مواسم الأعياد والعام الجديد
دعوات للأمل والعمل
هي مواسم أمل ورجاء ومناشدة أبناء الأرض لخالقهم في السماء أن يمنّ عليهم وعلى أحبائهم بالخير والطمأنينة والغد الأفضل في العام الجديد الذي احتضنت بدايته بعد رأس السنة ذكرى المولد النبوي الشريف واستهلت قدومه ذكرى الميلاد المجيد رمزين عظيمين لمجد الله وسلامه ورحمته وبعث المسرة بين الناس .
دوماً كان الدعاء للوطن وسلامته وخيره وتقدمه جزءاً من طقوس أدعية السوريين وتمنياتهم ، مصحوباً بسعيهم ونضالهم من أجل تحقيق ذلك ، ويرافقه بالطبع الدعاء من أجل خيرهم وعائلاتهم ولكنه ومنذ محنته والعدوان عليه بات الوطن هو الساكن في وجدان وقلوب جميع محبيه ، وبات الأمل والعمل من أجل خلاصه يختزل خلاص جميع مواطنيه من مكث وانغرس منهم في ترابه وفوق أرضه ومن تهجّر من داره وبلده عائشاً ألم النزوح والغربة والتشتت والحاجة في كل أصقاع المعمورة ومعظمهم مواطنون طيبون وخراف صالحة أرهبتهم ولاحقتهم ذئاب من الداخل وتستغلهم وتنكل بهم وبكرامتهم ذئاب مجتمعات الغربة ووحوش الخارج في غابات الملاجئ والمنافي وبلدان الشتات .
مع مواسم الأعياد أرتبط الرجاء بمولد سورية المتجددة الرامية ثوب سواد الأحزان وآلام الإرهاب وإزاحته من على أكتاف ونفوس أبنائها الذين عانوا منه في عام منصرم غير مأسوف عليه أثقلت سجله جرائم وانتهاكات وممارسات قطيع هائج ارتضى أن يكون رعاته كل أعداء وطنه وأمته وقومه والحمقى من أبناء جلدته ، أوهموه بجهاد باطل تدفعه غرائزه الحيوانية وشهوات جسده في الحياة وما بعدها إلى قتل الآخر كل الآخر ونهبه وسبي حرائره ، وتـُحرّك كوامن الشر والعنف فيه روح التسلط والهيمنة فيعيث في الأرض فساداً بدل أعمارها ويقتل النفس التي أمر الله بالمحافظة عليها وإحيائها .
بين الميلادين المجيدين ميلاد السيد المسيح والمولد النبوي الشريف استمر العمل الوحشي لآلة الموت بل كثفه الإرهابيون وخاصة على العاصمة دمشق وعلى حلب وسكان المدن ولم تخجلهم روحانية المناسبتين حيث ولادة وتجدد ونشر قيم السماء ومحبة الله وسلامه ورحمته بالناس وهو رب العالمين الرحمن الرحيم ، لم تتوقف محاولتهم لاغتيال ميلاد الحياة ووأد السلام والرحمة ، وأبوا أن يتركوا لكل المؤمنين الموحدين والمتوحدين بالله والوطن فرصة أن يعيشوا في أجواء روحانية يحيون فيها الذكرى السامية لهاتين المناسبتين الدينيتين واحترام رمزيتهما وتزامنهما هذا العام ترسيخاً لوحدة أبناء الوطن السوري وتقاليدهم الرائعة في العيش المشترك .
لاحقت احتفالات شعبنا الدينية في الجوامع والكنائس قذائف التدمير والموت تبعثها المجموعات الإرهابية المسلحة رسائل حقد بدلاً من رسائل التبريك لهذه الأمة والتمني لها بأن تظل سورياها ككل تاريخها حاملة رسائل الإيمان والمحبة وناشرة لقيم الديانات السماوية السمحاء .
لم يكن هناك للسوريين متسعاً للفرح ولا رغبة في أهازيج الأعياد في غمرة أحزان أهلنا وشعبنا بسبب فقدنا جميعاً للغالين من أبنائنا الشهداء جنودا ومدنيين وعمالاً وفي ظل الغلاء وجشع التجار الذين حرموا ملايين الآباء من القدرة على إسعاد أطفالهم بلباس العيد وهداياه ، بل رغب أبناء الوطن بفسحة هادئة من طقوس العبادة ومناشدة السماء أن تحمي سورية وأبناءها وتعزز سواعد وأيمان وحكمة رجالها المخلصين لإنقاذ الوطن من شرور أعدائه وجهالة العاقين من سكانه وتخليصه وشعبه من براثن ومكائد الحمقى من أولياء الأمر المتحكمين " بأشقائه الأعراب " والطامعين من خصومه الأغراب الذين يصدرّون معاً المقاتلين وفقه وأدوات آلة الحرب والموت والتفرقة ويحملون إلينا من خارج الحدود كائنات ربّوها على الحقد والتطرف والعصبية الضيقة وثقافة الموت ليقتلوا الحياة والأمن والفرح في سورية وفي كل بقاع الأرض وليسرقوا بسمة أطفالنا وفرحة أعيادهم .
هم يسعون ويستشرسون ومعهم كل داعميهم ، لكن شعبنا الصامد وقواتنا المسلحة الباسلة وقيادتنا الشجاعة التي تقضي ليلة رأس السنة مع المقاتلين والمقاومين على خطوط المواجهة وضد الإرهاب وتحتفل تكريماً للأعياد والشهداء وتضامناً مع بسالة المقاومين والحكماء الساعين إلى السلام والوحدة الوطنية بالتعاون مع القوى السياسية في الداخل السوري التي تسعى لمبادرات الحل السياسي وإنقاذ سورية .
هي جهود ومواقف كفيلة جميعها بالتغلب على المحنة والعدوان ، واحتفال سورية بعام أفضل وغدٍ أكثر سعادة ووطن أقوى وأمنع يصنعه الأنقياء والبواسل والحكماء من شعبنا .
أديب ميرو