علاقة جودة أبو خميس بجاره أسعد خشروف في مسلسل ضيعة ضايعة ودفتر الديون المتراكمة بينهما تمثل تماماً علاقة المواطن بالعديد من الوزارات التي تمتلك دفتراً كبيراً لديونه عليها حيث تتشابه المواقف بين الواقع الفعلي والتمثيلي فمثلاً عندما يقول وزير المالية: إن الحكومة تدفع في مطلع كل شمس 3 مليارات ليرة لدعم المواطن وأنه يجوع لأنه لا يجد وقتاً للأكل في ظل انشغاله بقضايا المواطنين.. يبحث الناس في حقيقة هذا الدعم وانعكاسات هذا الانشغال الوزاري على حياتهم المعيشية ويقارنون بين جوعهم بمعناه الفعلي وجوع غيرهم المجازي ليجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الدفتر الضريبي الذي يتعامل مع دخلهم كما يتعامل دفتر جودة الذي يسجل ما يأخذه عنوة من منزل جاره "أسعد" على الدفتر على أمل أن يعيد له قيمتها يوماً ما وهذا هو جوهر معادلة الدعم التي تتم على مبدأ (ما يعطى باليد اليمنى يؤخذ بسهولة فائقة باليد اليسرى وبشكل مضاعف).
أما المثال الثاني فهو "أبو الفقراء" أو "الدراويش" كما يكنى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الذي يوزع راتبه على الموظفين!! كما قال في أحد البرامج الذي ظهر فيها وهو يطبخ ويتحدث عن شخصياته التنكرية وهو أيضاً من طالب موظفي الدولة بالانتظار لشهر شباط الماضي حتى تستطيع الدولة أن تزيد الرواتب 100% ولكن ذلك لم يتحقق كما أن الكلمات الصارمة التي سمعها في مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال كشفت عجز الوزارة في مهمتها الأساسية في ضبط الأسواق وضعف رقابتها التموينية التي تتعرض حسب التصريحات الوزارية لتهديدات مباشرة بسبب اقترابها من معالجة ملفات الفساد الكبيرة في الوقت الذي تتجاهل فيه التهديدات الكثيرة التي تواجه لقمة عيش المواطن ومنظومة حياته المتقدمة بسرعة في مضمار الفقر المدقع ولن ننسى هنا الإشارة إلى التطابق المريع بين تفاصيل عمل التدخل الإيجابي مع ما حدث مع جودة أبو خميس الذي أَفشَلَ مشروع جاره في افتتاح بقالية من خلال وعده بتأمين بضائع بسعر منافس ولكنه أخذ كل رأس مال المشروع منه وأنفقه على الدجاج المشوي.
ولاشك أن اختيار واقع عمل هاتين الوزارتين ليس لتشويه الصورة أو للتقليل من قيمة الجهود المبذولة بل لفلت الانتباه إلى رأي الناس بالعديد من الجهات والعمل على ترميم العلاقة مع المواطن وهذا الواقع يمكن إسقاطه أيضاً على وزارات أخرى ولكننا سنكتفي بهذين المثالين ونؤكد على أن استحضار شخصية جودة وأسعد لا يدخل ضمن دائرة التهكم والاستهزاء من أي شخصية اعتبارية حيث نكن للجميع الاحترام والتقدير.
وبالمحصلة النهائية على الرغم من كل انتهاكات جودة بحق جاره أسعد إلا أنه كان دائماً شريكه وحليفه الأول في مشاريعه كافة.. فهل يتم تطبيق هذه التشاركية بشكل صحيح؟.
بشير فرزان
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي