سورية لن نبخل عليها بشيء
قراءة فكرية في شعار المؤتمر الـ26 للاتحاد العام لنقابات العمال
1/2
بسام جبلاوي
مدير المعهد النقابي المركزي
سورية أغلى من الذهب لأنها درة الشرق ونقطة التقاء الجغرافية مع التاريخ كما هي خط تماس التاريخ مع الجغرافية انها من أقدم بلاد العالم التي شهدت حياة الإنسان وكانت منذ العصور الغابرة محط أنظار الفاتحين نظرا لموقعها كطريق بين العراق والبحر الأبيض المتوسط وامتزجت على أرضها حضارة الشرق بحضارة اليونان فازدهرت حضارة هيلنيستية كان لها فلاسفة وعلماء ماتزال آثارهم بين أيدي الباحثين والدارسين إلى اليوم واتخذت الدولة الأموية دمشق عاصمة للامبراطورية المترامية الأطراف التي أقامها العرب في القرنين الأول والثاني من الهجرة ومن أرضها انطلقت الفتوحات العربية الاسلامية فحملت إلى المشرق والمغرب رسالة انسانية حضارية انتشرت علومها ومكتباتها من حدود الصين شرقا إلى المحيط الأطلنطي غربا.
سورية أرض الحرب والسلام كما هي أرض الإنسان والايمان وأرض الحضارات وينبوع الثقافات ومعلم الأبجديات.. هي الأرض التي اصطفاها الله وكللتها الشمس كما هيأها موقعها للانفتاح على الحضارات الانسانية.
لهذه الأسباب والمعطيات التاريخية والحقائق الخالدة اختار الاتحاد العام لنقابات العمال في الجمهورية العربية السورية شعاره للمؤتمر العام الـ26 مقولة السيد الرئيس بشار الأسد: (سورية تستحق منا كل الجهد والعرق والعمل، ونحن لن نبخل عليها بشيء، كما لم يبخل أبطالنا بدمائهم وأرواحهم).
ويعتبر المؤتمر العام ذروة المؤتمرات النقابية التي تعقدها الطبقة العاملة في القطر من القاعدة وحتى القمة ترسيخا للمبادئ الديمقراطية التي أرسى قواعدها قانون التنظيم النقابي والمؤتمر الـ26 الذي سيعقد في 18/1/2015 في ظل فترة حرجة وهامة من تاريخ قطرنا فترة تتسم بهجمة عدوانية خبيثة لم يسبق لها نظير حملة امبريالية شرسة حبلى بالنوايا الماكرة ومؤامرة مستمرأة ودائمة تستهدف ضرب الوحدة الوطنية وتدمير منجزات قطرنا الحضارية والاقتصادية الضخمة ومحاولة تحطيم صروحنا العلمية والانسانية التي بنيت بالعرق والدم.
وسورية التي تتصدر المواجهة مع الكيان الصهيوني تعتبر من أكثر البلدان معاناة من ظهور اسرائيل التوسعية والمعتدية في قلب المنطقة في النقطة ذاتها التي تفصل بين آسيا العربية وافريقيا العربية. وكان الثمن الباهظ الذي تكبدته سورية وماتزال تتكبده في عناء التصدي لجميع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة والتي ما انفكت على اختلاف تياراتها السياسية في حياكة كل أشكال التآمر والمناورات والألاعيب والتهديدات للنيل من النهج القومي لسورية.
ولاريب ان الحركة النقابية التي سينعقد مؤتمرها الـ26 تحت هذا الشعار تجسد مهامها الأساسية المتبلورة في الجهد والعرق والعمل والعطاء ومعانيه ومتطلباته والتضحية بكل ما تتطلبه هذه المرحلة وغيرها وما يستوجب إلى ذلك في حمل الراية وهي تثبت للآخرين مصداقية موقفنا في سورية وحقيقة البرنامج الامبريالي الصهيوني وأطماعه في بلادنا.
إن عقد المؤتمر الـ26 للحركة العمالية في قطرنا في ظل هذا الشعار دليل على مدى وعي تنظيمنا النقابي لطبيعة المرحلة الراهنة ومقتضياتها وتصميمها على توفير مستلزمات العطاء والتضحية والبناء والفداء.
وغني عن البيان ان سورية شغلت مكانة بارزة مرموقة في المنطقة والعالم وحظيت باحترام الجميع وتقديرهم كما أغاظت في الوقت عينه أنظمة دول كثيرة من هذا الجميع ما الأسباب..؟
يعود جوهر هذه الأسباب إلى مصداقية مواقفها ومبدئية سياساتها اضافة انها رأس الحربة في ساحة الصراع مع الأعداء ولعل هذه الأسباب في الوقت ذاته ترتفع إلى منزلة متميزة ومؤثرة يحسب حسابها في كل قضايا المنطقة ومسائلها وكل شأن من شؤون البلدان المحيطة بها.. لأن بعضهم أراد من دمشق ان تكون فرس الرهان فكسبت الرهان ودحرت جميع المتراهنين سواء كانوا في دائرة المؤامرة أو خارجها وحافظت عاصمة قلب العروبة النابض على توازنها واستطاعت ضبط نبض الايقاع في خرقها لعصر التنازلات ولجم كباح مسار الهرولة في الانهيارات.
ومن هنا يأتي مغزى ترابط الساعدين في تلاحم بندقية الجندي المقاتل وزند العامل المعطاء وتلازمهما من أجل بناء الوطن والدفاع عنه ومن هنا يأتي مغزى شعار المؤتمر ومضامينه في العمل والعطاء والتضحية والفداء وصفاء الدم المقدس لجنودنا البواسل وأرواح شهدائنا الأبرار.
ومن هنا ينبغي علينا ان عمل بكل حماسة وإقبال واخلاص على بذل المزيد من الجهد والعرق لنكون على قدر مواجهة المؤامرة وعلى قدر دور الطبقة العاملة التاريخي في ميدانها النضالي وعلى قدر الثقة التي أولتنا إياها جماهير العمال ولنكون على مستوى الشعار الذي ترفعه حركتنا النقابية لمؤتمرها العام: (سورية تستحق منا كل الجهد والعرق والعمل، ونحن لن نبخل عليها بشيء، كما لم يبخل أبطالنا بدمائهم وأرواحهم).
لكي نكون على هذا المستوى ونجسد هذا الشعار قولا وفعلا لابد من ان نناضل ليل نهار في جميع ميادين العمل ومجالاته لأجل زيادة الانتاج وتطويره وتحسينه لاسيما وان المسألة الوطنية والمسألة الانتاجية متكاملتين لا تنفصل احداهما عن الأخرى وهما تشكلان العمود الفقري لعملية المواجهة الشاملة واذا كانت الوطنية تعمل ولا تتكلم فإن الوطنية هي ينبوع التضحية وبئس الرجل الذي يفر من التضحية والفداء انه كالذي يفر من الخلود إلى الفناء.
05/01/2015