جهود كبيرة يبذلها عمال الشركات الإنشائية في مختلف مشاريع البناء والتعمير والخدمات والسكن، والتي تصب في خدمة المواطنين وتأمين احتياجاتهم العمرانية والسكنية، وقد ساهم القطاع الإنشائي في عملية التنمية والبناء وكان وما يزال الرائد في هذا المجال من خلال شركات القطاع العام الإنشائي التي بنت البنى التحتية والخدمية بأرقى التصاميم، ولعل سنوات الحرب العدوانية على سورية ساهمت إلى حد بعيد وأثرت سلباً على أداء هذا القطاع وأدت إلى توقف الكثير من المشاريع الإنشائية بمختلف أنواعها ومجالاتها، وخروج عدد كبير من القوة العاملة في هذا المجال لأسباب عديدة، وتراجع مستويات التنفيذ، إلى جانب توقف نشاط بعض الشركات بسبب عدم توفر جبهات عمل وعدم القدرة على الدخول إلى الكثير من المناطق والمدن التي طالها الإرهاب والتي كان من المفروض تنفيذ مشاريع فيها.
وفي هذا السياق أكد إحسان قناية رئيس مكتب نقابة عمال البناء والأخشاب بدمشق على ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم بالقطاع الإنشائي وخاصة في هذه المرحلة التي تنطلق فيها البلاد نحو مرحلة إعادة الإعمار، بالنظر إلى الدور الأساسي الذي يلعبه القطاع الإنشائي هنا، مبيناً أن أول خطوة يتم اتخاذها بعد تحرير أي منطقة أو بلدة من الإرهاب هي دخول آليات القطاع الإنشائي وعماله الذين يقومون بتنظيف المنطقة من آثار الدمار والتخريب التي خلفها الإرهاب، والعمل على إعادة تأهيل البنى التحتية وفتح الطرق وإعادة تأهيلها وصيانتها بما يساهم في دخول باقي الجهات لاستكمال تأمين المرافق العامة والخدمات المطلوبة لإعادة المواطنين الذين هجروا من منازلهم في تلك المنطقة.
وبين قناية إن عمال هذا القطاع أثبتوا خلال سنوات الحرب أنهم دائماً قادرين على العطاء وتقديم كل ما يلزم لإعادة الحياة بكل أشكالها إلى مختلف المناطق والمدن التي طالها الإرهاب، مشدداً على ضرورة مساعدتهم في حل مشكلاتهم وتأمين مستلزمات العمل، والنهوض بالقطاع الإنشائي وإصدار القرارات التي من شأنها حل مشكلاته.
وقال قناية إن الشركات الإنشائية وخاصة شركات القطاع العام سيكون لها دور كبير في مرحلة إعادة الإعمار فلا بد من دعم هذه الشركات ورفدها بالكوادر الفنية والمهنية اللازمة لتعويض النقص الكبير الحاصل في عدد عمالها وفنييها وخبراتها التي خسرتها خلال سنوات الحرب، إلى جانب العمل على تحديث الآليات والمعدات ورفد تلك الشركات بآليات حديثة (بلدوزرات، قلابات، آليات ثقيلة، تركسات...) تتناسب مع حجم الأعمال والمهام التي سيكون عليها إنجازها في المرحلة القادمة من مرحلة إعادة الإعمار، مع ضرورة منح هذه الشركات الأولوية في العقود والمشاريع وتأمين جبهات عمل لها وصرف رواتب عمالها مع تأمين كافة مستحقاتهم من تعويضات وطبابة ونقل وحوافز وغيرها من مكاسب عمالية، مع تأمين اللباس الوقائي وتطبيق شروط السلامة المهنية ومنح العطل الأسبوعية ومنها عطلة يوم السبت أو تقديم بدل مالي عنها.
كما جرت الدعوة والتأكيد على اختيار إدارات تتصف بالكفاءة والنزاهة والأمانة باعتبارها المحرك الأساسي لتطوير عملية الإنتاج وخاصة أصحاب الكفاءات الإبداعية للحلول الاقتصادية، وتحييد الإدارات التي يثبت فسادها والابتعاد عن المحسوبيات واعتماد أسس واضحة وصريحة للمقاييس الاقتصادية لتطوير وتحديث هذا القطاع.
بالمقابل أشار رئيس مكتب النقابة إلى أن القطاع الخاص الإنشائي أيضاً واجه معاناة وصعوبات كبيرة نتيجة الحرب العدوانية على البلاد، ولكون كافة جبهات العمل بمناطق ريف دمشق تعرضت بشكل كبير للإرهاب والجماعات المسلحة، فقد أثر هذا سلباً على عمل القطاع الخاص وأدى إلى عدم وجود جبهات عمل نتيجة عدم وجود مواد البناء وارتفاع أسعارها، وبما أن هذا القطاع غير منظم وهو عبارة عن ورشات صغيرة تقوم على العمل الإفرادي والآني، لذلك تأثر هذا القطاع كغيره من القطاعات تأثيراً كبيراً وخاصة بأن عمال هذا القطاع غير مشمولين بمظلة التأمينات الاجتماعية وبنية عمله غير صحية والعمال يتعرضون للأخطار، ولذلك رأينا أنه من الضروري جداً تنشيط العمل النقابي داخل القطاع الخاص وضم هؤلاء العمال إلى صفوف العمال والقيام بالجولات الميدانية لهذا القطاع والسعي لتأمين احتياجاته وتحسين واقع عمله، ومن الضروري تنسيب عمال القطاع الخاص الإنشائي وخاصة بعد الموافقة على إنشاء عدد من شركات البناء الخاصة للمشاركة بعمليات إعادة الإعمار، واستيفاء رسم من كافة المشاريع التي يتم ترخيصها من قبل محافظة دمشق وريفها أسوة بنقابة المهندسين وخاصة بأن العمال هم الذين يقومون بتنفيذ الأعمال والمشاريع، على أن يعود هذا الرسم إلى صندوق دعم عمال القطاع الخاص وتأمين الإعانات اللازمة لتحسين واقعهم المعيشي.
ولفت قناية إلى المتابعات الحثيثة التي بذلها مكتب نقابة عمال البناء والأخشاب خلال العام الماضي، للوقوف على واقع العمل والعمال في مختلف مواقع العمل، والسعي لحل المشكلات والعقبات والصعوبات التي تواجه العمال، من خلال المتابعة والتنسيق مع الإدارات المعنية، وقد تم التوصل إلى حل العديد من المشكلات في عدد من التجمعات العمالية والشركات بالتنسيق مع اتحاد عمال دمشق.
كما أثمرت تلك المتابعات والجولات على مواقع العمل تنسيب أعداد جديدة من العمال إلى صفوف النقابة في القطاعين العام والخاص، حيث بلغ عدد المنتسبين خلال العام الماضي 263 عاملاً وعاملة من القطاعين العام والخاص إضافة إلى القطاع المشترك.
ويسعى مكتب النقابة بكل جهد إلى زيادة الخدمات والمساعدات التي تقدم للعمال المنتسبين ومنها الخدمات الاجتماعية والصحية، حيث تم تعديل النظام الداخلي لصندوق المساعدة الاجتماعية للنقابة لتقديم مساعدات أفضل للمنتسبين، على اعتبار أن تأمين الخدمات الاجتماعية والصحية وتنويع أنماطها هي ثوابت عمل ونشاط الحركة النقابية، حيث يقدم صندوق المساعدة الاجتماعية خدمات متنوعة ومقبولة من شأنها تخفيف الأعباء عن العمال من خلال الإعانات التي يقدمها ضمن ضوابط وأسس موضوعية، حيث تمت زيادة قيمة إعانة نهاية الخدمة لتصبح 125 ألف ليرة بعد أن كانت فقط مائة ألف ليرة، كما تمت إضافة فقرة جديدة لإنصاف العمال الذين زادت خدماتهم عن 30 سنة ولم يبلغوا سن التقاعد بأن يضاف مبلغ 3 آلاف ليرة عن كل عام كامل فوق الثلاثين سنة بما لا يتجاوز خمس سنوات.
كما تم زيادة إعانة الولادة والزواج وتحديد المبلغ المدفوع لعائلة العامل المتوفى بقيمة مائة ألف ليرة كحد أدنى ويعامل معاملة نهاية الخدمة في حال تجاوز اشتراكه عن 30 سنة، كذلك تم زيادة قيمة الإعانة المقدمة للعامل عند وفاة أحد أفراد أسرته، كما يتم منح بطاقة صحية لعائلة العامل المنتسب إلى النقابة وصندوق المساعدة الاجتماعية بقيمة خمسة آلاف ليرة ويتم العلاج وتأمين الدواء من خلال مؤسسة الرعاية الصحية وبأجور رمزية.
هذا إلى جانب الزيارات التي يقوم بها مكتب النقابة إلى منازل بعض العاملين الذين تعرضوا لاعتداءات إرهابية من قبل العصابات الإرهابية وخاصة في أماكن عملهم وتم تقديم إعانات فورية لهم، ويقوم مكتب النقابة بالتواصل الدائم مع الإدارات لتطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية وحثها على العمل لزيادة الاعتمادات المخصصة للأمن الصناعي ليتناسب مع الزيادة المطردة بالأسعار.
محمود ديبو
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي