المشكلة بين شركات القطاع العام (المنتجة والمسوقة) قديمة جديدة وان كانت الآن على أشدها بين شركتي زيوت حماة وزيوت حلب التي تتبع لوزارة الصناعة والشركة السورية للتجارة التي تتبع لوزارة التجارة الداخلية حيث ان كل جهة تقول انها شركة اقتصادية تحاسب على النتائج وبالتالي فهي غير مستعدة ان تخسر بسبب غيرها وتبحث عن ما يحقق مصلحتها ليكون الخاسر الأكبر في هذه العلاقة هو المواطن والخزينة العامة.
إن شركات القطاع الصناعي هي شركات إنتاجية بينما أنشئت الشركات التسويقية العامة (الاستهلاكية - التجزئة - الخزن -سندس ومن ثم دمج هذه الشركات بالشركة السورية للتجارة) لتسويق إنتاج شركات القطاع العام وليس لتسويق إنتاج القطاع الخاص إلا أن ما حصل لاحقاً أنها أصبحت تتسوق من القطاعين العام والخاص إلا أن استجرارها من القطاع الخاص ارتفع على حساب القطاع العام وأحياناً توقف عن الاستجرار بشكل كامل من بعض الشركات العامة لأن الشركة السورية للتجارة اعتبرت ان استجرارها مرهون بالأسعار التي تحقق لها تنافسية.
بهذا الإطار يمكن فهم المشكلة التي وقعت بين شركتي الزيوت والسورية للتجارة حيث كان وزير التجارة اصدر قراراً بتسليم نسبة من الزيوت الخامية المستوردة للقطاع الخاص بأسعار الكلفة إلى شركة زيوت حماه (العاصي) وشركة زيوت حلب (الشهباء) وفعلا قامت الشركتين بتكرير الزيت وتعبئته ومن ووضع هامش ربح مقبول ثم بيعه بالأسواق بأسعار منافسة أقل من السوق إلا أن قرار من وزير التجارة الداخلية أصدر قراراً منع بموجبه الشركتين من بيع الزيت إلا للشركة السورية للتجارة وقامت إدارة الشركتين بمخاطبة الشركة السورية للتجارة لاستجرار الزيوت إلا أنها لم تقم بالاستجرار وبعد حوالي شهرين على وقف البيع بالرغم من الإنتاج كان بالمستودعات والفرق بين سعر ليتر الزيت كان لمصلحة الشركتين بحدود 125 ليرة للسعر الواحد الآن السورية لم تقم بالاستجرار حتى شهد السوق فيما بعد انخفاضاً كبيراً بسعر الزيوت لتمتنع عن استجرار الزيوت وتستجر زيوتاً من القطاع الخاص بسبب فارق السعر بينهما.. مما حمل الشركتين أعباء التسويق وتحول قسم كبير منه إلى مخازين بالوقت الذي كان يمكن للشركتين قبل منعهما من البيع من تحقيق أرباح مقبولة وتسويق كامل الإنتاج.
أخيراً إن اعتماد الشركات المنتجة على البيع المباشر من خلال تكوين مراكز بالأسواق أو صالات خاصة بها بالمدن يعطيها القدرة على تسويق إنتاجها مباشرة وتحقيق أرباح مقبولة بدلاً من تراكم الإنتاج وانتظار (الجهة المسوقة) السورية للتجارة أو غيرها من شركات القطاع العام التسويقية مثل عمران لاستجرار الإنتاج التي قد تأتي أو لا تأتي حسب ما يحقق مصلحتها.
إن تجربة الشركة للعامة للبورسلان والأدوات الصحية بحماة أثبتت نجاح أن تكون الشركة منتجة ومسوقة بنفس الوقت حيث تسوق كامل انتاجها بشكل مباشر دون أي عقبات وتحقق ريعية اقتصادية جيدة دون الاعتماد على مؤسسة عمران الجهة المعنية بالتسويق فهل تكون هذه التجربة وغيرها حلاً منطقياً وطبيعياً للشركات المنتجة لتسويق إنتاجها وتحقيق أرباح جيدة يمكنها من زيادة إنتاجها وتخفيض التكاليف وزيادة قدرتها التنافسية في سوق مفتوح على كل الاحتمالات.
المصدر:جريدة كفاح العمال الاشتراكي
عبد اللطيف يونس