الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

جريدة الاتحاد

الصفحة السابقة »

الشفافية وبيئة العمل الوطني

2015-04-07 20:19:01

الشفافية وبيئة العمل الوطني


د . محمد عبد الفتاح

الشفافية من المصطلحات الحديثة نسبيا ، وقد ذاع صيتها وأشتهر استخدامها ، على مستوى الأفراد والمؤسسات المحلية والعالمية ، وأدمن على التعاطي معها الكثير من النخب والشرائح المجتمعية ، من مختلف التوجهات الفكرية والاجتماعية ، حتى أنها أضحت شعارا للبرامج الانتخابية والإنمائية لبعض من هذه النخب ، ولاسيما فيما يتعلق بأعمال الحكومة وقراراتها السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية ، كما تشكلت باسمها منابر ومنظمات عالمية ، مثل : منبر الشفافية لتعزيز الشفافية السياسية ، ومنظمة الشفافية الدولية .
والشفافية مشتقة من المادة الشفافة ، وهي فيزيائيا المادة الزجاجية التي يمكن بواسطتها رؤية الطرف الآخر . ومن ثم جرى تعريفها بأنها تلك البيئة التي تتوافر لديها أهداف وسياسات وبرامج ورؤية ورسالة ونظم محاسبية وإدارية ومالية واتصالية تتسم بدرجة عالية من الوضوح والمصداقية ، بما يسمح للرأي العام بالإطلاع على أبرز معطياتها وأنشطتها ، وحتى مناقشتها وتقويمها .
وهذه العناية بمصطلح الشفافية لا يعدو أن يكون مرادفا لقيم الصدق والمصداقية والحقيقة والوضوح ، يدخل في تقديري إلى ما يمكن تسميته بلعبة المصطلحات التي تمارس بين الفينة والأخرى ، فيبدو أنَّ الفكر الإنساني قد يرى أهمية إعادة إنتاج قيمة مادية أو معنوية معينة في إطار صيغة جديدة في محاولة منه لتعزيز مضامينها ، وتطبيق متطلباتها ، ومن ثم تحسين مسارات الحراك الإنساني القِيمي بمجالاته المتعددة ، ومنها مجالات السياسة ،  والأعمال ، والإدارة ، والقانون ، والاقتصاد والاجتماع ... على أية حال ، وكما يقال في الإعادة إفادة ، فإن من شأن ذلك الإسهام في إعادة الزخم إلى بعض القِيم الإنسانية التي قد تكون تآكلت بفعل إرهاصات الحراك الإنساني بتجاوزاته المتراكمة خلال الزمن .
وفي مشهدنا المحلي يتسع نطاق تداول هذا المصطلح بين النخب الفكرية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية ، وتتسع كذلك حول مضمونه الآراء والكتابات ، والندوات والمؤتمرات والملتقيات . ويتماهى ذلك مع جهود ومبادرات فعلية لتوطين مبادئ الشفافية بما تتضمنه من وضوح ومصداقية ورقابة ومكاشفة على صعيد الكثير من القضايا المجتمعية ، خاصة في مجالات الإدارة الحكومية والتخطيط والتوظيف والموارد البشرية والإنفاق العام وأولوياته ، إضافة إلى قضايا التعليم والإسكان والغلاء . هذا الحراك ، وزيادة زخمه ، على المدى المنظور، سوف يقود حتما إلى تحقيق مؤشرات إيجابية بما يخص ترشيد استخدام الموارد المتاحة ، ورفع معايير الجودة في القرارات والتصرفات والسلوكيات الإدارية والمهنية ، وبما يصب في المحصلة النهائية لصالح دعم منظومة العدالة الاجتماعية .
ولعل من أبرز الخطوات المتخذة في إطار دعم الشفافية وتطبيقاتها في سورية إنشاء هيئة لمكافحة الفساد ، والتي يأمل الجميع أن تمارس هذه الهيئة الوطنية أدوارها بفعالية عالية في مراقبة أداء المؤسسات الحكومية ، وبناء الشفافية في أنظمتها الإدارية والمالية والتنظيمية ، ومعالجة مشكلات البيروقراطية والفساد ، إن وجدت ، بما في ذلك سوء استخدام السلطة والصلاحيات ، وتعقيد إجراءات العمل ، وبما يحفظ للوطن موارده وإنجازاته المتراكمة خلال الزمن ، ويحفظ للمواطن حقوقه في التمتع بمنظومة حقوقية وخدمية عالية الجودة ، ويسد نسبيا منافذ الفساد الإداري والمالي ، ويأمل الجميع كذلك أن تتسم أعمال وبرامج الهيئة بشفافية عالية تسمح للرأي العام بالإطلاع على أبرز أنشطتها في مجال مكافحة الفساد والفاسدين ، وأدوات المساءلة والمحاسبة المستخدمة .
 وفي الختام نقول بأنه من المهم جدا ونحن نسعى إلى بناء وتوطين الشفافية ، فكرا ومنهجا وسلوكا ،  ألا نغفل عن العناية بعنصر " الانتماء والمواطنة " وتنمية قيمه في النفوس والقلوب ، والتركيز على البعد الأخلاقي لمكافحة الفساد ونشر مبادئ الصدق والشفافية .

 


مشاركة :
طباعة