الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

دراسات عمالية

الصفحة السابقة »

العمال والمنظمات الشعبية ووحدة المواجهة

العمال والمنظمات الشعبية ووحدة المواجهة
في ذكرى تشرين التصحيح والتحرير

دللت التجارب والحقائق التي عايشها وتتبعها العمال وقادتهم النقابيون ورصدها المهتمون الدارسون للحياة النقابية على حقيقة تفاعل نضال الحركة العمالية وكوادرها القيادية بالتعاون مع محيطها السياسي في الحالة السورية وعلى خاصية عمق التأثيرات المتبادلة بين النقابات والأحزاب ونخب ومؤسسات السلطة السياسية بالإضافة إلى ظاهرة انعكاس التحولات الحاصلة في اتجاهات وسياسات الحكم الاقتصادية والاجتماعية على البرنامج النقابي وعلى الجسم القيادي وخاصة المتوضع منه في قمة التنظيم النقابي على المستوى الوطني .
هذا ورغم إدراكنا لجدلية العلاقة التفاعلية بين الاقتصاد والسياسة ولحقيقة أن البنية الفوقية في المجتمع المجسدة لتطوره السياسي والإداري والثقافي والتشريعي وقيمه الروحية والمجتمعية هي انعكاس للبناء التحتي المادي للمجتمع وإن هذا متعلق بمستوى تطوره المادي الاقتصادي وتطور قواه المنتجة وبعلاقات الإنتاج وتأثيرها على التشغيل وعلاقات العمل . ورغم إيماننا أن تطور المنظمات والنقابات يتناسب طرداً مع كل تقدم في هذه الجوانب وفي الوعي العمالي والسياسي .
إلا أن هذا لا ينفي ولم  يتعارض مع ظاهرة سياسية تاريخية تكررت أكثر من مرة في التجربة السورية حيث أسهمت بفاعلية قيادة القاطرة السياسية بتسريع التطور المجتمعي المادي منه والروحي وبرز التأثير الايجابي لرموز وقادة استعجلوا ذلك بحكمتهم وتنورهم وقدراتهم القيادية والتعبوية لشعوبهم وسرّعوا قدوم التطور وانجاز التقدم وتحقيق نقلات نوعية في أوطانهم وحضورها اللافت في محيطها الإقليمي والدولي ، ولعل سورية قد شهدت في التاريخ المعاصر مثل هذه التحولات المتميزة من خلال حكمة وقيادة القائد الخالد حافظ الأسد والانجازات المتميزة للحركة التصحيحية المجيدة التي تحتفل سورية هذه الأيام بذكراها الرابعة والأربعين .. الأمر الذي يدعو إلى دراسة هذه المرحلة ورصد المنجز وتطورات  تجربة استلام حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة بالتعاون مع أحزاب وقوى الجبهة الوطنية التقدمية وإشراك المنظمات الجماهيرية بدور فاعل في تحقيق مصالح أعضائها ووطنها  .
إن نقاط التحول قد تكون عديدة وفي مراحل مختلفة في حياة الشعوب والمجتمعات ولكن الأكثر إلحاحا ومفصلية هي تلك التي تفرض نفسها في زمن الشدائد والاحباطات للخروج من النكسات والهزائم وهذا الذي عرفته سورية عام 1970 في أعقاب الهزيمة التي ألحقها العدوان الإسرائيلي والمدعوم أمريكيا وغربياً بثلاث دول عربية في الخامس من حزيران عام 1967 .
كانت سورية وقيادتها السياسية اثر هذه الفاجعة الوطنية والقومية تمر بظروف مريرة وصعبة يتداخل فيها عنف الصدمة وعجز الارتباك مقروناً باستدعاء التعبئة والإرادة للرد على الهزيمة واعتبارها نكسة يردّون عليها عربياً بالقول باللاءات الثلاث ضد العدو الإسرائيلي في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم ويواجهونها سورياً بفعل مدروس لعملية التحضير وحشد الجهود والطاقات لمنازلة قادمة ترد على النكسة  وتحرر الجولان والأرض العربية تركت هذه الأجواء المضطربة آثاراً سلبية داخل مؤسسات السلطة والقيادة السياسية والتي تعرضت لانتقادات حادة من جموع الشعب والقوى والنخب السياسية والثقافية وواجهت الطبقة العاملة وحركتها النقابية مع حلفائها هذه التحديات فكان الرد العملي النضالي قيام الحركة التصحيحية في سورية بانجازها الأكثر سطوعاً في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وهو خوض الجيش السوري الباسل مع أخوة السلاح في مصر العربية لحرب تشرين التحريرية عام 1973 .
وفي المجال النقابي تزامن مع هذه الظروف إجراء الانتخابات النقابية على كافة المستويات وانعقاد المؤتمر السادس عشر للاتحاد العام لنقابات العمال خلال الفترة من 20- 22 أيلول عام 1970 ، وكان شعار المؤتمر بمثابة برنامج عمل للنقابات السورية طرحته القيادة النقابية أمام أعضاء المؤتمر وقواعدها العمالية والنقابية وينص على :
" تشديد النضال لترسيخ التنظيم النقابي وتدعيمه وربطه بأهداف الثورة ومصالح الجماهير وتعميق التلاحم مع حزب البعث العربي الاشتراكي لانجاز مهمات التحويل الاشتراكي والتحرير القومي " .
كان الشعار جذاباً وخاصة بين أوساط العمال والنقابيين وأعضاء المؤتمر المنتسبين والمناصرين لحزب البعث العربي الاشتراكي .
ويجدر الذكر أن منهاج المرحلة الانتقالية في بيان القيادة القطرية المؤقتة المؤسس لحركة التصحيح في 16 تشرين الثاني / نوفمبر 1970 أولى اهتماماً خاصاً وفقرات مميزة لتطلعات العمال والجماهير الشعبية ومنظماتها ، فقد أكدت الفقرة الخامسة على " إعطاء المنظمات الشعبية دوراً فعالاً في عملية التحويل الاشتراكي وممارسة الرقابة الشعبية على أجهزة الدولة والإسهام في استكمال بناء الديمقراطية الشعبية " .   
هذا بالإضافة إلى عدد آخر من الفقرات الواردة في مجالات متعددة ، وكانت الفقرة الثامنة  في المجال الداخلي قد أكدت على: " لما كان الإنسان غاية كل حركة ثورة أصيلة وأغلى ما يمتلكه حريته وكرامته ، لذلك فإننا سنبذل كل جهد لصيانة حرية المواطنين وكرامتهم "   .
إن المتتبع الموضوعي للتطورات اللاحقة التي أعقبت إطلاق وعود هذا البرنامج يعترف بمصداقيته وبالحقائق الملموسة التالية التي جرى انجازها على الأرض من قبل الحركة التصحيحية وقائدها تنفيذاً لمعظم فقراته الواردة في البيان مع الأخذ بعين الاعتبار تعزيز الحضور العمالي والنقابي والجماهيري في الانجازات المحققة في المجال التنموي والاجتماعي  وفي داخل المؤسسات التي بنيت والموعود بها والتمثيل في مجلس الشعب ونظام الإدارة المحلية.
وهنا يمكن الإضافة أن قوانين ومراسيم وقرارات صدرت لاحقاً عززت المشاركة العمالية في الإدارة والتخطيط والعمل السياسي وتسمية رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال ورئيس الاتحاد العام للفلاحين أعضاء في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية وأعضاء في مجلس التخطيط الأعلى وفي اللجنة الاقتصادية الوزارية وتمثيل ممثلي التنظيم النقابي في مجالس الإدارات واللجان الإدارية في المؤسسات والشركات ووحدات القطاع العام والإدارات الحكومية .
- وكان النصر العسكري في حرب تشرين ثمرة جهد سوري سعى بدأب إلى تضامن عربي فعال ووحدة البندقية المقاتلة من الجيش السوري والمصري أساساً وتوفير الدعم السياسي والمعنوي في الإطار العربي ، وكان هذا تحقيقاً لما تضمنه بيان قيادة الحركة التصحيحية في سورية قلب العروبة النابض في 16/ تشرين الأول /أكتوبر عام 1970 في سعيها من أجل تحرير الأرض والإرادة العربية وجمعت شمل الأمة العربية وحكوماتها في مواجهة أعدائها الرئيسيين ، فأين أمة العرب من هذا في يومنا هذا ، وأين الأنظمة العربية والنظام العربي الرسمي من التحديات التي تستهدف وجود وسيادة الأوطان .
هي دعوة لدراسة الإيجابي والبناء من تاريخ النضال العربي وتجارب التضامن العربي الفعال وليس الكيد وثارات قبائل العرب وجاهليتها .

                                    أديب ميــــرو   


 


مشاركة :
طباعة