الحكومة واللجنة الاقتصادية ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وجميع الجهات المعنية تؤكد في لقاءاتها وتصريحاتها على ضرورة أن يخرج اقتصادنا الوطني من أزماته بالاعتماد على مواردنا وقدراتنا الذاتية وكذلك كيفية تحدي التراجع الكبير في الناتج المحلي وزيادة التضخم وارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية وغيرها من القضايا المهمة التي تتعلق بالواقع المعيشي لأصحاب الدخل المحدود ولفقراء الوطن.
والسؤال الذي نطرحه في هذه المرحلة التي تحتاج حشد جميع القدرات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية هل الندوات والتصريحات مع تقديرنا للجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية قادرة على معالجة تردي اقتصادنا الوطني والخلاص من الأزمة الاقتصادية في أقرب وقت ممكن وهل التنظير في الأمور الاقتصادية يستطيع أن يعيد تشغيل معاملنا وشركات القطاع العام الصناعي والخدمي والإنتاجي الجواب عند الذين ينظرون في حلقة مفرغة؟.
نحو الأمام
سنوات 7 استمرت الحرب الكونية الظالمة، تعرضت سورية خلالها إلى الحصار والعقوبات الاقتصادية وإلى تدمير البنى التحتية الإنتاجية والخدمية والصناعية والزراعية وتدهور الوضع المعيشي للمواطنين ومع ذلك كانت الأنشطة الاقتصادية قد مرت بعدة مراحل حيث كان النصف الثاني من عام 2011- 2012 مرحلة الصدمة للأنشطة الاقتصادية حتى البعض منها وصل إلى مرحلة الشلل ولاسيما في المناطق الساخنة. بينما في فترة 2013 امتص الاقتصاد السوري الصدمة لذلك بدأت بعض عجلة الأنشطة الاقتصادية بالدوران بينما عام 2014 – 2015 وخاصة في النصف الثاني منها كان هناك نوع من النهوض الواضح على جميع المستويات بما فيها التصدير وهذا الكلام –كما يقول خبير اقتصادي- طبعاً ينطبق على المناطق الآمنة لكن ما يمكن قوله إن مراحل الأزمة لم تعد تفرمل العمل الاقتصادي السوري رغم أن البنية الاقتصادية ضعيفة نتيجة التدمير وسرقة الآليات والتخريب للمنشآت الاقتصادية والصناعية.
إذاً الاقتصاد السوري اليوم شهد نوعاً من السير نحو الأمام لكن فقط بنسبة 30% من السير لما قبل الأزمة التي سببتها الحرب على الاقتصادي الوطني.
إجراءات الحكومة، هل هي كافية؟
الخبير الاقتصادي أكد على أداء الحكومة وأشار إلى أن الجهات المعنية بدأت وبشكل مواز تهتم بالوسائل المعيشية أكثر ولاسيما في النصف الثاني من عام 2015 منها تأمين السلع الاستهلاكية الغذائية الرئيسية للمواطن وفي العام 2016 بدأ التفكير بالمعالجة ليس فقط في اتخاذ إجراءات وقرارات آنية كردة فعل على ظروف الأزمة بل بدأت بتنشيط القطاع الصناعي والزراعي وفي العام 2017 كان الحديث يدعو للتفاؤل فيما يتعلق بتشجيع القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية.
لكن حتى اليوم -حسب المصدر- لم نر شيئاً عملياً يشجع أو يحرك بفعل حكومي على سبيل المثال القطاع المصرفي مشلول منذ بداية الأزمة وحتى اليوم ولو كانت الأحاديث والتصريحات بشأن دعم القطاعات الاقتصادية يقابلها فعل حقيقي لكان ذلك من أهم الأعمال لتنفيذ مضامينها والنهوض بها نحو الأفضل.
كيف نحد من تراجع الاقتصاد قبل الأزمة وبعدها؟
وحتى نكون بصورة الحد من تراجع الاقتصاد السوري لابد من أن نذكر –حسب المصدر- أن الناتج الإجمالي المحلي لسورية قبل الأزمة بلغ عتبه 160 مليار دولار ومعدلات النمو 5% سنوياً والسؤال المهم الآن كيف نحد من تراجع الاقتصاد، الجواب هو لا حل إلا بالإنتاج وزيادته مهما بلغت كميته ونوعيته لما له من دور كبير في رفع سعر صرف الليرة فعلينا تحفيز الإنتاج في قطاعاتنا وشركاتنا الاقتصادية وتشغيل المعطل منها. واليوم نحن بأمس الحاجة في الظروف الراهنة التي يواجهها الوطن من تحديات متعددة إلى تأمين مصادر تمويل إعادة الإعمار وزيادة النفقات الاقتصادية.
أصحاب الدخل المحدود
لقد كثر الحديث والتصريحات للحد من الأزمة وانعكاساتها اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً ولاسيما على أصحاب الدخل المحدود وفقراء الوطن وهم الضحية الأولى نتيجة الحرب الكونية التي ألحقت الضرر بالاقتصاد السوري وبالقوة الشرائية لهؤلاء الذين زادت نسبتهم كثيراً إضافة إلى وجود التضخم الذي يخلق خللاً هيكلياً في الاقتصاد الوطني كما أن التضخم قلص أيضاً من القوة الشرائية نتيجة الحرب والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار بسبب عدم التعامل مع الأزمة بالسرعة والعمق اللازمين فهناك التقصير في العمل في العديد من الجهات الحكومية مع وجود تشتت بالعمل الحكومي!!
بين دخل العامل واحتياجاته المعيشية
إن مصلحة الوطن والتضحية من أجله لا تحددها مواد أو بنود قانونية وإنما هي واجب يقوم به كل مواطن وحالة استنفار دائمة لكل العاملين والمسؤولين في الحقل الاقتصادي.
وإن العاملين في مؤسسات الدولة في المرحلة السابقة لم يزد دخلهم بل على العكس تماماً فمن كان يتقاضى 20 ألف ليرة شهرياً قبل الأزمة أي بمعدل 400 دولار فهو اليوم يتقاضى 40 ألف ليرة وهذا يعني أن دخله نقص 300% وبقي يعيش على ربع الدخل فقط بينما تضاعفت الأسعار من 4 إلى 7 مرات وهنا حسب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق كيف للمواطن أن يوازي بين دخله واحتياجاته وهنا دور الحكومة في إيجاد سبل صحيحة وواقعية لموازنة هذه المعادلة.
الحكومة متفائلة
رغم كل ما ذكرناه حول الاقتصاد الوطني والصعوبات الكبيرة فالحكومة متفائلة في العام 2018 حيث أكد رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب أن التفاؤل بالغد مع كل عام جديد يشكل أهم عناصر الحياة والاستمرار ومواجهة الصعاب لتحقيق الآمال والتطلعات بغد جميل يحمل مضامين التفاؤل والانتصار وشدد على أن المرحلة تتطلب من الجميع تشارك المسؤولية الوطنية والإنسانية من أجل تحصين الوطن والانتصار على الإرهاب العالمي.
وأكد بيان الحكومة المالي حول مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2018 تأمين دعم قواتنا المسلحة ومتطلبات المؤسسات الحكومية واستمرار دعم الإنتاج الوطني واستكمال تنفيذ المشاريع التي توقفت بفعل الإرهاب ومن أهم مؤشرات موازنة عام 2018:
- ضبط الانفاق العام غير المنتج.
- مراعاة البعد الاجتماعي لتحقيق العدالة الاجتماعية.
- توفير فرص عمل جديدة للحد من معدلات البطالة.
- زيادة كتلة الاعتمادات الاستثمارية بما يسهم في تحسين عجلة الاقتصاد الوطني.
أخيراً المطلوب في العام 2018 أن يكون عام الخروج من الأزمة وتحقيق الانتصار على أعداء الوطن وإعادة الإعمار والنهوض بمؤسساتنا الاقتصادية والخدمية.
أمين حبش
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي