الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » أخبار الاقتصاد

الصفحة السابقة »

بعد الترهل والضعف... اقتصادنا عودة إلى مرحلة الازدهار والانتعاش من جديد

2018-01-25 18:39:30

لا شك أن اقتصادنا السوري تعرض لهزات كبيرة طوال سنوات الأزمة، ولا يختلف اثنان على أن حرص بلدنا على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع قبل اندلاع الأزمة، مكّنها من الصمود في مواجهة مساعي إسقاطها، فعلى الرغم من قوة الهزات الرامية إلى هدم اقتصادنا أولاً والتي كان من المخطط لها أن تودي بالبلاد إلى الانهيار، إلا أن الاكتفاء الذاتي قبل الحرب منع حدوث ذلك، ولعلّ القوة التي تمتع بها اقتصادنا خلال السنين الصعبة نابع من تميزنا بصناعة كنا ومازلنا نفتخر بها بين جميع الدول، لكن وللأسف فقد عانت صناعتنا من بعض الترهل والضعف نجمت عن جملة من الظروف خلقتها الأزمة الراهنة التي تمر بها سورية مترافقة مع عمليات تهريب وهجرة كثيفة للمعامل والرساميل إلى الخارج لتصبح هذه الصعوبات تهدد وجود ومستقبل هذا القطاع وتحتاج إلى المليارات لإعادة ترميمها وبنائها في الوقت الذي تعاني فيه مصادر التمويل من الضعف ما تطلب من الجهات المسؤولة اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمعالجة آثار ونتائج هذه الأزمة بشكل كامل من مختلف المؤسسات، وتقديم التسهيلات اللازمة لهذا القطاع، كي يكون قادرا على الإنتاج مرة أخرى، والمساهمة بقوة في النهوض بالاقتصاد السوري من جديد، وهذا ما يتم العمل عليه حالياً.

هبوط وصعود
رصدت الحكومة السورية ضمن موازنة العام الماضي 2017 التي تعد أكبر موازنة سورية، اعتمادات لإعادة إعمار المناطق التي تضررت بفعل اعتداءات المجموعات المسلحة، علاوة على البدء بتنفيذ عدد كبير من المشاريع وترميم المعامل وتقديم الحوافز للصناعيين والتجار والتسهيلات ووضع سياسة نقدية مرنة إلى حد ما حسب رأي الباحث الاقتصادي" حيان سليمان"، وقد طرحت الحكومة عدة مواضيع بشأن إعادة الإعمار، وبدأ المستثمرون الأجانب يأتون إلى سورية لتنفيذ عدد كبير من هذه المشاريع، إضافة إلى الدول الصديقة وفي مقدمتها روسيا وايران والصين، أي أن عجلة إعادة الإعمار بدأت، وأكد سليمان أن سورية صنفت بين عامي 2001 و2010 كواحدة من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة وكواحدة من الدول الخمس الأكثر أمانا في العالم، إذ وصل النمو الاقتصادي خلال الخطة الخمسية التاسعة بين عامي 2001 و2006 إلى 5.7 بالمئة وفي الخطة الخمسية العاشرة 2006 الى 2011 وصل النمو الاقتصادي إلى 4.8 بالمئة أي كان المعدل الوسطي خلال العقد الأول بحدود 5.2 بالمئة، وكانت سورية من الدول القليلة جدا التي حققت مثل هذه المعدلات من النمو، لكن تعرض البلد للأزمة أدى إلى انعكاسات سلبية وخطيرة على الاقتصاد السوري، لافتاً إلى أنه في العام 2012 بدأت رؤوس الأموال السورية بالهروب إلى دول الجوار بسبب الممارسات الإجرامية من قبل الجماعات المسلحة، وبدأ أصحاب رؤوس الأموال باستثمارها في هذه البلاد وبخاصة لبنان والأردن وتركيا من خلال بناء مصانع، ما اضطر الحكومة السورية إلى وقف العمل بالخطط الخمسية واللجوء إلى "عملية الترميم، ومع ذلك فقد أجريت عام 2016، دراسة عن حجم الدمار الذي لحق بقطاعات الإنتاج والبنية التحتية، فتوصلت إلى أن الخسائر تقدر بنحو 300 مليار دولار، غير أن هذا الرقم لا يشمل الخسائر الاجتماعية، وأشار سليمان إلى أن الاقتصاد السوري بدأ بالانتعاش عام 2013 مع عودة بعض المستثمرين، فزادت المشاريع الاستثمارية قليلا، ليتحسن الاقتصاد بشكل أكبر عام 2014 وتتجه الأمور نحو الأفضل، معرباً عن تفاؤله بتحسن الاقتصاد السوري في العام الحالي فقد بدأت عجلة الإعمار تعود بسورية إلى ما كانت عليه عام 2010.

حلول فورية
لعل الحديث عن الحلول الجذرية التي يجب البدء بالعمل بها للنهوض بالصناعة وبالتالي باقتصادنا من جديد يستلزم عددا من الخطوات الفورية برأي الخبير الاقتصادي أيمن ديوب" كلية الاقتصاد" أهمها العمل على تأمين مواقع بديلة آمنة للمنشآت الصناعية التي تم تدميرها بالكامل من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة واتخاذ الإجراءات المشتركة اللازمة والسريعة لتوفير الأمن والأمان في المناطق والمدن الصناعية وتسهيل نقل المنشآت الصناعية اليها، ومن ثم توفير التمويل اللازم لإعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية من خلال إحداث صندوق خاص لتقديم القروض والتسهيلات لهذه الغاية بشروط ميسرة للصناعيين المتضررين وتعويضهم لنقل وإعادة تأهيل وتشغيل منشآتهم أو إعادتها إلى سورية في زمن محدد ووفق شروط وحوافز محددة، والإسراع في تنفيذ القرار الخاص بتقديم قروض قصيرة وبشروط ميسرة للمنشآت الصناعية المتعثرة حالياً لاستخدامها كرأسمال عامل من أجل تحريك الإنتاج والأسواق والمحافظة على وجودها والعاملين فيها، إضافة إلى تشجيع وتفعيل أسلوب التأجير التمويلي في إقامة وتشغيل المنشآت الصناعية. وإعطاء مسألة التمويل الصناعي بكافة مستوياته، المتناهي الصغر والصغير والمتوسط، الاهتمام المطلوب من المصارف والصناديق العامة والخاصة وبشكل خاص ما يتعلق بتسهيل شروطه وضماناته مع التأكيد على أن تكون المنشأة الصناعية بآلاتها وتجهيزاتها وبنائها هي ضمانة القرض المطلوب باعتبار أن مخاطر إغلاق المنشآت الصناعية كلياً أو جزئياً أو تراجع النشاط الصناعي أكثر ضرراً وخطرا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية على الاقتصاد الوطني من تأخر تسديد القرض أو إعادة جدولته، وأشار ديوب إلى ضرورة إطلاق حملة وطنية لتشجيع وحث المواطنين على دعم الصناعة الوطنية بشراء المنتج الوطني واتخاذ اجراءات فعالة لمواجهة التهريب وحالات التلاعب والفساد المعروفة في إدخال المستوردات وبشكل يترافق مع التزام واضح من قبل الصناعيين بمراعاة موضوع السعر المنافس والجودة المطلوبة وخدمة ما بعد البيع وبتسهيلات الشراء وتجنب تخفيض نوعية المنتجات الوطنية لتخفيض كلفتها وسعرها لمنافسة البضائع المستوردة ما يؤدي إلى الإساءة إلى سمعة الصناعة الوطنية ومصداقيتها محلياً وخارجياً.

متطلبات الأزمة
في المقابل وجد جودت ناصر" دكتور في الاقتصاد" أن النهوض بالاقتصاد الوطني يتطلب النهوض بالقطاع الصناعي والذي وصفه بالقطاع الصلب فمن خلال ما شهدناه في الثمانينيات من حصار اقتصادي على الشعب السوري وما كان من تشجيع القطاع العام الصناعي لسد النقص الاقتصادي خلال تلك الأحداث جعل من هذا القطاع أكثر تماسكاً وتكاملاً وهذا ما أثبتته الأزمة، وحقيقة إن الذين خططوا لضرب سورية قد درسوا وضعها من كافة النواحي الاقتصادية والعامة فكان التوجه منذ بداية الأزمة لضرب البنى التحتية بشكل عام والقطاع الصناعي بشكل خاص لأنه اللبنة الأساسية للاقتصاد الوطني السوري، لذا لابد من عودة القطاع الصناعي العام إلى الواجهة وبشكل قوي لكن مع تصحيح الأخطاء التي كان يتعرض لها من الروتين واستيلاء بعض الأشخاص على نقاط معينة من أجل مصالحهم الخاصة ومنافعهم الشخصية، ولا بد أيضا من إعادة هيكلة هذا القطاع بشكل جديد يتلاءم مع المستجدات والظروف الراهنة وبرؤية مستقبلية تساعد على بناء اقتصاد قوي ومتين ليتواكب مع الصناعات الحديثة وتحقيق الصناعات الثقيلة ليتحقق الاكتفاء الذاتي للصناعة السورية.

ضعف في التطبيق 
ولأن القطاع الصناعي هو ركيزة الاقتصاد واللاعب الأهم والأساسي في بناء الاقتصاد السوري ودعمه وخاصة على الصعيد المحلي وتخفيف البطالة والمساعدة على حل مشكلة هذه البطالة كان لا بدّ من الانطلاق أولاً لحل مشاكل هذا القطاع الذي تراجع نتيجة الضعف في التطبيق لسياسات هذا القطاع وكثرة الفساد فيه وإضعاف التسويق لمنتجاته والعمل على إضعاف السوق المحلية مما جعل القطاع الصناعي الخاص يتصدر السوق وهذا ما أضعف هذا القطاع العام الصناعي وأدى إلى شبه حالة شلل لا يحسد عليها، لذا لا بد اليوم من إشراك جميع المنظمات والهيئات في اقتراح وتنفيذ خطط التنمية الشاملة وإشراك الشباب السوري في اقتراح الخطط التنموية الضرورية لتحقيق مطالبهم.
ميس بركات
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
 


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك