الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » أخبار الاقتصاد

الصفحة السابقة »

إلى متى ستبقى أسواقنا تعج بسلع وخدمات بلاد جودة ولا مواصفات

2017-11-25 08:38:24

التلاعب في المواصفات وعدم الالتزام بتقديم منتجات بمستوى جودة مقبول بات السمة الغالبة لمعظم السلع والخدمات التي يتلقها الزبون اليوم، والأرقام التي تدلل على ذلك في تزايد مستمر رغم كل ما تقوم به الجهات الرقابية من إجراءات ومتابعات، ورغم توفر الغطاء القانوني الذي يعطي الصلاحية للجهات الرقابية بفرض عقوبات رادعة بحق المخالفين والمتلاعبين..
هي قصة باتت مكرورة وتشكل هاجساً يومياً للمواطن والمستهلك ومتلقي الخدمة على اختلاف أنواع السلع والخدمات التي يحتاجها في تفاصيل حياته اليومية..
فلسنا هنا نتحدث فقط عن السلع الغذائية أو باقي المنتجات الاستهلاكية، وإنما الأمر ينسحب أيضاً على باقي الخدمات العامة منها والخاصة، كالنقل والصحة والتعليم والمرافق العامة والتأمين الصحي والتأمين الإلزامي على السيارات، هذا إلى جانب ضرائب النظافة والضرائب المستحقة على فواتير الماء والكهرباء والهاتف والمتضمنة بند (صيانة عداد) أو صيانة خط أو ..، وكلها خدمات مأجورة لا ترقى بمستواها إلى القيمة المادية التي يدفعها الزبون لقاء تلقيه الخدمة، فهنا لا نتحدث عن خدمات مجانية أو سلع توزع كهبات للمواطنين والمستهلكين..
بمقابل كل هذه الفوضى في مجال الجودة وعدم الالتزام بالمواصفات، نجد أنه وفي كل عام تقام مؤتمرات وندوات متخصصة بمجال الجودة، باتت اليوم أقرب لكونها مظاهر احتفالية كرنفالية تقليدية، من كونها تحث وتسعى للخروج بنتائج تتحقق على الأرض في مجال تطبيق أنظمة الجودة في إدارة المؤسسات والالتزام بالمقاييس والمواصفات المنصوص عليها للخدمات والسلع ومختلف المنتجات التي تطرح في الأسواق وتباع للمستهلكين..سواء كانت خدمات صحية أو تعليمية أو لوجستية أو سلع ومنتجات تباع في الأسواق أو غير ذلك..
كل تلك الاحتفاليات والمؤتمرات والندوات التي أقيمت على مدى السنوات الماضية، ركزت على جملة من النقاط أهمها اعتبار الجودة جوهر الحياة في المجتمع، والعمل على التوسع في نشر ثقافة الجودة بما يوفر الإمكانية لتقييم الأعمال المنجزة بعد توفير كل التقانات والمتطلبات اللازمة لتطبيق معايير الجودة في مختلف المجالات وفي القطاعين العام والخاص، والدعوة لتشكيل هيئة ناظمة ومجلس وطني للجودة للتمكن من تنسيق كافة الجهود المبذولة في هذا الاتجاه، بالتزامن مع توفير البنية التشريعية والتنظيمية اللازمة لدعم منظومة الجودة لتلبي احتياجات البلاد في المرحلة القادمة.
وفي المؤتمر الأخير الذي أقامته الجمعية العلمية السورية للجودة العام الماضي بمناسبة يوم الجودة تم التوصل إلى جملة من التوصيات في مجال النهوض بواقع الجودة من خلال تقديم الدعم الحكومي اللازم لنشر ثقافة الجودة في كافة المجالات، وإحداث إدارات للجودة في الوزارات والمؤسسات تعتبر نواة تساعد في تطبيق معايير الجودة بالاعتماد على خبراء متخصصين بهذا المجال، وإدخال الجودة كمادة في المناهج التعليمية لمراحل التعليم بكل المستويات، وإحداث هيئة ناظمة مستقلة للغذاء والدواء، والأهم من ذلك العمل على وضع السياسة الوطنية للجودة الصادرة في العام 2011 موضع التنفيذ العملي وتحديد البرامج الزمنية والتعليمات اللازمة لتنفيذها، حيث كان من المفروض أن توثق هذه السياسة ضرورات إحداث وتطوير البنى القائمة لوضع المواصفات والتشريعات الفنية إضافة لنشاطات القياس والمطابقة والاعتماد.
وللحديث عن السياسة الوطنية للجودة التي تم إقرارها منذ سبع سنوات نجد أنه تم تشكيل فريق عمل في حينها لتحويل هذه السياسة إلى برنامج تنفيذي، وذلك من خلال قيام هذا الفريق بإعداد البرنامج الوطني للجودة، ويضم الفريق ممثلين من مختلف الجهات المعنية في الحكومة وقطاع الأعمال.
وكان الهدف من كل هذا رفع كفاءة الأداء الاقتصادي في سورية وتطوير مستوى التنافسية للقطاعات الإنتاجية.
وجاءت الوثيقة الوطنية المتضمنة البرنامج الوطني للجودة في العام 2013 لتحدد الإجراءات التنفيذية والبرامج الزمنية التي على الجهات المعنية أن تنفذها لتطوير الملائمة للجودة عبر إصدار تشريعات جديدة ومراجعة التشريعات المطبقة وخاصة منها المتعلقة بالمواصفات والقياس والاعتماد وتقييم المطابقة ومراقبة الأسواق وسلامة المنتجات، والعمل على تعديل قانون هيئة المواصفات والمقاييس السورية، بما يحقق تنظيم عملية إعداد المواصفات والتقييس وفصل التقييس عن باقي الأنشطة ضمن " هيئة المواصفات الوطنية "، بمشاركة الوزارات والجهات المعنية في القطاعين العام والخاص والأهلي والجمعيات، والتأكيد على تعديل قانون القياس الحالي بما يتوافق مع الممارسات الدولية، وإعداد صك تشريعي خاص بتأسيس نظام الاعتماد الوطني لجهات تقييم المطابقة لتغطية نشاطات منح الشهادات وأنظمة الإدارة والمخابر والتفتيش، واعتماد صك آخر خاص بتقييم المطابقة، وآخر خاص بالرقابة على الأسواق، والعمل على تطوير آليات إعداد المواصفات بالتوافق مع المعايير الدولية لضمان توفر الوسائل الكفيلة لاختبار وإثبات سلامة وأداء السلع والخدمات الأساسية للمستهلك، مع العمل على إعداد كادر مؤهل لمراقبة الأسواق وتفعيل قانون سلامة الغذاء وإعادة هيكلة مجلس سلامة الغذاء وإحداث شبكة تبادل معلومات للرقابة على الأسواق وتطبيق نظام الإخطار على المواقع الالكترونية واستكمال تأسيس المركز الوطني للاعتماد وفق المعايير الدولية.
كل هذا وغيره الكثير من الخطوات والإجراءات المتخذة يبدو أنها حتى الآن غير كافية لتغيير واقع الجودة في السلع والخدمات في الأسواق، ما يعني أنها ستبقى حبراً على ورق إلى حين توفر الإرادة الواعية والقادرة على تنفيذ بنود تلك النصوص التي استهلكت الكثير من الوقت والجهد والمال من قبل الجهات المعنية، لوضعها بالاعتماد على الخبرات المحلية والتجارب الخارجية المتوافرة.
ذلك أن الملاحظ حتى الآن أن مفهوم الجودة ومعايير أنظمة الجودة والمواصفات والمقاييس وغيرها، تحولت اليوم إلى شعار يحتفى به من عام إلى آخر دون أن يتحول إلى تطبيق عملي يلمس المستهلك ومتلقي الخدمة، ولعلنا نلمس هذا من بعض التصريحات والكلمات التي تلقى في هذه المناسبة خلال المؤتمرات والندوات التي تعقد حيث يتم التركيز على أهمية (الاحتفال) بيوم الجودة، بوصفه مناسبة تتجدد في كل عام بنفس التاريخ، دون السعي لتطبيقها وتحويلها إلى واقع من خلال الارتقاء بمستويات الجودة والمواصفات والمقاييس..
ففي كل عام يؤكد المشاركون في مثل تلك (الاحتفاليات) على أهمية العمل وبالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية على تطبيق أنظمة الإدارة ومواصفاتها والعمل على تهيئة البنية التحتية للجودة على مختلف المستويات بهدف كفاءة الأداء الاقتصادي في سورية وتطوير مستوى التنافسية للقطاعات الإنتاجية السورية بعد تأهيل منظومة البنية التحتية للجودة ومواءمتها وفق المتطلبات الدولية، وضمان تقديم حزمة الخدمات الداعمة في مجال الجودة للمؤسسات الإنتاجية الوطنية وسلامة المنتجات المتداولة في الأسواق المحلية.
ويبقى كل هذا في إطار الكلام العام والمحضر مسبقاً ليلقى على أسماع الحاضرين، وستتكرر في كل عام الأماني والتطلعات إلى ضرورة التعاون والتنسيق لإنجاز وتطبيق معايير الجودة والالتزام بالمواصفات والمقاييس...

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي

محمود ديبو


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك