لقد أصبحت البطالة ظاهرة منتشرة كثيراً في مجتمعاتنا العربية بدرجة تفوق غيرها من بلدان العالم فهي مشكلة تؤرق الجميع لانعكاساتها السلبية على كل نواحي الحياة في المجتمع، اجتماعياً واقتصادياً وقد آن الأوان للاهتمام بهذه المشكلة ومعالجتها قبل استفحال خطرها.
فالركود الاقتصادي وانخفاض الأجور مساعد على انتشار البطالة بصورة أصبحت تنذر بعواقب وخيمة لكثير من المجتمعات العربية، كما تعود هذه المشكلة في جزء منها إلى معدلات النمو السكاني المرتفعة في العالم العربي فقد ارتفع عدد سكان الدول العربية خلال العشرين سنة الماضية من 87,8 مليون نسمة في عام 1978إلى 157,6مليون نسمة في عام 1998 زادت نسبة الشريحة السكانية من صغار السن (أقل من 15سنة) فأصبحت تبلغ حوالي 41%وهذه ستدخل سوق العمل سريعاً وتفاقم من حجم المشكلة والنمو الاقتصادي المتحقق في هذه البلدان لا يمكن أن يولد فرص عمل تكفي هذه الأعداد المتوافدة لسوق العمل ما يهدد الاستقرار في هذه المجتمعات.
إن وجود أعداد كبيرة من الناس بلا عمل يعني وجود مواجع كثيرة وإحباط ويأس، كذلك الأمر من الناحية الاجتماعية فانتشار البطالة سواء المقنعة وغير المقنعة سيولد الكثير من المشاكل الاجتماعية في مجتمعاتنا وهذا سيؤدي إلى ارتفاع سن الزواج وازدياد العنوسة عند الجنسين وانعكاس ذلك سلباً على نفسية شبابنا وشاباتنا كما أن وجود أبناء كثر في أسرة واحدة أتموا الثلاثين من العمر ولم يجدوا فرص عمل يراكم هذا الكثير من المشاكل الاجتماعية الناجمة عن البطالة والمشكلة الحقيقية أن هناك نحو 12،5 ملايين عاطل عن العمل معظمهم من الشباب وهذا له تأثير كبير على المجتمع وخاصة حملة الشهادات الجامعية لذلك من الضروري تسليط الضوء بكثافة على مشكلة البطالة في منطقتنا العربية الآن وأكثر من أي وقت مضى وموضوع البطالة في سورية عاد اليوم من جديد للصدارة وقد تبنته الحكومة واعتبرته أحد المشاريع المطروحة في سياق التطوير والتغيير والتحديث والمهم في التصدي لهذه المشكلة أن تتناسب الزيادة السكانية مع النمو الاقتصادي المتحقق من أجل توفير فرص العمل المطلوبة بتجنب البطالة يوما بعد يوم وعاما بعد عام فالثروة البشرية معين لا ينضب يؤتي ثماره لمن يعرف كيف يوظف ويسخر كل الطاقات من أجل حمايته وتطويره كما يجب أن تتناسب مناهجنا التعليمية مع متطلبات سوق العمل فلا يعقل أن تستمر الكليات النظرية بمنح شهادات تخرج لآلاف الشباب سنوياً وعدم القدرة على تأمين فرص عمل لهم وهذا يعني انضمامهم إلى معسكر البطالة الرهيب كما يجب التركيز على برامج التأهيل والتدريب المتطورة لرفع كفاءة الأيدي العاملة العربية وتحسين الإنتاجية كماً وكيفاً لكي تسطيع الصناعات العربية أن تصمد في مواجهة أعاصير المنافسة العاتية والتي تهب من كل حدب وصوب.
هالة محمود