المبادرة والقيمة المضافة
بسام جبلاوي
مدير المعهد النقابي المركزي
من السهل جدا ان ننتقد عملا ما بينما من الصعوبة بمكان ابتكار هذا العمل أو المبادرة إليه رغم ما يمثله العمل من حياة للجسد وبهجة للنفس وهذا ما يطبع أثره على صانعه أو مؤلفه لذا الأعمال الصادقة تبقى وكل شيء خلافها يفنى وخير مرآة للمرء يرى فيها نفسه هي عمله وهذا ما تجسده المبادرة والأخيرة تعتبر أبلغ خطاب في مرآة العمل والرائد في عمله هو من يكثر من صقل هذه المرآة لأنه في المبادرة قد يخطئ ويصيب إلا انه لايمكن ان يكون العمل كله خطأ لأن صاحب المبادرة يجتهد دوماً إلى ما يعتقد انه الصواب لاسيما وان وظيفة وشغل الفكر هو الارشاد للعمل.
قال الشاعر:
سآتي جميلاً ما حييت فإنني إذا ما أفد شكراً أفدت به أجراً
ولاغرو ان أي مبادرة تبدأ بفكرة ثم يبدأ التجسيد بالعمل كالعامل الذي يزيح جبلا يبدأ بنقل الصخور الصغيرة وكلما ازداد العمل ازدادت المبادرات وهذه لا تنقضي.
التعاون:
لاريب ان أي شيء في مجال العمل الناجح يحتاج إلى مبادرة جادة وجدية المبادرة ونجاح العمل وانجازه بالشكل اللائق والمطلوب في الوقت والمواصفات يحتاج إلى تعاون ولأن التعاون قانون الطبيعة فما من أحد يستطيع ان ينجز بمفرده كل العمل وفي جميع الظروف وتحت كل أنواع اليافطات لايوجد أحد يعمل وحده كل البشر للفرد الواحد والعكس بالعكس.
إن الناس جميعا في هذه الحياة يتعاونون ولولا التعاون لما تمكن الإنسان من الحياة بمفرده.. الإنسان ضعيف بمفرده قوي بإخوانه وهو محدود القدرة محدود الجهد محدود القوة أما الجماعة المتعاونة فهي كبيرة في قدرتها عظيمة في جهدها قوية في وجودها ناجحة في أعمالها لايعجز القوم إذا تعاونوا فالحمل الثقيل على الجماعة ريش. والتعاون طريق للنجاح في العمل والنجاح في الحياة. قال الشاعر:
إذا العبء الثقيل توزعته أكف القوم خف على الرقاب
المسؤولية بين الموهبة والمبادرة:
عندما يستلم أحد وظيفة جديدة على اختلاف درجاتها فلاشك ان هذا يعني ثقة ومسؤولية وأمانة كبيرة ووديعة ثمينة يجب المحافظة عليها بكل اصرار واخلاص وأخلاق كما ان هناك مهمات كثيرة جسيمة تنتظر هذا المرء عليه ان يضطلع بها ويؤديها بفاعلية واضحة وجودة عالية ويحقق الأهداف بنسبة كبيرة واتقان فائق وهذه من مواهب النفس وبهذا الصدد يقول ألبرتو مورافيا: إذا أردت ان تعرف أخلاق رجل فضع في يده سلطة ثم انظر كيف يتصرف.
وللاشارة أيضا فإنه لاينجح أحد بالموهبة فقط الله يعطي الموهبة والعمل يحولها إلى مبادرة في عجلة الحياة مما يعني ان الحياة عجلة فإما ان ينطلق بها المرء وإما ان تنطلق به وهنا تلعب الموهبة دورها بخلق الحوافز القوية والأهداف الثمينة في روح المبادرة وإيقاظها خوفا عليها من الدعة والكسل ووعورة الطريق واللامبالاة وهذه من أشد أعداء المبادرة لذا قيل: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.
المبادرة بين النجاح والفشل:
انطلاقا مما سبق نرى ان الحاجة تتطلب من الإنسان ان يبادر للعمل دوماً وبتفاؤل وهذا ما يساعده على خلق مزيد من فرص النجاح والثبات طريق النجاح ولايعني فشل مبادرة ما ان يخيم اليأس على صاحب المبادرة قد نفشل ونفشل مع ذلك لابد من المبادرة ربما عشر مبادرات تفشل وتنجح واحدة وإذا عرفنا كيف فشلنا نفهم كيف ننجح ولايوجد مبادرة إلا وفيها شيء من المجازفة كما لا يخلو أي عمل من بعض المصاعب لاسيما وان لحظات التفاؤل تعترضها أحيانا لحظات من الاحباط والضجر يقول الشاعر:
لا تضجر ولا تدخلك معجزة فالنجح يذهب بين العجز والضجر
ولما كان نجاح الإنسان يتوقف على مسعاه فليس للانسان إلا ما سعى وهذا ما يخلق في نفس المرء الأمل ومن دون الأمل لا ينجح العمل.
القيمة المضافة:
ليس المهم ان يعمل المرء ما يحب عليه ان يحب ما يعمل ومن عمل على الحب لم يصبه الفتور وهذا ما يثير في الذات السؤال التالي: ما الاضافات التي يمكن ان يضيفها صاحب المهمة الجديدة إلى صلب العمل لتطويره وزيادة فاعليته؟ وبعبارة أدق: ما القيمة المضافة إلى مسيرة العمل والتي ستحدث تأثيرا ايجابيا واضحا؟ ولو سأل أي منا نفسه –كل في مجال عمله- عن مدى ونوع القيمة المضافة التي أضافها إلى عمله في مرحلة زمنية ما..! وان لم يفعل فليبادر إلى صنع قيمة مضافة ايجابية عالية نوعية فإن يصل المرء متأخرا خير من ألا يصل أبدا.
وأضيع أوقاتي بغير ندامة ويفوتني الشيء اليسير فأندم
والانسان يسمو في الحياة بقدر ما يعطي لا بقدر ما يأخذ والمكافأة على العطاء هو العطاء نفسه أما المبادرة والعمل فهما متلازمان في سلم المسؤولية وقيمتهما تكمن في بدئهما واستكمالهما في ارتقاء السلم حتى النهاية ثم الاستواء على القمة.
25/11/2014
4