الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

حماية القانون الدولي للعمالة المهاجرة 1/4

حماية القانون الدولي للعمالة المهاجرة
مقدمة
احتلت مسألة هجرة العمالة , أو تنقل الناس عبر الحدود من أجل العمل , قمة جدول أعمال السياسة العامة في العديد من بلدان الأصل , والعبور والمقصد , وتزيد حاليا الحكومات والموجودة على طرفي طيف الهجرة من قدراتها التنظيمية من أجل إدارة المسائل المتعلقة بتنقل العمالة بما يخدم مصالح المجتمع والمهاجرين والدولة , وما فتئ العديد من هذه الدول يلجأ أكثر إلى منظمات دولية وإقليمية من أجل الحصول على دعم الخبراء بغية وضع سياسات فعالة في مجال هجرة العمالة , ويسعى عدد متزايد من البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية إلى اعتماد سياسات ترمي إلى تشجيع العمل في الخارج بالنسبة لجزء من قوتها العاملة وبالتالي توليد إيرادات من التحويلات المالية , مع تقديم ضمانات لحماية مواطنيها في الخارج , وثمة بلدان متوسطة الدخل تعد أيضا بلدان مقصد وتسعى إلى إيجاد سبل لتحسين إدارة تدفقات العمال فيها , وهناك بلدان عديدة مرتفعة الدخل , رغم عراقة سياساتها المتعلقة بالهجرة . يتعين عليها التكيف باستمرار لتلبية احتياجات سوق العمل, وجذب المهاجرين ذوي المهارات , وتلبية الطلب على العمال ذوي المهارات المنخفضة , والحد من الهجرة غير النظامية والتخفيف من أي آثار ضارة لهجرة الكفاءات من بلدان الأصل .
ومن أصل عدد المهاجرين في العالم والذين يقدر عددهم بزهاء 191 مليون مهاجر , من المعتقد أن حوالي 90 مليونا منهم مهاجرون من أجل العمل . وهذا الرقم أكبر بكثير إذا أخذ الأشخاص المعالون في الاعتبار . لذا فإن إدارة تدفقات الهجرة أمر حاسم , نظرا إلى حجمها الهائل واحتمال زيادة الهجرة الدولية من أجل العمل في المستقبل . واحتلت مسألة هجرة العمالة , أو تنقل الناس عبر الحدود من أجل العمل قمة جدول أعمال السياسة العامة في العديد من بلدان الأصل , والعبور والمقصد . وتزيد الحكومات على طرفي طيف الهجرة الآن قدراتها التنظيمية من أجل إدارة المسائل المتعلقة بتنقل العمالة بما يخدم مصالح المجتمع والمهاجرين والدولة . وفي الحين ذاته , تعد الهجرة بغرض العمل , بحكم طبيعتها الجوهرية , ظاهرة شاملة مستعرضة أو ظاهرة عبر وطنية , وبالتالي لا يمكن إدارتها او التصدي لها على الصعيد الوطني فحسب . ذلك ان وضع سياسات وممارسات فعالة ومنصفة ومستدامة في مجال هجرة العمالة أمر يقتضي التعاون بين جميع الدول المعنية بالعملية ( أي بلدان الأصل والعبور والمقصد ) على كافة المستويات الحكومية , إلى جانب جهات رئيسية أخرى من أصحاب المصالح , ولا سيما الشركاء الاجتماعيون ( أصحاب العمل ونقابات العمال ) ومنظمات المجتمع المدني .
إن هجرة العمال الدولية واقع حتمي متزايد بالنسبة إلى معظم البلدان , بما فيها الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للهجرة ومنظمة العمل الدولية والدول المشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا , ويمكن تصنيف الدول إلى بلدان أصل وبلدان مقصد , أو إلى بلدان مرسلة وبلدان مستقبلة , وتواجه في الواقع أولويات وقضايا مشتركة ومختلفة من حيث التأكيد في آن معا . ومع ذلك تعد الهجرة عند وضع سياسة لهجرة العمالة , عملية دينامية حيث إن بلدان الأصل اليوم قد تصبح بلدان مقصد غدا , فتجربة بلدان جنوب أوروبا وشمال إفريقيا مثال جيد للغاية على تغير دينامية الهجرة . وعلاوة على ذلك هناك بلدان عديدة تعد أيضا بلدان أصل وبلدان مقصد إلى حد ما , وقد ازدادت هذه في أعقاب اضطرابات في بلدان عديدة وشكلت عبئا اقتصاديا واجتماعيا على الدول المستقبلية.
ولأن تنقل الأشخاص لأسباب تتعلق بالأمر سيظل قائما في عالمنا المعلوم ومن المحتمل أن يزيد , فإن إدارة هجرة العمالة إدارة شاملة فعالة ومنصفة أمر ضروري لتعظيم الآثار الايجابية لهذه الهجرة والتقليل ما أمكن من أي آثار سلبية لها في كل من البلدان الأصل وبلدان المقصد فضلا عن العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
1- لماذا وضع دليل عن هجرة الأيدي العاملة ؟
الهدف من هذا الدليل مساعدة الدول في جهودها الرامية إلى وضع حلول ونهج جديدة في مجال السياسة العامة من أجل تحسين إدارة هجرة الأيدي العاملة وتدفقات هجرة الأيدي العاملة في بلدان الأصل وبلدان المقصد.
ويتضمن هذا البحث تحليلا للسياسات والممارسات الفعالة في مجال هجرة العمالة , بالاستناد إلى أمثلة من الدول المشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وبلدان أخرى لها تجربة كبيرة في هذا الميدان ووضعت سياسات ابتكاريه وممارسات جيدة عديدة.
والقصد من هذا البحث له وجهان هما:
- تقديم معلومات حديثة ومفيدة عن سياسات هجرة العمالة في كل من بلدان الأصل وبلدان المقصد إضافة إلى عرض التطورات ذات الصلة التي طرأت عليها.
- مساعدة واضعي السياسات في الدول المشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والشركاء المتوسطين في بلدان التعاون إضافة إلى بلدان الأعضاء في منظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة في وضع سياساتهم أو تنقيحها من خلال تقديم أمثلة عن السياسات والممارسات الجيدة والفعالة.
يعد هذا الدليل الذي يشمل كلا من بلدان الأصل وبلدان المقصد الوثيقة الحديثة والشاملة الوحيدة التي تبحث بشأن هجرة العمالة , وتعد هذه الطبعة المزودة بأمثلة عملية من منطقة البحر الأبيض المتوسط , تكملة لمبادرات جارية في المنطقة منها ما يلي:
- برامج منظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة بشأن هجرة العمالة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
- شراكة بين الاتحاد الأوروبي وشركائه في البحر الأبيض المتوسط.
- حوار 55 بشأن الهجرة غرب البحر الأبيض المتوسط ( الجزائر – فرنسا – إيطاليا – ليبيا – مالطة – موريتانيا – المغرب – البرتغال – إسبانيا - تونس ).
- الحوار بشأن الهجرة في غرب البحر الأبيض المتوسط الذي يجريه المركز الدولي لوضع سياسات الهجرة , ومنظمة الشرطة الأوروبية والوكالة الأوروبية لإدارة التعاون العملياتي على الحدود الخارجية لدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي.
- الشراكة الأوروبي الإفريقية للهجرة والتنمية وخطة عمل الرباط.
- المؤتمر الوزاري للإتحاد الأوروبي وإفريقيا بشأن الهجرة والتنمية المعقود في طرابلس في تشرين الثاني / نوفمبر 2006 والإعلان المشترك بين إفريقيا والإتحاد الأوروبي بشأن الهجرة والتنمية.
- خريطة الطريق من أجل العمل بشأن ، هجرة العمالة والتنمية التي اعتمدت في الحوار الأقاليمي الأفريقي الأوروبي بشأن هجرة العمالة من أجل التكامل والتنمية المعقود في بروكسل في نيسان / أبريل 2006.
ووضعت مسألة الهجرة على جدول أعمال منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في 1975, باعتماد وثيقة هلسنكي الختامية ( 1975) التي جعلت من حرية التنقل أحد التزاماتها السياسية وتناولت بشكل مباشر الهجرة الدولية للعمال . وقد استقبل عدد من الدول المشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أعدادا كبيرة من المهاجرين بينما لا يزال بعضها بصدد وضع سياسة شاملة وأطر قانونيا لحماية المهاجرين وحظيت القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان الخاصة بالمهاجرين والعمال المهاجرين , بوجه خاص  باهتمام متزايد من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على مدى السنوات القليلة الماضية , ووضعت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عدة التزامات مهمة لتيسير تنقل الأشخاص عبر الحدود , وكذلك داخل بلدانهم وثمة التزامات خاصة أيضا تتعلق بمعاملة العمال المهاجرين.
- توصيات الحلقة الدراسية المتوسطية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لعام 2006 في شرم الشيخ.
- توصيات الحلقة الدراسية المتوسطية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لعام 2005 في الرباط.
- المقرر رقم 250 بشأن الهجرة ( كانون الأول / ديسمبر 2005 ).
- البيان الوزاري المتعلق بالهجرة ( كانون الأول / ديسمبر 2006 ).
- تقرير مقدم إلى المجلس الوزاري بشأن أنشطة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مجال الهجرة في عام 2006.
- إستراتيجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للتصدي للمخاطر التي تهدد الأمن والاستقرار في القرن الحادي والعشرين ( كانون الأول / ديسمبر 2003 ).
- مقرر المجلس الدائم رقم 571 بشأن مواصلة الحوار والتعاون مع الشركاء من أجل التعاون واستكشاف النطاق لتوسيع تبادل المعايير والمبادئ والالتزامات في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مع أطراف أخرى ( كانون الأول / ديسمبر 2003 ).
أحمد حباب
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال
أمين العلاقات العربية والدولية
 


مشاركة :
طباعة