مؤتمر ومقررات .... وماذا بعد
أديب ميرو
انعقد بنجاح وبنتاجات مثمرة المؤتمر السادس والعشرون للاتحاد العام لنقابات العمال وانبثقت عنه مقررات وتوصيات وتوجهات أساسية وانتخب هيئاته الدستورية مجلسا عاما ومكتبا تنفيذيا ولجنة للتدقيق والحسابات المالية .
تمنى لهم الجميع التوفيق وتحقيق النجاحات في تنفيذ برامج عمل نقابية تخدم عمال الوطن واقتصاده ومؤسساته وتعزز صموده وخروجه من المحنة ، وعاهدت القواعد والقيادات النقابية القاعدية والوسطى في النقابات واتحادات المحافظات والاتحادات المهنية قادتها على التعاون والعمل تحت راية الاتحاد العام لنقابات العمال وقيادته النقابية الجديدة.
انه هام وايجابي بذار وحصاد انعقاد المؤتمر ولكن الأهم هو : وماذا بعد؟
العمال المنتجون الملتصقون بساحات عملهم يتطلعون بأمل وثقة الى منظماتهم وقياداتهم النقابية، وبعد اختتام أعمال المؤتمر ينتظرون إقلاع النضال النقابي والوطني من جديد ومن منصة انطلاق محطته السادسة والعشرين من عمر الحركة النقابية السورية العريقة التي اعترف بأصالتها ودورها الهام كل ضيوف المؤتمر المشاركين واتحاداتهم الوطنية والإقليمية والدولية ورسائل تضامنهم النقابية المخلصة.
الضيوف هم الآخرون يتطلعون بتفاؤل وإعجاب إلى عمال سورية وشعبها وقيادتها وصمود الوطن الرائع وينتظرون استمرار وتطور المنجزات والتغلب على المحنة ومسببيها. ويرجون قدوم النصر على يد من صنع بسالة الموقف ومعجزة التصدي واستمرار عجلة الإنتاج والحياة ويباركون الصمود السوري في وجه تحديات شرسة تكالبت فيها العديد من قوى الشر والعدوان والظلامية والإرهاب من كل حدب وصوب.
هي بالتأكيد ثقة غالية وطموحات عالية ، ومن حق عمال وأبناء سورية ومحبيها ان ينشدوها ويلمسوها في الحركة النقابية السورية وقياداتها المقتدرة ، وبالمقابل من حق هذه القيادة المنتخبة الجديدة ان تطمح بمشاركة فاعلة وإسهامات واسعة ونضالات ميدانية ومبادرات بناءة واقتراحات عملية يقدمها باستمرار وإخلاص كل هؤلاء العمال والنقابيين والمواطنين والشركاء والأحباء والحلفاء والنشطاء والأشقاء والأصدقاء.
هو تطلع مشروع أيضا لدى القيادة النقابية والسياسية ان يقف نقابيوها بوعي وصلابة في الخندق الأول من ساحة العمل والنضال بكافة الميادين ويدعمهم عمال الوطن كل الوطن والقواعد النقابية بكل أطيافها وانتماءاتها يغذون بدم العمل الطاهر وبحبر الكلمة الجريئة الصادقة وبصوت الحق المسؤول قاطرة قيادة وتوجيه التنظيم النقابي المتمثلة بمكتبه التنفيذي واتحاده العام وشرايينه على امتداد أماكن وساحات الإنتاج والاقتصاد ومؤسسات إدارة المجتمع وخدماته وأنشطته .
إن العمال والجماهير الشعبية وقوى العمل والشركاء الاجتماعيين من حقهم على الحركة النقابية وقياداتها ورئاسة اتحادها العام ان تنال قضاياهم ومشكلاتهم وهمومهم ومطالبهم كل اهتمام وانشغال وحشد امكانات المنظمة النقابية وقياداتها وكوادرها لتصب معا وعبر الحوار الجاد والمسؤول في معالجة أوضاع أماكن العمل والمنشآت والمؤسسات والوزارات ، ومكافحة الروتين والفساد والبيروقراطية وإعادة عجلة الإنتاج والاعمار وبناء الاقتصاد الوطني وتعزيز منعة وصمود الوطن وقواته المسلحة ،كما ان المنظمة مطالبة بالاهتمام بالقضايا الحياتية والمعيشية للعمال والجماهير الشعبية وأمنهم ومكافحة الاحتكار والغلاء وتجار الأزمة .
هي مهمة حيوية أيضا تلك التي لفت الأنظار إليها رئيس الاتحاد العام المنتخب وتستحق الاهتمام والإقدام عليها والمتضمنة دعوته إلى ( ضرورة المزيد من التكاتف والتراص، وان يساهم العمال في تحقيق المصالحات الوطنية والحديث بلغة توحد ولا تفرق حتى لا يتمكن أعداؤنا النفاذ إلى المجتمع وان ننجز هذه المصالحات وان ننخرط فيها وهذه توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد ).
في هكذا ظرف استثنائي باتت الحاجة إلى جهد استثنائي وتضحيات استثنائية وبرامج عمل ومواجهة لكل ما فرضته الحرب الكونية والحصارات وعنف جماعات الإرهاب وما ألحقته من دمار وخراب وضحايا وتلويث لقيم العمل والحياة والإخاء المجتمعي والإنساني .
هذه المواجهة الواسعة والجادة ضد جذور وأسباب ونتائج وتداعيات الأزمة لا يمكن انجازها والتغلب على شرور مسببيها الداخليين والخارجيين إلا بجبهة عريضة ومتكاتفة عمالية ونقابية وشعبية متحالفة مع القوى الوطنية والتقدمية السورية ومتعاونة مع أمثالها وأندادها ومع كافة الفصائل والتنظيمات المقاومة للهيمنة والاحتلالات والاستغلال والإرهاب على المستويات الوطنية والعربية والإقليمية والدولية ..
وتبقى الأسئلة المشروعة : هل تقوى النقابات وجماهير العمل على أداء هكذا مهام جسيمة ؟
وكيف يمكن ان تعمل لانجاز مقومات ووظائف المواجهة الواسعة ؟
وماهي سبل وشروط بناء الجبهة العريضة في ظل ظروفنا الذاتية والموضوعية نقابيا ووطنيا ؟ وكيف تستطيع سورية بمؤسساتها القيادية والسياسية والشعبية ان توظف الانتصار النهائي على المحنة وعلى الارهاب لصالح تعزيز قوة واستقلال الوطن وإعادة اعماره والارتقاء بمصالح وحياة مواطنيه وعماله ؟
لاشك ان مثل هذه التساؤلات والانشغالات بل والأعمق منها قد جرى طرحها والتعبير عنها في وثائق المؤتمر ومداخلات أعضائه وقيادة الاتحاد واجتماعات مكتبه التنفيذي السابق والجديد وربما تحوصلت مؤشرات رؤية نقابية ومشاريع حلول وبرامج عمل ومعالجات ولكننا نرى ان اغناء الخطاب النقابي وتطوير المنهج التربوي والعمل التنفيذي للحركة النقابية تحتاج صياغة استراتيجية المواجهة وإعادة البناء والاجابة على التساؤلات المطروحة والانشغالات المقلقة للعمال وأبناء الوطن .
ليس من حق أي من العمال وقواعد النقابات وقيادات الحلقات القاعدية والوسطى والمهنية والزملاء في الهيئة الواحدة ان يلقوا عبء أداء مهام المرحلة الراهنة ومسؤولية التقصير ان حدث على قمة الهيكل التنظيمي ورئاسة التنظيمات النقابية الأعلى وقيادة الاتحاد العام إذا تخلوا هم عن دورهم ومسؤولياتهم وكل في موقعه وهم مسؤولون على قدم المساواة وشركاء في أي فشل واخفاق ان حصل واذا تخلوا عن حقهم وواجبهم في المساهمة البناءة والمشاركة الفاعلة في مواجهة الأخطاء والسلبيات والتقصير .
و هم شركاء حقيقيون في النجاح والانتصار اذا رفدوا العمل المؤسساتي بخبراتهم وتجاربهم وساهموا بأعمال ونضالات عمالهم وبرامج عمل تنظيماتهم النقابية .
و لا يحق لأي منهم ومنا ان يسلك مع مؤسسات وقادة العمل العام والتنظيمات وجيشنا الباسل وقائد الوطن ويردد ما قاله اليهود للنبي موسى في رحلة شتاتهم " اذهب أنت وربك وقاتلا اننا ها هنا قاعدون " .
لنعمل جميعاً على بناء اتحاد للعمل والعمال والوطن يدافع عن حقوق العاملين والمنتجين ويحمي المستهلكين ويصون الوطن .