أثرت الحرب التي تعيشها سورية على قطاعنا العام الصناعي بعد أن تم استهدافه من قبل الإرهابيين و تدمير العديد من منشآته الخاصة والعامة والتي بلغت أضرارها مليارات الليرات السورية، ناهيك عن ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب الحصار الاقتصادي الجائر ورفع أسعار المحروقات والقائمة تطول، ولكن مع ذلك يبقى وسط هذا كله مراكز إنتاجية تستمر في العمل وتخلق من ظروف الأزمة حافزاً ونموذجاً للسير إلى الأمام، من خلال الساعين بلا كلل أو ملل للحفاظ على شركات القطاع العام وشركة الكابلات أكبر مثال على صمود القطاع العام وتفاني العمال من إداريين وعمال إنتاج وكل من هو مهتم جديا بالبناء والاستمرار في مواجهة ظروف الأزمة.
خطوط الإنتاج مستمرة
تنتج الشركة وتسوق كافة أنواع كابلات التوتر المنخفض وحتى (1) كيلو فولت ، وتعتمد المواصفات العالمية وتتمتع كافة منتجاتها بجودة عالية وسمعة جيدة في الأسواق، وفي هذا الإطار بين مدير الشركة عبد القادر القدور أن الشركة مازالت تعمل بكامل خطوط إنتاجها من بداية الأزمة وحتى الوقت الحالي متجاوزة الظروف الراهنة والحظر الدولي المفروض على القطر، وتنفذ خططها الاستثمارية والتسويقية والإنتاجية بشكل جيد حسب المتاح وذلك لكبح الاحتكار وزيادة الأسعار عن الحد الطبيعي انطلاقاً من مهامها كشركة عامة تنفذ سياسة الدولة الاقتصادية، وأضاف القدور أن خطوط الإنتاج في الشركة تقسم إلى قسم سحب أولي ومتوسط وشعري يتبعه الجدل بأقسامه الشعري والنظامي والمعزول وبعده قسما عزل (الرفايع والتخاين) وهناك قسم هواتف وخط الرباعي والميدان وانتهاء بأقسام الفحص النهائي لكافة الكابلات، مشيراً إلى أن الشركة تستخدم في صناعة منتجاتها آلات متطورة حديثة وتسعى دائماً لتطوير خطوط الإنتاج وتحديثها لمواكبة التطورات العالمية لهذه الصناعة، مبيناً أن الشركة مجهزة بأحدث الأجهزة المخبرية اللازمة لفحص المواد الأولية وإجراء الاختبارات على المنتجات النهائية ونصف المصنعة.
/1593390/ ألف ليرة سورية أرباح الربع الأول
شاءت الظروف أن تكون شركة الكابلات إحدى الشركات العامة التي صمدت وعملت تحت رحى الحرب وعانت من صعوبات لا تنتهي بدءاً من صعوبة تأمين المستلزمات وانقطاعات الكهرباء، وتقلص العمالة وغيرها، ورغم ذلك تحدت وصمدت واستمرت بالإنتاج، وأثبتت أنها من الشركات الوطنية الداعمة للاقتصاد وما حققته الشركة خلال الأزمة واستمرارها بالعمل شاهد على هذا الكلام، حيث تعتبر الشركة العامة لصناعة الكابلات بدمشق من الشركات الرابحة لدى المؤسسة العامة للصناعات الهندسية، ومعدلات التنفيذ فيها جيدة من جميع النواحي رغم الظروف الراهنة. وأوضح رئيس نقابة عمال الصناعات المعدنية مازن دكاك أن الشركة حققت خلال الربع الأول من هذا العام أرباحاً بقيمة /1593390/ ألف ليرة سورية في حين بلغت كمية الإنتاج المحققة حتى نهاية حزيران /2761/طناً، وبلغ تنفيذ الخطة الإنتاجية 79%، بينما بلغت خطة المبيعات 57% في حين بلغت مبيعات الشركة /2454/ طناً بقيمية إجمالية وصلت إلى /7608939/ ألف ليرة سورية والخطة الاستثمارية تنفذ بصورة جيدة من خلال ماهو مخطط لها لعام 2017حيث بلغت 29.846ألف ليرة سورية ، ويتم الإعلان عن المناقصات الخاصة بها ودراستها بالتنسيق مع الجهات الوصائية ليتم تنفيذها بشكل جيد.
ولفت دكاك إلى وجود زيادة واضحة في إنتاج الشركة مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي إذ بلغت نسبة الإنتاج خلال عام 2016 /72% /في حين بلغت خلال العام الحالي 79%.
وعن أنواع الكابلات التي تنتجها الشركة يقول مدير الشركة: تنتج الشركة أنواع مختلفة من الكابلات منها الأمراس العارية من النحاس والألمنيوم لنقل التوتر المنخفض والعالي، والكابلات الكهربائية النحاسية المعزولة بالبلاستيك وحيدة النواة أو متعدد النواة، كذلك الكابلات الكهربائية والنحاسية المعزولة بالكاتشوك الصناعي للاستخدامات الخاصة، إضافة إلى الأسلاك الكهربائية للتمديدات المنزلية، والنوازل الهوائية للتلفزيون الملون والعادي، وكابلات الهاتف ذات الأزواج المتعدد والرباعي والميدان، إلى جانب أسلاك البوبيناج المطلية بمادة الورنيش المستخدمة في لف وشائع المحركات الكهربائية .
صعوبات متكررة... والشركة مستمرة
تأثرت الكابلات كأغلب المنشآت والشركات الصناعية بالأحداث الجارية في سورية منذ بداية الأزمة، وواجهت صعوبات كثيرة أبرزها بحسب مدير الشركة تلك المتعلقة بالعقوبات الدولية وبالأخص المتصلة بالشحن لقطع الغيار التبديلية والمواد الأولية إلى سورية من الخارج، إضافة إلى مشكلة تأمين المواد الأولية وهي ليست مشكلة الكابلات فقط بل هي مشكلة عامة لأغلب الشركات منذ بداية الأزمة وإلى اليوم والتي وصلت إلى حد توقف الشركات عن العمل في حال عدم توفر هذه المواد بالسرعة المطلوبة، إضافة لارتفاع أسعارها بسبب عدم الشراء من الشركات الصانعة مباشرة ما أدى بالنتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج، مؤكداً أن الشركة رغم ذلك كله تبذل جهوداً كبيرة لتأمين احتياجاتها من المواد الأولية متجاوزة الظروف الراهنة والحظر الدولي المفروض على البلد.
وتحدث القدورة عن الصعوبات التي تواجه الشركة في مجال التسويق والناتجة عن صعوبة النقل بين المحافظات، مطالباً بضرورة العمل على إصدار تعميم من رئاسة مجلس الوزراء بتأمين الكابلات عن طريق الشركة حصراً.
وفي المجال المالي كشف مدير الشركة عن ارتفاع أرصدة الزبائن وعدم قيام مؤسسات الكهرباء بتسديد أرصدتها التي زادت عن/2/ مليار ليرة ما أدى إلى صعوبة تمويل اعتمادات المواد الأولية.
مشكلة التقنين تعيق الإنتاج
لم تتوقف المشاكل التي تواجه الشركة عند هذا الحد فكانت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي حاضرة لتنعكس بشكل مباشر على العملية الإنتاجية وتراجعها وإلحاق الضرر بآلات الشركة وعن هذه المشكلة تحدث القدورة قائلاً: إن انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة، وانقطاعه بشكل مفاجئ ولعدة مرات كان له أثر مباشر وسلبي على الإنتاج، إضافة إلى انخفاض التوتر إلى حدود أدت إلى أضرار بالأجهزة الإلكترونية، وانخفاض الجهد بحيث إن كثير من الآلات تتطلب تشغيل المولدات الاحتياطية رغم وجود التيار الكهربائي الرئيسي.
نقص العمال لم يحل
عند الحديث عن المشاكل التي تواجه الشركة لابد من استعراض مشكلة نقص العمالة التي كانت ولازالت أحدى الصعوبات التي أثرت على عمل الشركة، وفيما يخص هذه النقطة قال رئيس اللجنة النقابية في الشركة عبد الفتاح زعيتر: تعاني الشركة من نقص في العمالة الذي أثر على الإنتاج فهناك الكثير من الطاقات غير مستثمرة لهذا السبب، إذ إن الشركة بحاجة لعمالة إضافية لزيادة ساعات العمل ورفع طاقتها الإنتاجية في ظل الطلب الكبير على منتجاتها في السوق المحلية من قبل القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى وجود نقص في جميع مفاصل الشركة وارتفاع نسبة العمالة المرضى والعجزة، وهناك خلل ونقص في العمال الفنيين المدربين على الآلات الإنتاجية.
وقال زعيتر: صحيح أنه تم رفدنا بعمالة جديدة من بعض الشركات المتوقفة ولكن 80% منها لا يفي بالغرض وكان مجرد عبء إضافي على الشركة لذلك طالبنا بنقلهم، في حين احتفظنا بالعمالة التي يمكن الاستفادة منها، مؤكداً أن الشركة لاتزال بحاجة للعمالة خاصة الفنية والتي تمتلك خبرة جيدة لاسيما في ظل تطوير الشركة لخطوط إنتاجها.
نقص في بعض أنواع الكابلات
وأشار القدور إلى أن السوق المحلية تعاني من نقص شديد في بعض أصناف الكابلات منها كابلات التوتر المتوسط، حيث لا يوجد منتج محلي حالياً وتستورد وزارة الكهرباء كميات كبيرة جداً وتعاني من عملية الاستيراد بسبب الحظر، ويتم دفع مبالغ كبيرة بالقطع الأجنبي لاستيراد حاجة وزارة الكهرباء، مطالباً بإعادة تشغيل خط إنتاج التوتر المتوسط في حلب والذي يمكن أن يغطي حاجة الوزارة وان كان بنسبة قليلة لاتتجاوز 35%.
وذكر القدور أن السوق تعاني ايضاً من نقص في الكابلات الضوئية " الآلياف"، منوهاً لأهمية إقامة مشروع لإنتاج هذا النوع من الكابلات الذي يعطي الشركة العامة للاتصالات إدارة الإشارة حاجتها من هذا النوع الهام من الكابلات, وأن إنتاج الكابلات الضوئية يعطي قيمة مضافة وأرباحاً مرتفعة، وفي هذا الخصوص اقترح مدير الشركة شراء خط جديد وتشغيله في كابلات دمشق والبدء بإعداد دراسات ومراسلات مع الشركات الصانعة على أن يقام المشروع شراكة مع شركة عالمية متخصصة بصناعة الكابلات الضوئية على أن تتعهد بتوريد مستلزمات الإنتاج التي تتمتع بحصرية من عدة شركات في العالم، كما لفت لأهمية تطوير وتوسيع خطوط التوتر المنخفض.
للعمال نسبة من الأرباح
لاشك أن الجهود المبذولة من قبل عمال شركة الكابلات تستحق كل التقدير هؤلاء العمال الذين أعلنوا منذ بداية الأزمة أنهم لن يستسلموا أبداً وصمدوا خلف آلاتهم مصرين على الإنتاج مهما كانت الظروف فكانوا على قدر المسؤولية التي ألقيت عليهم، وعن واقع العمال في الشركة والمزايا التي يحصلون عليها يقول رئيس اللجنة النقابية: إن عمال الكابلات يحصلون على توزيع سنوي من الأرباح وخلال الأشهر الماضية تم توزيع ما يقارب 70 ألف ليرة لعمال الشركة وفق نسبة قانونية محددة وحسب دوام كل عامل.
وعلى صعيد الأجور والتي أصبحت هاجس لكل العمال لأن الحد الأدنى للأجور لا يرتبط بمتطلبات مستوى المعيشة، وتبدأ رواتب كافة الفئات بمبالغ أصبحت غير قادرة على تأمين الغذاء الضروري الشهري للعامل بمفرده فكيف إذا كان له ولأسرته وعن هذه النقطة يقول زعيتر : إن عمال الشركة يحصلون على أجورهم كاملة وجميعنا يعلم أن كل الموظفين يشتكون من الأجور المنخفضة ولكن الشركة تسير وفق القانون، وأضاف نحن نسعى دائما لخدمة عمالنا والمطالبة بميزات إضافية تصب في مصلحتهم ومنها رفع الأجور، إضافة إلى غيرها من القضايا الأساسية التي طالبنا بها مراراً كتعديل قيمة الوجبة الغذائية والتي أصبحت اليوم دون قيمة تذكر ولكن نواجه دائماً برد أن هناك أولويات في ظل الظروف الراهنة، كما أشار إلى ضرورة رفع سقف الفئات للاستفادة من الزيادات التي تمنح للعمال وتعديل قيمة التعويض العائلي.
وتحدث زعيتر عن مشكلة مزمنة يعاني منها بعض عمال الشركة الذين حرموا من تعويض الاختصاص الفني للمعاهد المتوسطة، موضحاً ان جميع العمال الذين تم تعيينهم بعد عام 1985 لم يحصلوا على تعويضهم الفني وتم رفع دعوى من قبل الشركة باسم هؤلاء العمال في محاولة لإيصالهم لحقوقهم.
خلق جبهات عمل
في الختام لابد من التأكيد على ضرورة تطوير آلية العمل والتعاون بين جميع الجهات المعنية بما يخدم شركة الكابلات والمنظومة الكهربائية بالقطر وتقديم الدعم اللازم لها، وخلق جبهات عمل مستمرة تضمن تحقيق الربحية والإنتاج، وتلبي احتياجات قطاع الكهرباء وفق المواصفات الفنية المعتمدة.
المصدر:جريدة كفاح العمال الاشتراكي
هبا نصر