الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

الإصلاح الاداري حاجة ملحة للقضاء على دوامة الروتين الإداري

2018-01-28 08:01:48

تعددت التسميات واختلفت الطرق والأساليب للوصول إلى حاضنة إدارية تمتلك نهجاً تطويرياً قادراً على حلحلة كل العقد والصعوبات التي تعترض مسيرة الإصلاح الإداري وفكفكة جميع المنظومات التي تقف في وجه تحقيق هذا الهدف إلى الآن في ميادين التنظير والعودة الدائمة إلى نقطة البداية، فعلامات الخلل الإداري مازالت واضحة خلال الأزمة والأنماط القديمة استمرت على حالها.. بل وازدادت تعقيداً وسوءاً في بعض المؤسسات إن لم نقل في غالبيتها، ليبدأ اليوم مشروع جديد في الاصلاح الإداري بعد أن أطلقه السيد الرئيس بشار الأسد خلال اجتماعه مع الحكومة، ويمكننا القول إن مشكلة الإدارة العامة في سورية تعود إلى طبيعة التوجه التنموي الذي ساد خلال العقود الماضية حيث تركز العمل على تحقيق دولة الرفاهية والاهتمام بالدرجة الأولى بمشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمار في القطاعات الإنتاجية والخدمية مع عدم إعطاء الأهمية الكافية للنهوض بالتنمية الإدارية وبإدارة التنمية حيث عانت الإدارة العامة في سورية قبل الأزمة من عدد كبير من المشاكل الإدارية، فما هو المطلوب لنجاح الإصلاح الإداري في سورية؟

ضرورة ملحة
يعود الاهتمام بالأنظمة الإدارية والحرص على إصلاحها كونها تمثل عنصراً مهماً من عناصر حسن استغلال الموارد المتاحة البشرية منها والمادية وتوجيهها نحو الوصول إلى الغايات والأهداف المنشودة، وحقيقة الأمر في سورية أن الاهتمام بالإصلاح الإداري كان ومازال الشغل الشاغل للقائمين عليه، فالرئيس الخالد المؤسس حافظ الأسد دعا في خطاباته إلى بناء الدولة العصرية من خلال العمل الجاد لتخليص الدولة من البيروقراطية وضرورة التركيز على تحديث آلية العمل في أجهزة الدولة والقوانين والأنظمة، والسيد الرئيس بشار الأسد دعا اليوم لصياغة استراتيجية وطنية للإصلاح الإداري في سورية، وعلى وجه العموم أصبح موضوع الإصلاح في سورية من الضرورات الملحة وخاصة في ظل ما نشاهده من قصور في الأداء الوظيفي وما يترتب على هذا الأداء من هدر للموارد وإضاعة للوقت وتكريس للتخلف.

نجاح الإصلاح
يحمل كل نظام إداري في ثناياه الحاجة إلى مراجعته وتقييمه وتنميته وتطويره وفق المتغيرات والمستجدات التي تطرأ على بيئته الداخلية بجوانبها التنظيمية والإدارية، ولتقديم منهج إصلاح إداري حقيقي في سورية أوضح لنا استشاري التنمية الإدارية والإصلاح الإداري الدكتور أيمن ديوب “كلية الاقتصاد” أنه لا بد من إصلاح الوظيفة العامة فهو خيار حتمي خلال الأزمة (من حيث هيكلة الدولة والأفراد وصياغة المعايير)، حيث يعتبر إصلاح الوظيفة العامة ممراً إجبارياً لمكافحة الفساد، وهذا يتطلب تعديل شروط الإشغال والتعيين والتقييم وتحقيق مبدأ المساواة في الوظيفة العامة ومبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ الكفاءة العلمية والمهنية في التعيين والاعتماد على القيم الأخلاقية، وإعطاء الفرصة للخبرات الوطنية للعمل فهناك الكثير من الخبرات التي تعلمت على نفقة الدولة وصرف عليها الكثير وتجب الاستفادة منهم وإعطاؤهم الفرصة ليطبقوا ما تعلموا عليه، وذلك من خلال طرح مشروع رائد في مجال الإصلاح الإداري يعتمد على الخبرات الوطنية والكفاءات البشرية في سورية التي تتميز بتوافر مثل هذه الخبرات وليس بالاعتماد على الخبرات الأجنبية، إضافة إلى اعتماد مبدأ الإسناد دون التكليف من أجل تشجيع الكفاءات على الوظيفة العامة والعمل بشكل كبير على تنمية وتطوير الجانب الأخلاقي والقيمي في المجتمع بدءاً من الأسرة.
 وأضاف ديوب :” لا بد أيضاً من إعطاء الصلاحية الكاملة لمؤسسات التنمية الإدارية وتفويضها تفويضاً كاملاً قائماً على التعاون فيما بينها من جهة وبينها وبين الوزارات المؤسسات العامة من جهة أخرى، وهذه الجهات حسب أهميتها هي : كليات الاقتصاد بالجامعات السورية كافة، المعهد العالي لإدارة الأعمال، المعهد العالي للتنمية الإدارية، المعهد الوطني للإدارة العامة، معهد التخطيط تحت إشراف هيئة تخطيط الدولة، وأن تعطى هذه المؤسسات الفرص لتخطيط التنمية الإدارية. و من أهم الشروط لنجاح العمل الإداري أيضاً هو تشجيع ثقافة الإبداع و التعاون والغيرية بدلاً من السلبية الفردية.

لماذا لم تحصل النتائج المطلوبة من عمليات الإصلاح؟
الدكتور علي الخضر "المعهد العالي لإدارة الأعمال" أوضح أن هناك سببين للتقصير أولهما قصور عناصر استراتيجية الإصلاح وعدم تكاملها من خلال التركيز على بناء الهياكل والتدريب وعدم مشاركة البنى التحتية الرسمية وغير الرسمية في رسم معالم الإصلاح والقصور في مساءلة الجهاز الإداري.

معوقات
والعملية الإصلاحية لن تمر دون معوقات تقف في وجهها يجب العمل على دراستها وكشفها وإبعادها عن طريق الإصلاح ليؤدي منافعه وثماره. وإذا تقاعست الإدارة عن كشف المعوقات وبقيت تتستر عليها، فسوف يزداد الخطر ويستفحل الفساد ثم ينتشر ليتحول إلى سرطان إداري لا يمكن الشفاء منه، ويكون المصير المحتوم لهذه الإدارة وإدارييّها السقوط في حمى الفساد الإداري المؤدي إلى تعطيل العملية الإدارية برمتها. وهنا صنف لنا الخضر مشاكل الإصلاح الإداري بعدم وضوح الرؤية الاستراتيجية وتعارض السياسات والقصور في التحليل الفني والسياسي الذي يخدم صنع القرار، إضافة إلى نقص وتضارب المعلومات اللازمة لصنع القرار الخاص بالسياسات الاقتصادية، وضعف التنسيق بين أطراف عملية الإصلاح ووجود التناقض أحياناً وضعف مؤسسات التنفيذ ومقاومتها للتغيير.
 وهنا أوضح الدكتور خضر أن مسؤولية الإصلاح الإداري وحسب التجارب العالمية الناجحة تكون مشتركة بين الجهة المركزية والجهات المستهدفة بالتطوير وخاصة قياداتها العليا، إضافة إلى أن الجهة المركزية للإصلاح تقوم بتحديد الاتجاهات وتنسق الجهود وترفد الأجهزة المستهدفة بالتطوير بالعون البشري والفني والمعلوماتي ناهيك عن أن نجاح برامج الإصلاح يتوقف على دعم القيادة السياسية العليا في الدولة من خلال تبنيها لمضامين البرنامج ومعالجة الآثار السياسية والاجتماعية له فيما يتعلق بالفساد والدمج والخصخصة وغير ذلك.

تطوير القوانين
تعاني كل الدول النامية بعض المشكلات الإدارية وهذا ما ينعكس على تخلف المجتمع، فالإدارة الناجحة بأي مجتمع تؤدي لتطوره، ومن وجهة نظر المحامي سعد سليمان" أن الاعتماد الأساسي لنجاح الإدارة في أي بلد يقوم على نجاح العنصر البشري وخاصة إذا كان يمتلك الخبرة والمعرفة الإدارية بالعمل الإداري، إضافة إلى أن العملية الإدارية مرتبطة ببعضها لنجاح الدولة من الهرم إلى القواعد لذا من المفروض حتى نسرع بإنجاز العمل الإداري تطبيق الأنظمة والقوانين بعيداً عن الروتين، كذلك فإن تطبيق نظام الإدارة اللامركزية يعد أفضل من الإدارة المركزية لأنه وبرأيي يعطي استقلالية شبه كاملة بالنسبة للإدارات ضمن الوزارة لتضفي نوعاً من الاستقلال الإداري والمالي وسرعة في الإنتاج.
 وأضاف سليمان أن هناك معاناة حقيقية من مشكلة العنصر البشري وخاصة في تقيد بعض الموظفين بما يسمى العرف الإداري القديم، فالقوانين والأنظمة المطبقة تقيد عمل مؤسساتنا بشكل كبير، ومع ذلك لا نستطيع القول إنها قوانين عثمانية بل هي حديثة، لكن لا تواكب التطور الحاصل في العالم، فالكثير من الموظفين الموضوعين في مراكز إدارية لا يملكون أفق عمل ولا يتمتعون بروح المبادرة والتطوير الإداري بعيداً عن تطبيق القانون بحذافيره، ما يؤدي إلى تجميد العمل الإداري، بل لا بد من أن نكون مرنين في تطبيق القانون مع عدم النظر إلى نصوصه من منظار وأفق ضيق لنحصل على إدارة ناجحة في المستقبل، فنحن لم نستفد من فكرة النافذة الواحدة ولم نطبق مشروع الحكومة الالكترونية وغير ذلك من المشاريع والقوانين المتطورة التي عرفناها لكن للأسف لم تجد النور على أرض الواقع علماً أنها تؤدي لنجاح العمل الإداري.

مؤسسات روتينية
وحول الأمراض الإدارية السائدة في المؤسسات الإدارية في سورية يرى سليمان أن المؤسسات القائمة حالياً تعاني من ضعف العملية الإدارية كلياً من خلال نظام إداري محدود مكرر الأخطاء في معظم المؤسسات، وليس هناك تطابق بين المنصب والخبرات المطلوبة أو بين تفكير متكامل للإدارة التي تحدها قوانين وتعليمات صائبة وتفصيلية تحد من المبادرة وتنظر بعين الشك للموظف وتمشي نحو تقليص دائم للصلاحيات وآليات لاختراق النظم الإدارية باتجاه المصالح، إضافة إلى عدم الالتزام بالأسس الاقتصادية لإدارة المؤسسة والاعتماد على الوظيفة الاجتماعية وضعف المنتجات وعدم منافستها وتلبيتها لتطور احتياجات السوق وارتفاع تكلفة المنتج في القطاع العام رغم مزاياه في الضرائب واحتكار السوق، وضعف منظومة التحفيز والقدرة على متابعة الجهد الإبداعي فالتوجه الإداري الذي ساد يركز على الوظيفة الروتينية كذلك نقص الرواتب والأجور وعدم مجاراتها لاحتياجات المعيشة الكريمة، وسيادة ثقافة التدبر الشخصي وضعف الالتزام بالقيم الكبيرة والحاجات العليا في المجتمع وضعف الثقافة والتعلم والالتزام النوعي المعرفي وجمود القدرات البشرية في الإدارة، حيث سادت ثقافة الجمود وعدم الاعتماد على القدرة العلمية فتحولت المؤسسات العامة لمؤسسات روتينية غير منتجة وهادرة .‏
ميس بركات
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتاركي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك