الثقة والثقة بالنفس وبالآخرين
تتطلب الادارة أو القيادة النقابية من الاداري أو المسؤول النقابي مراعاة جميع الجوانب السلوكية بما في ذلك الموهبة والذكاء والحذاقة والمهارة وسرعة البديهة والاستجابة في تعامله مع الآخرين الذين يصعب أحيانا رصد المواقف والتصرفات التي يسلكونها أو يتخذونها مما يستلزم ضرورة استخدام الطريقة التي يتم بها تدبير وتحريك أمور المنظمة سواء أكانت مؤسسة أو شركة أو جمعية أو هيئة أو وزارة بغية تحقيق الأهداف المرسومة لها.
ويتجسد دور المنظمة النقابية بمختلف مؤسساتها ومستوياتها التنظيمية بدءا من اللجنة النقابية ثم مكتب النقابة وهكذا في ممارسة وظيفتها بالمحافظة على منجزاتها وحماية مكتسباتها والدفاع عن حقوق العمال الذين تمثلهم والذين منحوها بالوقت عينه ثقتهم من أجل رعاية شؤونهم والتعبير عنهم وهذا ما يتجلى في أهمية القيادة النقابية ودورها وقدرتها على توحيد جهودها وجهود الآخرين لإرضاء طموحاتهم وتطلعاتهم في تحقيق آمالهم في الحياة السعيدة والعمل اللائق.
ومن هنا نرى ان أولى المعايير أو الأسس المساعدة للتمييز في ذلك يكمن في الثقة كقيمة وعنصر هام وربما من أهم العناصر لمهام المسؤولية سواء أكانت الثقة بالنفس أو الثقة بالآخرين.
الثقة بالنفس:
تتجلى روعة النفس الإنسانية بالعمل الناجح المثمر في الحياة والثقة بالنفس أول أسرار الحياة وأهم مقومات النجاح هي الشعور الذي يجوب فيها الفكر لتطلعات الذات لما هو أفضل.
ومن هنا نستهدي بالقول المأثور: ثق بنفسك ثم استعن بالله فإنه يعين من يعين نفسه) والثقة بالنفس تشكل ارتقاء وتفاؤلا بالخير ولكن الافراط في الثقة بالنفس يجلبه للخطر إذ أناس كثيرون يحاولون التأثير على الآخرين وهدفهم الوحيد هو عدم فقدهم الثقة بأنفسهم مما يستدعي ضبط الذات الإنسانية في محاكمة عقلانية منطقية وبذلك يمكن للواثق من نفسه قيادة الآخرين وامتلاكه القدرة على إلهام الآخرين الثقة به وبأنفسهم.
ولاريب ان الناس في حاجة دوماً لذي ثقة بنفسه ليقيهم ما به عثروا لأن أكبر قوة للمرء أو للمسؤول النقابي عندما يكسب ثقة الآخرين إذ لا قوة تعوض عن ثقة العمال المحيطين به وقد لا يستطيع هذا المسؤول ان يحقق أي نجاح إذا لم يكن قادرا على الاستجابة لمشاعر عملا تجمعه في المنشأة أو المصنع وسكب ثقتهم به لاسيما وان الثقة شرط من شروط النجاح والمسؤولية والعمل وهما في الوقت ذاته أمانة.
الثقة بالآخرين:
ان الثقة تنطلق من النفس ومن أحسن الثقة بنفسه فليثق بعدها بمن شاء وفي سياق العمل النقابي يصبح التعامل صعبا مع الآخرين عندما تفقد الثقة وان كانت الأخيرة تحتاج إلى زمن وهو من أهم عناصرها إلا ان الحوار هو خطوة متقدمة من اجراءات بناء الثقة وهذه لا تتولد بين أطراف الحوار إذا لم تنفذ الوعود أو الطموحات التي يتطلع إليها عمال المنشأة أو المصنع وكلما كان إيفاء الوعود بين طرفين سريعا ساعد ذلك في تعزيز الثقة بينهما أكثر إذ وصول الناس إلى حقوقهم مطلع مدارج الثقة فيما يخلق العمل السري بشكل دائم شكوكا ولا يساعد على بناء الثقة وهذه مراتب لاترفع لعليا مراتبها إلا الشريك في المر المعين على الضر الأمين على السر.
ان الثقة بالآخرين أمر ضروري وانها لغلطة كبيرة ان يثق الإنسان بالجميع وألا يثق بهم وأسوأ الناس حالا من لا يثق بأحد لسوء ظنه ولا يثق به أحد لسوء فعله.
لذا يجب على المسؤول النقابي ان يكون قادرا على الثقة بمرؤوسيه من الأشخاص الذين يشاركونه في تحمل المسؤولية أو من الذين يعملون معه ولكن منح هذه الثقة هو أمر صعب بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يريدون التحكم بكل أوجه النشاط في مؤسساتهم فهؤلاء ليس من اليسير عليهم الثقة بالناس وأكثر الناس حرجا وصعوبة من لا يثق بأحد لأن من تداعيات ذلك عدم قدرتهم على احتضان كوادر أو أطر بديلة وهم في الوقت عينه لا يمنحون الفرصة لمرؤوسيهم لممارسة مواهبهم الخلاقة بالكامل من أجل استمرار العمل الناجح والتطور المتلاحق.
ولكي يكون المرء مسؤولا فعالا حقا وخاصة في مؤسسة كبيرة أو منظمة ما يتوجب عليه ان يمنح مرؤوسيه قدرا كبيرا من الثقة وبالمقابل عليه ألا يثق كثيرا بمن يبدو أمامه قديسا وهذا ما يحتاج إلى الموازنة لدى المسؤول النقابي وملكاته القيادية في:
1- ان يكون المسؤول مستعدا لإزاحة أولئك الذين لايمكن الثقة بهم ولاتخاذ قرارات صادقة وهذا ما نلتمسه عندما سئل أحد القادة عن قدرته في منح عناصر مؤسسة الثقة أجاب كنت أرد بثلاث من قال لا اقدر قلت له حاول ومن قال لا أعرف قلت له تعلم ومن قال مستحيل قلت له جرب.
2- بدون وجود الثقة والاحترام المتبادل بين قادة أو مسؤولي المؤسسة أو المنظمة ومرؤوسيهم تعاني المؤسسة على الأغلب من ضعف في الأداء وانحدار في المعنويات كما ان الطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار عجز لأن الخبر ليس كالمعاينة.
ويروى في هذا السياق ان أحد العلماء دخل على الرشيد وكان دميم الصورة قصير القامة فاستحقره الرشيد وقال له ما أقبح هذا الوجه! فقال العالم يا أمير المؤمنين ان حسن الوجه ليس مما يتوسل به إلى الملوك.
وتتجلى حكم لقمان في المنحى ذاته بقوله لابنه إذا كان خازنك حفيظا وخزانتك أمينة سدت في دنياك وآخرتك.
ونرى في هذا من هو واثق بشجاعته وكل شجاع يعتمد عليه ويؤتمن أخو ثقة والثقة هي الائتمان والمعتمد عليها في الأقوال والأفعال لذا قيل لا توقع رسالة قبل ان تقرأها ولا تشرب ماء لم تراه إذ من الممكن ان تخدع إذا وثقت كثيرا ولكنك ستعيش في عذاب إذا لم تثق بما يكفي.
*بسام جبلاوي