الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

منظمة العمل الدولية وهجرة الأيدي العاملة سياسات ونصوص

منظمة العمل الدولية وهجرة الأيدي العاملة
سياسات ونصوص

2 / 3

سادساً – سياسات قبول الأيدي العاملة الأجنبية:
يجب على واضعي السياسات عند صياغة سياسات قبول الأيدي العاملة الأجنبية أن يقوموا إضافة إلى تطبيق منهجيات لتقييم نقص الأيدي العاملة بوضع آليات تقيس إلى أي مدى ينبغي سد ذلك النقص في الأيدي العاملة الأجنبية وسبل توجيهها إلى قطاع العمل أو المنطقة المعنيين ويجب عليهم كذلك أن يقرروا ما إذا كان ينبغي إعطاء الأولوية للهجرة المؤقتة للأيدي العاملة وهو خيار يحظى بأهمية متزايدة لدى العديد من بلدان المقصد أو لقنوات الهجرة التي تؤدي إلى وضع إقامة مضمون أو إقامة دائمة ويركز الدليل تركيزاً خاصا على الهجرة المؤقتة للأيدي العاملة نظراً لانتشارها في بلدان عديدة ولأنها تعتبر عندما يمكن صياغة سياسات مناسبة وعادلة وتنفيذها حلا مجدياً من حيث سد النقص في أسواق العمل في بلدان المقصد وتضمن في الوقت ذاته عدم حرمان بلدان المنشأ من موارد بشرية قيمة وخاصة العمال المهرة غير أن الهجرة القائمة على العمل ما فتئت تعتبر خياراً جديا يجري استكشافه في عدد من البلدان الأوروبية بالنظر إلى حدة التفاوتات الديموغرافية والمادية.
وقد أدت العولمة إلى زيادة نمو البرامج الخاصة بالعامل المهاجر المؤقت في العديد من بلدان المقصد الصناعية , وهذه إحدى النتائج المترتبة على نمو أسواق العمل "المرنة" , ونظرا لتزايد اعتماد أصحاب العمل على الأيدي العاملة المهاجرة المؤقتة , ولا سيما في القطاعات التي لا تطلب مهارات عالية مثل الزراعة والبناء وصناعة الأغذية والخدمات, من المرجح أن تتزايد هذه البرامج عددا وتعقدا, حيث يحاول واضعو السياسات إيجاد أساليب ابتكاريه لتوجيه القبول القانوني للعمال المهاجرين على المدى القصير إلى القطاعات المعنية , وثمة أيضا اهتمام متجدد بمفهوم الهجرة الدورية المؤقتة للأيدي العاملة.
وتثار مسألتان رئيسيتان على مستوى السياسات عند تصميم خطط مجدية خاصة بالعمال المهاجرين المؤقتين هما السبل الكفيلة بأن تتيح البرامج المزايا المحددة وأن يعامل هؤلاء معاملة لائقة وعادلة , ويجب التريث أيضا عند مفهوم مناقشة الهجرة " المؤقتة " للأيدي العاملة .
فمن المهم التمييز بين السياسات الحكومية التي تقبل العمال المهاجرين لفترة محدودة بهدف واضح هو أنهم سيعودون إلى بلدهم الأصلي بعد نهاية تلك الفترة , وخطط أكثر انفتاحا لهجرة الأيدي العاملة تتيح إمكانية الإقامة.
ويقبل العديد من العمال المهاجرين , لا سيما من لديهم مهارات أعلى من المتوسط , من خلال قنوات قبول أكثر انتظاما , يمكن وصفها باعتبارها " نظم تسريح العمل المادي " , وبينما تنص أغلب إجراءات تصاريح العمل على عمل مؤقت , فإن تطبيقها يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى وصول العمال المهاجرين بكل حرية إلى سوق العمل وحصولهم على إقامة مضمونة أو دائمة, وبذلك فإن هذه الإجراءات يمكن أن تصبح نظاما للهجرة القائمة على العمل.
وينشأ عدد من المسائل الهامة فيما يتعلق بنظام تسريح العمال , تؤثر على تنفيذه على صعيد الممارسة وعلى المعاملة التي يتلاقها العمال المهاجرون , وعندما تكون لصاحب العمل سلطة كبيرة على العمال , يمكن أن يؤدي ذلك إلى حالات إساءة المعاملة , وبالإضافة إلى ذلك فإن الإجراءات المفرطة في البيروقراطية تقوض فعالية نظام تصريح العمل.
وتتعلق البرامج الشائعة الخاصة بالهجرة المؤقتة للأيدي العاملة وترتيبات توجيه العمال المهاجرين إلى قطاعات محددة في الاقتصادي تعاني من نقص كبير في الأيدي العاملة , وتعتبر مسائل حماية العمال المهاجرين , والتعاون الوثيق والمتأني بين الجهات ذات الصلة من أصحاب المصلحة في بلدان المنشأ والمقصد على حد سواء , والمساعدة على العودة , مسائل مختلفة غير أنها مرتبطة وينبغي تناولها بعناية بغية تصميم تلك الخطط تصميمها ناجحا , وتعدد الخطط الخاصة بالعمال المتدربين أيضا مصدرا من مصادر الهجرة المؤقتة لليد العاملة , وعندما تنظم هذه الخطط تنظيما مناسبا ومنصفا , يمكنها أن تتيح مزايا شخصية للعمال المهاجرين المشاركين لأن بإمكانهم اكتساب مهارات هاما وتدريبا أثناء العمل في بلد المقصد , ويمكن أن تستفيد من هذه الخطط بلدان المنشأ أيضا بفضل نقل المهارات والدراية عند عودة العمال المهاجرين إلى بلدهم.
وقد ظل العمل في الخدمة المنزلية عنصرا هاما من عناصر ظاهرة الهجرة المتزايدة , ولا سيما فيما يتعلق بالنساء.
وبينما كان لهجرة الأيدي العاملة أثر تمكيني على النساء من حيث اكتساب قدرة أكبر من الثقة بالنفس ومزيد من الاستقلالية الاقتصادية , توجد في أسواق العمل المقنعة غير الرسمية التي لا تخضع للحماية عدة نساء مهاجرات بصفة غير قانونية , بمن فيهم خدم المنازل من التشريع الخاص بالأيدي العاملة وتبقى ظروف عملهم غير منظمة , وبالتالي فإن من المهم جدا بالنسبة إلى بلدان المقصد الاعتراف بالمستوى العالي من الطلب على خدم المنازل من الأجانب وأهمية اعتماد سياسات واضحة , والحقيقة إن السياسات الفعالة قد حسنت وضع العاملات المهاجرات .
وبينما يمكن للهجرة المؤقتة للأيدي العاملة أن تفيد جميع الأطراف المعنية بهذه العملية ( بلدان المنشأ والمقصد والعمال المهاجرين أنفسهم), إذا ما أديرت إدارة مناسبة وعادلة , هناك عدد من مسائل السياسة العامة الهامة التي ينبغي أن يحاول المديرون والموظفون التطرق إليها من قبل المشروع في وضع برامج خاصة بالهجرة المؤقتة للأيدي العاملة , فينبغي أن ينظروا أولا في مزايا هذا النوع من أنواع الهجرة تجاه الهجرة القائمة على العمل والظروف التي يمكن تشجيعها فيها , وأن يحاولوا في الوقت ذاته , بالتعاون مع بلدان المنشأ النامية , ضمان عدم حرمان هذه البلدان من أفضل كفاءاتها , وثانيا لئن كان مفهوم الهجرة المؤقتة والهجرة الدورية للأيدي العاملة يبدوان سليمين من الناحية النظرية , يتزايد طرح أسئلة بشأن تصميم هذه البرامج لكي تنفذ بنجاح في المستقبل , في إخفاق السياسة العامة التي شهدتها تلك الخطط , وينبغي حل مسألتين على وجه التحديد هما: ضمان عودة العمال المهاجرين المؤقتين إلى بلدهم الأصلي , وكفالة تمتعهم بعمالة منصفة في بلد المقصد , لأن وضع إقامتهم وعملهم يتيح لهم ضمانات أقل.
سابعا: سياسات ما بعد القبول: تنظيم سوق الأيدي العاملة وحماية العمال المهاجرين والتلاحم الاجتماعي:
سياسات ما بعد القبول بعدد من العناصر المترابط لتنظيم سوق العمل وضمان حماية العمال ودعم رفاه المجتمع , ومن الضروري عموما اتخاذ تدابير هامة في خمسة مجالات هي:
- تنظيم سوق العمل.
- حماية العمال المهاجرين ( والمواطنين ) في سياق العمل.
- تيسير التلاحم الاجتماعي.
- تحسين الرفاه الاجتماعي.
- توفير الضمان الاجتماعي.
وتوجد أغلب هذه التدابير أيضا في المعايير الدنيا الخاصة بحقوق الإنسان الدولية والهياكل الدولية لقانون العمل التي تعتبر بلدان منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أطرافا فيها , وفي بعض الحالات يمكن أن تساهم التدابير التشريعية الوطنية لبلدان المنشأ مساهمة كبيرة أيضا في حماية عمالها عندما يعملون في الخارج.
ويهتم تنظيم سوق العمل بالحصول على العمل والوظيفة في بلدان المقصد , سواء تعلق الأمر بأول عمل يحصل عليه المهاجر أو بعمل ثاني إذا أصبح عاطلا عن العمل , ويمكن أن تؤثر القواعد المرتبطة بالاعتراف بالشهادات والكفاءات تأثيرا كبيرا أيضا في مستوى المهارات المطلوبة للعمل الذي يسمح للعمال المهاجرين بالحصول عليه مما يخلف أثرا هاما في قدر مساهمتهم الاقتصادية والاجتماعية لصالح بلد المقصد وكذلك في تحويلاتهم والوسائل الممكنة لتعزيز تنمية بلدانهم الأصلية .
ولئن كانت الدول تحتفظ بحقوقها في السيادة على سياساتها الخاصة بالهجرة , فإن القانون الدولي قد أنشأ عددا من المبادئ التي تنص على المساواة في المعاملة بين العمال المهاجرين القانونين والمواطنين في مجال العمل والوظيفة , بما في ذلك رصد شروط العمل وظروفه والحصول على التدريب المهني , ودروس اللغة والاندماج والسماح بحرية تكوين الجمعيات , والحماية من التمييز . وتنطبق حقوق الإنسان العالمية الرئيسية على جميع المهاجرين , بصرف النظر عن وضعهم , وتنص طائفة عريضة من قواعد العمل الدولية على الحماية في المعاملة وظروف العمل.
ويعد تفتيش العمل أداة الإشراف الرئيسية لتطبيق معايير العمل , وهو يعد وسيلة هامة لرصد وإنفاذ المساواة في معاملة العمال المهاجرين وعملهم في ظروف ملائمة , ويرتبط غياب تفتيش العمل في القطاعات وأماكن العمل التي تجتذب العمال المهاجرين بتعدد حالات الاستغلال وإساءة المعاملة , فضلا عن تشغيل عمال غير مرخص لهم.
ويمكن تيسير التلاحم الاجتماعي في بلدان المقصد إلى حد كبير إذا تم التصدي للتمييز ضد العمال المهاجرين وأسرهم والقضاء عليه , وعلاوة على ذلك فإن التدابير المناسبة التي تساعد على اندماج المهاجرين في المجتمع وتتيح إمكانيات لم شمل الأسرة تضطلع أيضا بدور هام في منع تهميش المهاجرين وتشجيع التلاحم الاجتماعي.
ويتعزز الرفاه الجماعي للعمال المهاجرين وأسرهم في بلدان المقصد بالحصول المناسب على الرعاية الصحية والسكن والتعليم على قدر المساواة مع ما هو متاح للمواطنين , كما أن هذه المجالات منصوص عليها بقوة في أهم الحقوق الاجتماعية المحمية في حقوق الإنسان وقوانين العمل الدولية التي تلتزم بها تقريبا جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
ويواجه العمال المهاجرون صعوبات خاصة في ميدان الضمان الاجتماعي , نظرا لكون استحقاقات الضمان الاجتماعي ترتبط عادة بفترات العمل أو الاشتراكات أو الإقامة , ويتعرض العمال المهاجرون لخطر فقدان مستحقاتهم في الضمان الاجتماعي في بلدهم الأصلي بسبب غيابهم , ويمكن أن يتعرضوا في الوقت ذاته لشروط تقييدية في البلد المضيف فيما يتعلق باستفادتهم من نظام الضمان الاجتماعي الوطني , ولذلك فإن للعمال المهاجرين مصالح خاصة في الاستفادة على قدم المساواة من الضمان الاجتماعي والحصول على إعاناته شأنهم في ذلك شأن العمال الوطنيين والحفاظ على الحقوق المكتسبة عند مغادرة البلد ( بما في ذلك نقل استحقاقاتهم إلى بلد المقصد ) والاستفادة من تراكم الحقوق المكتسبة في مختلف البلدان.
ثامنا: التدابير الرامية إلى منع هجرة العمالة غير النظامية أو الحد منها:
ثمة عدد من الأسباب الجيدة التي يمكن أن تعلل ضرورة الحد من الهجرة غير النظامية أو منعها مثل الحاجة إلى تأمين مصداقية سياسات الهجرة القانونية , وحماية العمال المهاجرين من الأوضاع الاستغلالية والإعتسافية والحفاظ على العلاقات الجيدة بين بلدان المنشأ والعبور والمقصد.
يتكون المهاجرون غير النظاميين إلى حد كبير من فئتين من الناس , أولا : هناك أولئك الذين يصلون بصورة سرية مع ما يترتب على ذلك من عواقب مأسوية أحيانا , وتشمل الفئة الثانية المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون بصورة قانونية ( بتأشير سياحة أو دراسة على سبيل المثال ) ثم يتجاوزون فترة الإقامة المحددة في تأشيراتهم , ومن الشائع المسلم به غالبية المهاجرين غير النظاميين تقع ضمن الفئة الثانية.
لقد أدت الشواغل إزاء الانتهاكات الواسعة الانتشار المرتبطة بالهجرة غير النظامية إلى اعتماد مجتمع دولي لعدد من الاستجابات المركزة على منع هذه الانتهاكات خلال مطالبة الدول باتخاذ التدابير التي من شأنها كشف حركات المهاجرين السرية في ظروف اعتسافية والعمل غير القانوني , بما في ذلك الاتجار في العمالة , والقضاء عليه وفرض عقوبات بشأنه وحماية حقوق العمال المهاجرين غير النظاميين لا سيما حقوق الإنسان الأساسية إضافة إلى حقوقهم الناشئة من العمل السابق ( الأجور غير المدفوعة وما إلى ذلك).

أحمد حباب
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام
أمين العلاقات العربية والدولية





 


مشاركة :
طباعة