ظلت قضية السكن العمالي من اهتمامات الاتحاد العام لنقابات العمال فقد استطاع بالتعاون مع الجهات المعنية واللجنة العليا للسكن العمالي والحكومة رصد المبالغ اللازمة لبناء وحدات سكنية عمالية في معظم المحافظات.
ومما لاشك فيه وحسب المؤسسة العامة للإسكان أن مشروع إسكان العاملين في الدولة يتضمن بناء أكثر من 22 ألف مسكن عمالي وتسليمها ضمن مدة لا تزيد عن 7 سنوات ومنذ أن تم الاكتتاب تقدم العمال المستحقون بطلباتهم في الخامس من نيسان 2009 ونحن الآن في العام 2018 لم يتم تسليم هؤلاء العمال مساكنهم حسب المدة المقررة مع أنهم دفعوا كامل استحقاقاتهم المالية لكن جراء ظروف الحرب الكونية على سورية فإن عدداً من هؤلاء العمال لم يستطيعوا دفع التزاماتهم المالية وأنذروا بإلغاء تخصيصهم وحسب أمانة شؤون الخدمات الاجتماعية في الاتحاد العام لنقابات العمال فقد ذكرت أن العديد من العمال المكتتبين والمخصصين في جميع مشاريع المؤسسة العامة للإسكان المتأخرين عن تسديد الأقساط الشهرية المترتبة عليهم لمدة تزيد عن 240 يوما متصلة أو منفصلة.. فقد صدر إعلان المؤسسة العامة للإسكان بمنح مهلة أخيرة لغاية 31/5/2018 لتسديد الأقساط الشهرية والالتزامات المترتبة عليهم مع غراماتهم حرصاً على عدم إلغاء المكتتبين والمخصصين لجميع المحافظات في القطر دون استثناء.
وبعد انتهاء المدة المحددة سيتم تطبيق أحكام المادة رقم 25 من المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2015 ونظام عمليات المؤسسة حيث سيعتبر الاكتتاب ملغيا حكماً دون الحاجة لإنذار أو إخطار العامل المكتتب أو المخصص حيث سيعتبر هذا الإعلان بمثابة تبليغ شخصي.
تساؤلات بحاجة إلى إجابة
من المعروف أن جميع العمال الذين سجلوا على مسكن عمالي هم من أصحاب الدخل المحدود فالكثير من هؤلاء العمال حلمهم الوحيد أن يحصلوا على مسكن من أجل إيواء أسرهم فقد باعوا ما تحتهم وما فوقهم فالكثير منهم استدانوا من أقربائهم ومعارفهم حتى يدفعوا الدفعة الأولى ومن ثم الأقساط الشهرية رغم الظروف الصعبة الراهنة وغلاء المعيشة التي أصبحت من المستحيل على العامل أن يدفع الأقساط التي ارتفعت من 3 آلاف ليرة إلى أكثر من 8 آلاف ليرة من راتبه أو أجره المتواضع الذي لا يفي بالحد الأدنى من الحياة المعيشية.
ولأخذ العلم أن اللجنة العليا للسكن العمالي اعتبرت تاريخ 1/5/2010 هو تاريخ أول قسط مستحق على كافة المكتتبين على مشروع إسكان العاملين بالدولة ومع ذلك نضيف أن هناك تقصيرا في تسليم المساكن العمالية ولا أحد يعرف الأسباب أهي من المؤسسة العامة للإسكان التي حددت الزمن المقرر أم من المقاولين التي تعتمد عليهم؟
قرارات مجحفة بتسعير المساكن العمالية والأقساط الشهرية
حتى لا نبالغ ونتهم أي جهة لها علاقة بالمساكن المالية لكن السؤال الذي يطرح وحتى الذين يعرفون بالتوازنات بين الرواتب والأجور كيف يستطيع العامل الذي لا يتجاوز راتبه 30 ألف ليرة أن يدفع 8 آلاف ليرة قسطا شهريا ولمدة 25 عاما؟
نريد أن نسأل والسؤال مشروع، الحكومة ووزارة الإسكان والتعمير والمؤسسة العامة للإسكان كيف يستطيع عامل لديه أسرة وحتى بدون أسرة أن يعيش بالبقية الباقية من راتبه المتواضع خاصة إذا كان من المستأجرين.
والسؤال أيضا كيف تحسب المؤسسة العامة للإسكان الكلفة النهائية للمساكن العمالية وكيف يتم التسعير وما هي مفردات هذه الكلفة: خدمات – أسواق تجارية – مرافق عامة وأبنية وحسب حسابات المؤسسة العامة للإسكان فإن هناك احتمالا كبيرا أن تكون المؤسسة قد ضمت كلف الأسواق التجارية إلى سعر المساكن العمالية علما أن هذه الأسواق تباع بمزادات علنية والمؤسسة قبضت الكثير من قيمتها ولاسيما المنجز منذ سنوات وبأسعار تجارية؟
هذه المسألة مازالت مبهمة حتى الآن ولم يتم الحصول على إجابة شافية وواضحة بخصوصها إلا أنها لم تدخل في التكلفة لكن في الوقت نفسه نفذت مع الأبنية وبالعقود المتداخلة نفسها.
وهذا مالا يطمئن فعلا لهذا فعلى المؤسسة العامة للإسكان إعادة دراسة تسعير المساكن العمالية وهو أمر لازم ومهم وتحديد كلفة حقيقية لها لأن العامل يعيش بالكاد وبالحد الأدنى من المعيشة ولأن هؤلاء العمال لا يستطيعون تحمل أعباء الأقساط الشهرية المرهقة والتي لا تتناسب مع وضعهم المادي ولا مع رواتبهم أو أجره الشهري الذي لا يكفيه لعشرة أيام.
وحسب مصدر بالمؤسسة العامة للإسكان يقول إن التسعيرة النهائية للمساكن العمالية هي أكثر من مرتفعة وأكثر من ظالمة ويجب إعادة النظر بها والكثير من العمال المكتتبين على المساكن العمالية قد صدموا عندما سمعوا بالتكلفة الجديدة وبالأقساط الشهرية وفي هذه الحالة يفقد العامل ما كان يحلم به بالحصول على مسكن عمالي ويذهب حلمه في مهب الريح.
هل تفي المؤسسة العامة للإسكان بوعودها؟
وحتى لا نظلم المؤسسة العامة للإسكان ونضع اللوم عليها لوحدها فهناك جهات معنية أخرى تتخذ القرارات وعلى المؤسسة تنفيذها ففي تقرير للمؤسسة عن خطتها ذكر التقرير أن المؤسسة بصدد إنجاز وتسليم 7500 مسكن خلال العام 2018 موزعة حسب التقرير على جميع المحافظات السورية ومن المتوقع تحقيق مساكن بعدد 7385 مسكنا كما يبلغ عدد المساكن المنوي المباشرة بها في العام 2018 /25082/ مسكنا.
وحسب تقرير المؤسسة العامة للإسكان فإنها تسعى إلى الإيفاء بوعودها والقيام بواجباتها في إنجاز وتسليم أكبر عدد ممكن من المساكن بوصفها تشكل رافعة النهضة العمرانية في سورية علما أن قيمة الاعتمادات المرصودة لمشاريع المؤسسة في العام 2018 بلغت 33 مليار ليرة موزعة بين 13 مليارا على الموازنة الاستثمارية و6 مليارات لمشاريع سكن ادخار و14 مليارا لمشاريع السكن الشعبي الاجتماعي.
وقد بين التقرير أن الخطة الاستثمارية يتم تمويلها جزئيا أو كليا من صندوق الدين العام على شكل قروض سنوية مخصصة لمشاريع المرافق العامة – السكن الشبابي – سكن العاملين بالدولة وغيرها من المشاريع الأخرى.
وأوضح التقرير أن لجنة إعادة الإعمار في رئاسة مجلس الوزراء أقرت إعادة تأهيل الأبنية المتضررة في مدينة عدرا العمالية.
كل هذه الخطط والتقارير المتعلقة بالسكن لا غبار عليها لكن هل فكرت الجهات المعنية بالنظر في تسعير المساكن العمالية وبالأقساط الشهرية المرتفعة التي لا تتواكب مع رواتب وأجور العمال.
أمين حبش