقد ضم مليونين ، وفي بريطانيا العظمى كان عدد النقابين في سنة 1915 ، ( 4ملايين نقابي أي 9% من السكان ) وفي سنة 1920 ارتفع العدد إلى ثمانية ملايين منهم (500،000 ،6) منتسب إلى مؤتمر النقابات العمالية . وفي الولايات المتحدة ارتفع عدد المنتسبين إلى الاتحاد الأميركي للعمل 1,000،020،2في سنة 1914 إلى 1,000،078،4 منتسب في سنة 1920 .
2- في ألمانيا – الحركة النقابية ضد الثورة :
هذا المد في الأعداد النقابية أوحى إلى الزعماء السياسيين والى أرباب العمل بالقلق الشديد . فلم يروا في صعود "الدولة الرابعة " إلا مظهرها الخارجي ، الذي كثيرا ما كان مشوها ، كالمظاهرات الصاخبة ، خصوصا في أول أيار ثم المطالب المتناقضة أحيانا .
- وعلى صعيد الواقع لعبت الحركة النقابية كقوة نظامية موجهة وضابطة للنقمة قاصرة إياها على الاكتفاء بالأهداف الممكنة التحقيق آنيا ، عاملة ضد الثورة العنيفة ، التي لا يريدها لا القادة النقابيون ولا الحكومات .
- وبرزت هذه الرغبة في الوقوف بوجه التخريب في ألمانيا بشكل محسوس ، خريف 1918 ، وذلك عندما وجدت الحركة الاجتماعية الديمقراطية نفسها مسؤولة عن المستقبل الألماني ، بصورة فجائية ، وذلك أثر انهيار الرايخ ، وكانت مجالس العمال والجنود على غرار المجالس السوفياتية الروسية ، تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك . ولكن التنظيمات النقابية رفضت القفز في المجهول ، وفي 15 تشرين الثاني 1919 تم عقد اتفاق بين تجمعات أرباب العمل والنقابات العمالية ، التي اعترفت لها بعد ذلك بأنها تمثل الشغيلة . وأقرت حرية التكتل وتقرر تعميم الاتفاقات الجماعية ، وقامت لجان خاصة بتأمين تطبيقها وأسندت مهام التحكيم إلى لجنة مركزية خاصة تكافؤية لحل المشاكل والمصاعب التي تحدث بين التنظيمات العمالية وتنظيمات أرباب العمل كما تقرر أن يتحدد يوم العمل بثماني ساعات بصورة مبدئية .
- واختار قادة النقابات الألمان إمكانات الإصلاح التي قدمتها لهم جمهورية "ويمار " لمواجهة الثورة التي تنتسب إلى الماركسية كما يراها لينين آنذاك .
- وأكدت المادة (165 ) من الدستور الجديد على حق النقابات في التعاون " على قدم المساواة مع أرباب العمل ، من أجل تنظيم أحوال الأجور والعمل والنمو الاقتصادي العام للقوى المنتجة "كما نص على تنظيم تسلسلي للمجالس .
أ) – من أجل الدفاع عن مصالح الأجراء أوجدت مجالس عمال المشاريع ، ومجالس للعمال الإقليميين ومجلس عمالي للرايخ .
ب) – ومن أجل الإدارة الاقتصادية والعمل الاجتماعي أنشئت مجالس اقتصادية إقليمية ومجلس اقتصادي للإمبراطورية .
-  وفي الواقع لم يتم تنظيم المجلس العمالي للرايخ ولا المجالس الإقليمية . أما المجلس    الاقتصادي فقد اقتصر على مهام بسيطة ، أبسط ما كان مقررا . أما المجالس العمالية للمشاريع فكانت عرضة للصراع . وحاول الزعماء النقابيون استلحاقها بهم ، وقام أصحاب المشاريع بالدفاع عن سلطتهم وأما اليسار المتطرف فحاول أن يحولها إلى مجالس سوفياتية .




1


 


مشاركة :
طباعة