عيد العمال إرادة كفاح وعزم على الصمود
بعد غد تكمل مسيرة النضال العمالي العالمي وكفاحه عامها التاسع والعشرين بعد المئة وهي مستمرة بكل صلابة وقوة رغم تعرضها لأشرس الاستهدافات المختلفة من دعاة الأفكار والمصالح النيوليبرالية المتوحشة التي تقودها عصابات الشركات المتعددة الجنسية بزعامة قادة الحروب الاقتصادية والنهب الاستعماري المتمثل في أمريكا وبعض دول أوروبا والصهيونية العالمية بهدف إطفاء جذوة النضال والكفاح لعمال العالم، وبالرغم من تعدد أشكال الضغط والاستهداف الذي تمارسه هذه القوى المتوحشة ضد القوى العاملة فإن تصاعد الحراك النضالي مستمر بأشكال تتناسب مع الممارسات العدوانية المتوحشة دفاعا عن مصالح العمال وحقوقهم في بيئة عمل سليمة مادية ومعنوية تليق بالجهد الذي تبذله القوى العاملة في عمليات الإنتاج وتقديم الخدمات والاستمرار في بناء الاقتصادات العالمية وخدمة الشعوب.
وهنا لابد من الإشارة بكل شفافية إلى أن بعض الترهل أصاب القيادات العمالية العالمية ومنظماتها النقابية المناهضة للقوى الليبرالية والاحتكارية التي تمص دماء وجهد العمال وبخاصة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي في بداية تسعينيات القرن الماضي ولكن استمر هذا الكفاح والنضال وأعاد بعضاً من قواه وهو الآن يواجه المنظمات النقابية المنضوية تحت سيطرة الشركات الاحتكارية الناهبة لجهود العمال وخيرات الشعوب بهدف تكديس المزيد من الأموال لتسخيرها في دعم وتمويل حروبها الاستباقية ضد شعوب العالم وقواه التحررية وضد الدول الصاعدة التي تتجه نحو بناء عالم متعدد الأقطاب يسهم في الحد من تسلط الدول ذات اتجاه القطب الواحد الذي يستنزف حكومات وشعوب الدول النامية عبر فرض الحصارات الجائرة عليها اقتصادياً وتقانياً وسياسياً أحياناً والعمل على انتقاص سيادتها على قراراتها ومنها توجيه خططها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية وتوجهاتها السياسية بما يعبر عن تطلعات شعوبها في حياة حرة مستقلة وسيادة كاملة على أراضيها ومقدراتها.
وقد شهد نهاية القرن الماضي وبداية هذا القرن العديد من الحروب الاستباقية والحصارات الاقتصادية والسياسية على مختلف الدول المناهضة للفكر النيوليبرالي المتوحش والذي تغول في أكبر اقتصاديات العالم الرأسمالي واتخذ أساليب جديدة في الاعتداء على الشعوب الصاعدة وآخرها شن الحروب بالوكالة بعدما كانت بالأصالة كما حدث في العراق وأفغانستان وفي ليبيا بعد أن أخضعت قرارات المنظمات الدولية من أمم متحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان للضغط والقيد الأمريكي الامبريالي والصهيونية العالمية لتجيير القرارات لصالح أطماعها وما تشهده سورية حالياً والعراق واليمن وأيضاً تداعيات حرب ليبيا إلا شواهد على استراتيجية التدمير والقتل المتوحش بالوكالة بتمويل من دول البترودولار التكفيرية الوهابية الظلامية.
ولكن وبالرغم من الخسائر الكبيرة والمدمرة التي خلفتها هذه الحروب الإرهابية والتي حصدت مئات الآلاف من المواطنين في سورية والعراق واليمن والصومال وفي أوكرانيا فإن شعوب العالم وعمالها ومنظماتها النقابية المدافعة عن حقوق العمال ومصالحهم مصممة على مواجهة هذا الإرهاب الجاثم على مقدرات الشعوب الذي ينفذ أجندات أصحاب رؤوس الأموال وزعماء الحروب الاستباقية في العالم وعمال سورية شاهد قوي على هذه المقاومة والصمود الأسطوري في مواجهة آلة الحرب الإرهابية المجندة من قبل أمريكا والصهيونية العالمية حيث دفعت طبقتنا العاملة أثماناً باهظة من دماء العمال الذين استشهدوا لا تقل عن خمسة آلاف شهيد في سبيل الوطن وعزته وكرامته وهي مستعدة لتقديم المزيد دون كلل أو ملل وها هي الآن تشارك عمال العالم احتفالاتهم العارمة بعيدهم العظيم عيد العمال العالمي الذي تعمد بدماء شهداء العمال وأصبح رمزاً عالمياً لوحدة نضال وكفاح عمال العالم وصمودهم في وجه آلة النهب والاستغلال والقتل العنصري البغيض.
وسورية وعمال سورية وحركتهم النقابية لن تألو جهداً في الوقوف إلى جانب نضال شعوب العالم وكفاحهم المستمر لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة وتأمين بيئة عمل مناسبة محصنة بقوانين وتشريعات عمالية عصرية تحفظ حقوق العمال ومصالحهم ومطالبهم المحقة والمشروعة وتعزز مكاسبهم وإنجازاتهم التي تحققت بعرقهم وتعمدت بدمائهم الزكية وعمالنا اليوم أكثر إصراراً على النضال والكفاح لتحقيق أهدافنا المنشودة والعادلة، وفي مقدمتها القضاء على الإرهابيين الذين قدموا إلى سورية من كل حدب وصوب واعادة إعمار ما دمره الإرهاب بأيد عمالية وطنية سورية وتعزيز صمود وطننا وجيشنا الباسل عبر تمسكنا بمواقع عملنا وزيادة الإنتاج وتحسينه كماً وكيفاً.. تحية لعمالنا في عيدهم عيد العمال العالمي.
*نبيل بيشاني