ماذا عن شركات القطاع الصناعي المتوقفة قبل الأزمة وبعدها وهل أضافت الأزمة الحالية إلى المشاكل المتراكمة المزمنة "منذ سنوات قبل الحرب الكونية على سورية" التي يعاني منها القطاع العام مشاكل وأضرار وأعمال تخريب أخرى جديدة حيث بلغ عدد الشركات والمعامل المتوقفة 84 شركة.
لماذا مازالت رغم الخطط الإسعافية للقطاع العام نتيجة التخريب للمؤسسات والشركات تعاني من الإهمال "غير المبرر" وعدم الجدية في عملية الإصلاح لعدم وجود القناعة الكافية لدى الحكومات المتعاقبة والإدارات البيروقراطية ما أدى ويؤدي اليوم ونحن نعيش في حالة استثنائية إلى المزيد من الاستنزاف والخسائر وخاصة بعد تعرض أكثر من 60% من شركات القطاع العام للتعطيل والتخريب؟
قبل الإجابة على هذه الأسئلة المطروحة لابد من القول على الرغم من التحسن الاقتصادي والإنتاجي الملحوظ منذ منتصف ونهايات العام 2013 وحتى العام 2017 إلا أنه تم إغفال التوقف أو التقلص الكبير في معظم الأنشطة الاقتصادية الذي حدث في بدايات وأواسط فترة الأزمة في القطاعين العام والخاص والمتمثل بتراجع وتقلص الكتلة السلعية وعلى الأخص بتراجع منتجات الصناعة التحويلية والإنتاج الزراعي والصناعي وكذلك توقف الأنشطة السياحية التي تعيش منها أكثر من 400 ألف عائلة سورية.
معطيات إحصائية
تشير المعطيات الإحصائية خلال الفترة الأولى من الأزمة حسب التقارير الاقتصادية للاتحاد العام لنقابات العمال إلى ارتفاع نسبة المستوردات من السلع الجاهزة والمصنعة من 49.9% عام 2012 الى 60.9% عام 2015 إلا أنه وخلال عام 2017 فقد تغيرت هذه النسب لصالح استيراد المواد الخام ونصف المصنعة كمؤشر على بدء دوران عجلة الإنتاج.
نعود لنذكر أن القطاع العام الاقتصادي والخدمي هو أداة الدولة للتدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ويجب أن يظل في مقدمة القطاعات الاقتصادية الأخرى لأنه مكسب وطني وهو أداة للتنمية وإلى جانب ذلك فالقطاع العام يسهم في تمويل خزينة الدولة إسهاماً مباشراً فالضرائب التي يدفعها للخزينة لا تقل سنوياً عن 81% من الضرائب التي تجبيها الدوائر المالية هذا على الرغم من عرقلة إصلاحه وإعاقة النهوض به سابقاً ولاحقاً.
على سبيل المثال بلغ معدل العبء الضريبي في القطاع العام 12.6% بينما يبلغ هذا المعدل في القطاع الخاص 1.96% أي أقل من 2%!!
رغم كل الجهود المبذولة من قبل الحكومة ووزارة الصناعة فالقطاع العام الصناعي وشركاته ومؤسساته الإنتاجية والخدمية منذ الازمة عام 2011 وحتى 2017 يعاني من الركود والتوقف في العديد من خطوط الإنتاج حيث تسببت الأزمة بازدياد معاناته المالية والإدارية والفنية ومن المعروف حسب المصدر أن 70% من مشكلات وزارة الصناعة هي إدارية وأن هناك ملاحظات وعيوباً كانت تعاني منها الصناعة السورية سابقاً كشفتها الأزمة ما يتطلب الاستمرار بالعمل وتحسين أوضاع شركات القطاع العام الصناعي المتوقفة والتي تعرضت للتخريب لا بتوصيفها وإنما بالعمل الميداني الجاد.
وحسب الاحصائيات لنكون بصورة الأضرار التي لحقت بالقطاع الخاص الصناعي مباشرة والتي جرت من خلال الطلبات المقدمة من أصحاب المنشآت إلى غرف الصناعة وصلت لنحو 231 مليار ليرة لـ1014 منشأة أما القطاع العام الصناعي فقد توقفت 84 شركة ومعملاً كما تراجعت العملية الإنتاجية في أكثر الشركات.
ورغم الجهود التي تبذلها وزارة الصناعة وهي كثيرة في مجال إعادة تشغيل وإعادة بناء شركات القطاع العام الصناعي التي تعرضت للتخريب في ظل الأزمة الراهنة نسأل ألم تبقى شركات القطاع العام الصناعي تدور في حلقة مفرغة لأكثر من عشرين عاماً قبل الأزمة وبعدها والوعود بالإصلاح بقي سيد الموقف؟
خطة إسعافية؟!
من المعروف أن وزارة الصناعة وضعت خطة إسعافية عاجلة للمؤسسات والشركات التابعة لها خلال العام 2014 بهدف تجاوز الصعوبات والمعوقات والاستمرار بالعمل والإنتاج في الشركات الإنتاجية والخدمية والتي تعرضت للتخريب والتوقف وإصلاح ما يمكن إصلاحه وهي خطوة جريئة ومهمة لكن ألا تحتاج هذه الخطة إلى المتابعة والتنفيذ والابتعاد عن الروتين الإداري وهل استطاعت الوزارة تنفيذها.
فقد خصصت وزارة الصناعة مبلغ 800 مليون ليرة منها 183 مليون ليرة لعمليات إعادة البناء و489 مليون ليرة لإعادة التأهيل و129 مليون ليرة لعمليات الصيانة للآلات وخطوط الإنتاج التي تعرضت للأضرار وللتخريب نهاية العام 2017 فهل تم تنفيذ الخطة؟
وعندما نتحدث عن واقع القطاع العام الصناعي في ظل الأزمة الراهنة نقول ليس بجديد على الاتحاد العام لنقابات العمال ومؤتمراته النقابية العمالية التنبيه ومنذ سنوات قبل الأزمة وبعدها إلى ضرورة إصلاح القطاع العام الصناعي وإخراجه من بوتقة الروتين والبيروقراطية الإدارية والاستعجال بعملية إصلاح مؤسساته وشركاته ويأتي القول والتأكيد على ذلك من القناعة الراسخة لدى التنظيم النقابي العمالي بأن القطاع العام يمثل طوق النجاة لاقتصادنا الوطني ولمشارعينا التنموية والاجتماعية.
إذاً من الواجب الوطني أن يكون إصلاح القطاع العام من أولويات العمل الحكومي حالياً وفي المرحلة القادمة.
أمين حبش