يبدو أن الأزمة وتداعياتها وغياب المحاسبة شجعت بعض الإدارات في القطاع العام إلى زيادة الترهل وتكبيد القطاع العام خسارات تنعكس سلباً على الاقتصاد الوطني، وبالرغم من الحديث والمتابعة ولأكثر من مرة عن واقع الشركة العامة لصناعة الزجاج بحلب، إلا أن المعنيين في المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية والشركة العامة لزجاج حلب غير مبالين بالخسائر التي وصلت إليها الشركة.
الاتحاد المهني يكشف الواقع
في الشهر الثامن من العام الماضي، أي قبل سبعة أشهر قام رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال النفط والمواد الكيماوية غسان السوطري بزيارة إلى مقر الشركة العامة لصناعة الزجاج بحلب كشف خلالها عن وجود منتجات وسلع جاهزة للبيع وكميات كبيرة من مادة الفيول في مستودعات وخزانات تقدر قيمتها بحوالي 700 مليون ليرة منها 350 مليون ليرة ثمن 2500 طن فيول كانت مخزنة في مستودعات الشركة من دون الاستفادة منها خلال الفترة الماضية أو سحبها لإحدى الجهات العامة على الرغم من حاجتها الصناعية والخدمية.
وهناك ما يقارب 350 مليون ليرة أيضاً ثمن إنتاج جاهز للبيع في معمل البيع بحاجة إلى القليل من الفرز والتوضيب، وهذه الأسعار بموجب الأسعار القديمة.
8 أشهر "والوضع عحالو"
ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن مازال الواقع على حاله بالرغم من المتابعات التي يقوم بها مكتب النقابة بحلب واتحاد عمال المحافظة، وهذا ما كشفناه حقيقة على أرض الواقع خلال زيارة قمنا بها الأسبوع الماضي برفقة رئيس مكتب النقابة محمد رجب العبيد وعضو مكتب النقابة عمار جلبي ومدير عام الشركة المهندس أحمد ديشك.
مدير عام الشركة يوضح
مدير عام الشركة أوضح أنه وبعد تحرير مدينة حلب تم تخصيص المعمل بـ 40 مليون ليرة من الخطة الإسعافية، منها 30 مليوناً لبناء السور الخارجي و10 ملايين للشبكة الكهربائية، وبعد أن تم الكشف من قبل فرع الإنشاءات بحلب تبين أن كلفة بناء السور 66.500 مليون ليرة، وتم مخاطبة إدارة المؤسسة والتي بدورها وافقت وتم المباشرة بالبناء.
وفيما يتعلق بالشبكة الكهربائية أكد المهندس ديشك أن الشركة العامة لكهرباء محافظة حلب وبعد الكشف على الواقع الكهربائي في معمل الزجاج أوضحت ومن خلال الكتاب رقم 573 تاريخ 20/9/ 2017 أن إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية يتطلب مبلغاً قدره 18514000 ليرة سورية، أي أن المبلغ يتجاوز 185 مليون ليرة.
وأضاف مدير عام الشركة أنه وبعد زيارة الوفد الحكومي الأخيرة في الشهر الأول من العام الحالي تم تخصيص 100 مليون من موازنة وزارة الصناعة من أجل إعادة تأهيل وتشغيل المعمل، وهذا المبلغ لا يشكل شيئاً ولا يمكن من خلاله إعادة تأهيل المعمل.
لجنة تكشف على المعمل
المضحك المبكي أن المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية قامت بتكليف لجنة لتوصيف الوضع الراهن للشركة واقتراح ما يلزم لإعادة تشغيل الشركة "واللجنة بمجملها تضم معنيين من دمشق وغير ممثل فيها أحد من حلب " حيث خلصت إلى النتائج التالية:
- إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإعادة تأهيل الشركة وتشغيلها من قبل شركة زجاج حلب.
-دراسة إمكانية طرح الشركة للاستثمار أو التشاركية على أن يقوم المستثمر أو الشريك بإعادة تأهيل معامل الشركة وتشغيلها نظراً لوجود أضرار كبيرة جداً والحاجة إلى تأهيل فني من شركات متخصصة والتكاليف الباهظة المتوقعة لإعادة التأهيل والتشغيل.
-دراسة جدوى اقتصادية لإقامة مشروع جديد لإنتاج الزجاج المجوف والدوائي مع شريك استراتيجي.
15 ملياراً كلفة مبدئية للتأهيل
إدارة المؤسسة خاطبت وبموجب كتابها رقم / 3054 / تاريخ / 25 / 7 / 2017 إدارة الشركة بحلب طلبت فيه بيان الكلفة المالية التقديرية لإعادة تأهيل كل قسم من أقسام المعمل وخطوط الإنتاج على حده، والكلفة الإجمالية.
من جانبها إدارة الشركة بحلب أوضحت ومن خلال كتابها رقم 98 تاريخ 31 / 7 / 2017 أن الكلفة التأشيرية لـتأهيل الشركة بكافة أقسامها تبلغ أكثر من / 15 / مليار ليرة سورية.
المال الداشر يعلم الحرام
من خلال جولتنا في أقسام الشركة لاحظنا وجود المواد التالية:
-قوارير زجاجية مختلفة الأحجام والاستعمالات مرمية في العراء وقسم منها موضب ضمن مستودعات، وبعض هذه القوارير مطبوع عليها ماركة / مشروبات غازية / وقسم منها خاص بالصناعات الدوائية، وآخر لاستعمالات أخرى.
-2850 طنا من مادة الفيول موجودة ضمن خزان في العراء.
-صاج حديد بكميات كبيرة متراكم في أرجاء المعمل.
وهنا نتساءل: إذا كانت هذه المواد هي ملك شخصي لمن هم في مواقع الإدارة هل يتركونها هكذا، أم أنهم يبحثون عن جهات تحتاجها من أجل بيعها، ولكن على ما يبدو أن الأمر لا يعني الإدارات لا من قريب ولا من بعيد، طالما أنهم يقبضون رواتبهم ويكتفون بالمراسلات.
عالوعد يا كمون:
رئيس مكتب نقابة عمال الصناعات الكيميائية والخفيفة بحلب محمد رجب العبيد أشار إلى أن مدير عام المؤسسة وخلال زيارته للمعمل واطلاعه على حجم الدمار وعد بتأمين وسائل نقل من أجل نقل العمال من وإلى المعمل، كما وعد بتصريف الإنتاج وعزل الصاج والحديد وإرساله إلى معمل صهر حماة، وكل ذلك بقي في سياق الوعود ولم يتم تنفيذ أي شيء، لافتاً إلى أنه دائماً وخلال كل الاجتماعات والجولات واللقاءات يدعو إلى ضرورة العمل على إعادة إعمار معمل الزجاج وتأهيله من أجل وضعه في العملية الإنتاجية، ولكن لا حياة لمن تنادي.
تعقيب المحرر:
هذا الواقع المزري الذي رصدناه من خلال الجولة يؤكد ما قلناه في بداية التحقيق عن عدم المتابعة والاكتفاء فقط بالمراسلات، وصدق من قال إذا كان الزواج يتم بالمراسلة فإن الولد يأتي على شكل طابع بريد، فهل تقوم الجهات المعنية بمعالجة واقع المعمل أم أنه سيبقى هكذا ويصبح مصير موجودات المعمل في مهب الريح.
فؤاد العجيلي
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي