يعتبر عمل المرأة من أكثر القضايا التي شغلت العالم، حيث انقسمت بين مؤيدين ومعارضين للفكرة، حيث يفضل البعض عدم انخراط المرأة في العمل وضرورة مكوثها في البيت لترعى أطفالها وزوجها، بينما يشير البعض من الذين يؤيّدون عمل المرأة إلى أن عملها ضروري لتنمية المجتمعات وتنمية شخصيتها.
عمل المرأة قديماً وحديثاً
كان الرجل قديماً هو المتحكم الأول في جوانبَ عديدة من الحياة، كان يختارُ دائماً ما يُرضيه، ويناسبه من العمل، ويترك الباقي للمرأة، عدا بعض الأمم التي اعترفت بحقّ المرأة، وقدّروا مكانتها، كالحضارة الفرعونيّة. عوملت المرأة معاملةَ العبيد حتّى وإن كانت حرة؛ وهذا عائدٌ إلى مجموعةٍ من العادات، والتقاليد المجتمعيّة الموضوعة، التي فرضها المجتمع الذكوري القديم، فلقد كانت تقوم بأعمال يعجزُ عنها الرجل، ورغم هذا لا يُعترف بإنجازها، ولا بدورها الفاعل في تغيير الوضع الاجتماعيّ والاقتصادي بشكلٍ عامّ. اختلف وضعُ المرأة من مجتمع إلى آخر عبر التاريخ، فمع التطور والتقدم خرجت المرأة للعمل، وبالتالي تغيرت نظرة العالم لعمل المرأة.
أما في الوقت الحالي فتعتبر المرأة نصف المجتمع وعنصراً فعالاً فيه، حيث أصبحت تدرس في الجامعات وتنافس الرجل على العديد من المناصب، بل تفوقت عليه في العديد من الأعمال. كما عملت في التعليم، والطب، والصيدلة، والهندسة، والصناعة، وفي مجال التجنيد والمجالات العسكرية.
مفهوم عمل المرأة
يقصدُ بعمل المرأة، هو خروج المرأة للانخراط في الوظائف، والمهن التي تلائم قدرتَها النفسيّة، والجسديّة، في ميادين شتى من مجالات العمل المتوفّرة، كالعمل في مهنة التدريس، أو التمريض، أو التجميل، أو في المجالات الإدارية، والسكرتاريا وغيرها من المجالات التي تتاحُ لها في مجتمعها، أو البيئة التي تعيشُ فيها، بقصدِ عمل إنجاز ماديّ، أو مِهْنيّ يساعدُها على مجابهةِ صعوباتِ الزمن. وُجّهت للمرأة العديدُ من الانتقاداتِ بعد أن قامت فعليّاً بكسر حواجز العادات، والموروث الذكوريّ المتسلّط، والخروج للعملِ خارج أُطرِ بيتها، أو العمل الذي يقرّره لها الذكر المسؤول عنها، لقد صنّفَ بعضُهم هذا العمل بالتمرد، والاسترجال (التشبّه بالرجال)، والخروج عن سيطرة وليّ الأمر، بينما وصفه آخرون بأنّه نوعٌ من التهرّبِ من مسؤولياتها الموكلة لها داخل المنزل، وبالتالي ضياع أسرتها، وأطفالها، على الرغم أنّ المرأة قادرة على إدارة شؤونِ بيتها، وعملها بالتنظيم والأهميّة نفسها. استطاعت المرأةُ تحدي كافّة الصعوبات التي واجهتْها والتغلّبَ عليها، وأثبتت للرجل أنها قادرة على القيام بمهامّ وظيفيّة عديدة، وبالظروفِ نفسها التي يخضعُ لها الرجل، دون أن تهملَ أيّاً من مَهامها داخل المنزل، حتّى وصلتْ لمراتب عليا في الدولة، فشغلت منصب رئيس دولة كما هو الحال في المملكة المتحدة، ومنصب رئيسة وزراء، ووزيرة، ونائب، واستطاعت أن تعمل كسائق عمومي، وفي العمل الميداني، وكموظفة في القطاعين العام، والخاص، وفي المصانع، والمستشفيات، وغيرها من المجالات التي احترفتها المرأة، وطورتها، وانتقلت بها لمنحنياتٍ مهنية جديدة.
أهمية استقلالية المرأة وعملها
يوجد عدة ميزات لعمل المرأة ولاستقلاليتها واعتمادها على نفسها ومنها: رؤية المرأة لقيمتها الحقيقية والتي تتمثل في تعليمها وتنمية ذاتها كفرد كامل، وشعورها باستخدام عقلها في أمور هامة. إمكانية أن تحقق إنجازاتها والعمل بجد للوصول إلى ما تريد. قدرة المرأة في نقل المعلومات المعقدة بطريقة بسيطة وسهلة. اهتمام المرأة بالقضايا البشرية والمؤسسات الخيرية، ومساعدة الآخرين، والقيام بدورها في المجتمع. عدم إعطاء المرأة المستقلة لمظهرها الأولوية، بل بالعادة تقوم بالحكم على أدائها وقدرتها ومهارات الاتصال لديها مع الآخرين. سعي المرأة المستقلة لتحقيق التوازن في حياتها والاعتماد على النفس حتى لا تضحي بحريتها الشخصية من أجل علاقة غير مناسبة. المساعدة في التغلب على فكرة التحيز والتمييز بين الرجل والمرأة من خلال التمسك بحقها في العمل مثلها مثله. وبالتالي تصبح اجتماعية بشكل أكبر وتكتسب الخبرات الجديدة بشكل يومي. وتصبح قدوة لأطفالها وللنساء في المجتمع عندما تحقق نجاحاً في عملها وبيتها، وترفع من المستوى المعيشي لأسرتها ووطنها.
هالة محمود
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي