عمل المرأة وجهاً لوجه مع الذهنية التقليدية
الوردة...النسمة...الجنة، القصيدة، الواحة والأرض مفردات وتسميات أنثوية، وهذا إن دَلَ على شيء فإنما يدل على ما تتمتع به المرأة من رقة وشفافية وحنان، تَغَزَّل بها الشعراء، وتغنى بها الأدباء، وأجاد رسم ملامحها الداخلية قبل الظاهرية الفنانون..
ولكن، هل نالت المرأة ما تستحقه كإنسانة هي أساس المجتمع ونصفه المهدور...؟
هل وصلت للمكانة التي تليق بها كصانعة للأجيال والمجتمعات.؟
لا أعتقد، لأن المجتمع بمعظم أطيافه وشرائحه يقف منها موقفاً متبايناً نتيجة موروث اجتماعي ترسّخ عبر مئات السنين لصالح الرجل.
فإذا ما أخذنا قضية عمل المرأة خارج البيت، ووضعناها كنقطة مركزية لما لها من أهمية وتأثير على المجتمع والأسرة من جهة، وعلى صعيدها الشخصي من جهة أخرى، نجد أن قسماً كبيراً من هذا المجتمع ما زال يحتفظ بذهنية تقليدية تنمُّ عن الكثير من الدونية واللامبالاة تجاه المرأة كإنسانة لها من الحقوق كما عليها من الواجبات، رغم خروجها للعمل ودعم الأسرة مادياً إن كان في بيت الأهل أو بيت الزوجية. إضافة إلى عدم الاعتراف بحقوقها الإرثية التي شرّع بعضها الدين والقانون، وتجاهل ذات القانون بعضها الآخر في ممتلكات العائلة بنتاً كانت أم زوجة، وهنالك الكثير من القصص والوقائع التي تُثبت ذلك.
صحيح أنه ومنذ وقت ليس بالقريب، أخذت النظرة إلى عمل المرأة خارج البيت بعداً مختلفاً عمّا هو سائد وتقليدي نوعاً ما، من خلال تخلّص بعض البيئات والشرائح الاجتماعية من نظرتها التقليدية لدور المرأة في المجتمع، إيماناً منها بإمكانية قيامها بأعمال تتناسب وطبيعتها(التدريس مثلاً)، وأيضاً من خلال القناعة التامة لدى بعض الرجال بأهمية عمل المرأة من منظار حقوقي وإنساني، بغض النظر عن الوضع المادي- وإن بنسبة قليلة- لكن البعض الآخر منهم يرغب أن تكون المرأة عاملة (زوجة، أخت، أو ابنة) تحت ضغط ووطأة العامل الاقتصادي والمعاشي القاسي، والذي فرض بدوره على هذا الرجل رؤىً مغايرة- بدون قناعة حقيقية- تطلبت مشاركة المرأة في تكاليف أعباء الأسرة واحتياجاتها، ذلك أنه لم يعد قادراً بمفرده القيام بكامل أعبائه التقليدية، خاصة لحظة يفكر بالزواج كتأمين المسكن، والفرش، والمهر الذي طاول بارتفاعه عنان السماء، وأشياء أخرى تحتاجها الحياة الجديدة، إضافة إلى مهمته الأساسية والأزلية في تأمين حاضر ومستقبل الأبناء حسبما تقتضي الأعراف والتقاليد الاجتماعية والشرعية.
فهل هناك من يسمع أنين المرأة ، وآهاتها..؟ هل هناك من ينصفهن من ظلم ذوي القربى الذي هو أشد وأمرُّ ظلماً...؟
هلا نصر