الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

تدني الأجور وقيمة الوجبة الغذائية في الشركة الحديثة للكونسروة والصناعات الغذائية

2017-11-07 12:27:27

أثرت  الحرب  التي تعيشها سورية على قطاعنا العام الصناعي بعد أن تم استهدافه من قبل الإرهابيين و تدمير العديد من المنشآت الخاصة والعامة بلغت أضرارها مليارات  الليرات السورية، وتسببت بنزوح العديد من الصناعيين والفنيين وذوي الكفاءات إلى الخارج، وتراجع المنتجات الزراعية التي تشكل مداخيل للصناعة، وأدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب الحصار الاقتصادي الجائر.
وبالرغم من كل مآسي الحرب بقيت هناك مراكز إنتاجية تستمر في العمل وتوجد من ظروف الأزمة حافزاً ونموذجاً للسير إلى الأمام، من خلال جهد العمال و الساعين بلا كلل أو ملل للحفاظ على معامل القطاع العام ويعتبر معمل كونسروة دمشق أكبر مثال على صمود القطاع العام وتفاني العمال من إداريين وعمال إنتاج وكل من هو مهتم جدياً بالبناء والاستمرار في مواجهة ظروف الأزمة.

مطالب عمالية
كل الظروف الصعبة التي يعمل فيها عمال معمل الكونسروة تحتم علينا متابعة واقع هؤلاء العمال الذين ترفع لهم القبعة على ما قاموا به، وكسائر الطبقة العاملة يعاني عمال الشركة من انخفاض الأجور وتدني قيمتها ما يجعلهم غير قادرين على تأمين مستلزمات العيش الضرورية ، كما يعاني هؤلاء العمال من تدني قيمة الوجبة الغذائية والتي على ما يبدو لا يوجد أية نية لدى الحكومة حالياً لتعديل قيمتها، لذلك يبقى المطلب المتكرر للعمال بتعديل قيمة الوجبة الغذائية أو تقديمها بشكل عيني بما يتناسب مع الأسعار الحالية، وفي هذا الإطار قال رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الصناعات الغذائية ياسين صهيوني  إن قيمة الوجبة الغذائية قليلة جداً في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، وبنفس الوقت من الصعب في ظل الأوضاع الراهنة التي نعيشها اليوم تعديل قيمتها بسبب تحديد هذه القيمة في القانون الأساسي للعاملين في الدولة ولم يطرأ أي تغير عليها مبيناً  أن أغلب العمال يتمنون أن تصرف قيمة الوجبة  نقداً، كونها حقا من حقوقهم، ولكن بما يتناسب والأسعار الحالية.

حوافز الإنتاج "متل قلتها "
يصف عمال الشركة الحوافز الضئيلة  بأنها" حوافز متل قلتها" ومن الضروري زيادة قيمتها ، في حين بين مدير الشركة الحديثة للكونسروة مجد ديب أن الحوافز الإنتاجية للعمال تصرف بشكل شهري وفق المواد المنصوص عليها في القانون والمرتبطة بتحقيق نسب إنتاج محددة مؤكداً أن ما يحتاج للتعديل هو هذه المعايير لأن قيمة الحوافز لا تتناسب مع الأجور الحالية للعمال.

طبيعة العمل
فيما يتعلق بطبيعة عمل الشركة فهي تعتمد على استغلال الفائض من كافة المنتجات الزراعية وتصنيعها وتقديمها للمستهلك كمنتجات معلبة "الكونسروة"، حيث وصل إنتاج الشركة في بداياتها إلى أكثر من 100 صنف ، مادة رب البندورة هي المنتج الرئيسي بالإضافة إلى كافة أنواع المربيات من أنواع البقوليات، خشافات الفواكه، الفطر، الأرضي شوكي، الزيتون المحلي، المخللات، أكثر من مئة صنف مختلف كمنتج نهائي، وكان يتبع للشركة خمس وحدات وحدة إدلب، الميادين، مزيريب، الحسكة، جبلة ومعمل في منطقة القابون ومعمل الغوطة، تم إغلاقها جميعاً في مراحل سابقة بسبب الظروف الحالية.

نقص العمالة
تعاني الشركة مثلها مثل الكثير من الشركات المنتجة من نقص في الأيدي العاملة الفنية والكوادر المختصة بسبب عدم تعويض نقص العمالة نتيجة استقالات العمال بعد غلاء الظروف المعيشية الصعبة في ظل الرواتب الضعيفة إضافة إلى انتهاء الخدمة لكثير من العمال، وبين ديب  أن الشركة تقوم أحياناً بتغطية نقص الأيدي العاملة بتنظيم عقود سنوية لعمال جدد.

أعباء إضافية
لم يكتف عمال الشركة بثقل الأعباء الماضية حتى يأتيهم أعباء أجور النقل بسبب النقص في وسائل النقل فيضطر الكثير من عمال الشركة القدوم إلى العمل على حسابهم الخاص.

المطالبة بتعويض الاختصاص
يعاني الكثير من عمال الشركة من عدم منحهم تعويض الاختصاص وخاصة طلاب المعاهد الذين يعملون في الشركة منذ سنوات كثيرة ، أو إمكانية منحهم بعض الحوافز التي تتناسب مع خبرتهم وشهادتهم العلمية.

قدم خطوط الإنتاج 
أحد مسببات انخفاض الإنتاج في كثير من السنوات السابقة هو قدم خطوط إنتاج الشركة التي تعاني من ترهلات كثيرة بسبب إصلاحها لمرات عديدة دون وجود إمكانية تبديل هذه الآلات بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على سورية نتيجة الظروف الراهنة ، ولوحظ خلال الخطة الاستثمارية لعام 2018 شراء آلات جديدة لتطوير إنتاج الشركة وإمكانية زيادة إنتاجها منها شودير جديد بطاقة 8أطنان و أتوكلاف  تعقيم آلي أفقي بطاقة 1,5مليون طن إضافة إلى خطوط استقبال جديدة لإمكانية استلام أكبر كمية من الفلاحين.
وبين ديب أن الشركة قامت مؤخراً بتركيب وتشغيل خط استقبال جديد لمادة البندورة بطاقة 10أطنان ، لافتاً إلى أن عمال الشركة قاموا بإعادة تأهيل كامل للشودير الخاص بتوليد البخار باستطاعة 6أطنان وأعمال صيانة أخرى لآلات الشركة.
و أشار صهيوني إلى أنه مع زوال الظروف الراهنة ستبدأ عمليات التطوير في الشركة  لتأخذ دورها في زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والاقتصاد الوطني، مع وضع خطط متطورة تساهم في ذلك.

إنتاج جيد
تقوم الشركة بإنتاج وتصنيع كافة أنواع المعلبات حسب المواسم الزراعية المسوقة للشركة ، حيث بلغت كميات إنتاج الشركة حتى تاريخ 31/10/2017 أكثر من ألفي طن من مواد الكونسروة المتنوعة ويتم تصريف هذه المنتجات إلى الأسواق وبعض جهات القطاع العام .
وبين ديب أن الشركة تقوم باستلام المحاصيل من الفلاحين بشكل مباشر بأسعار تشجيعية تفوق أسعار القطاع الخاص مشيرا إلى أنه تم استلام 7500طن من البندورة  أغلبها من محافظتي درعا والسويداء.

السورية للتجارة لا تتعاون
يبدو أن السورية للتجارة تأخذ مهام مختلفة عن المهام الموكلة إليها فلا تقوم بالتعاون مع الشركات الوطنية من أجل تصريف منتجاتها فتبقى مكدسة في مستودعات الشركات بينما تتسابق من أجل الحصول على رخص استيراد مواد مختلفة ولا يمكننا أن ننسى ما حصل مع شركة سكر حمص حيث تبين أن هناك آلاف الأطنان من السكر مخزنة في مستودعات الشركة بينما السورية للتجارة تقوم باستجرار السكر عن طريق التجار من الخارج.
  السيناريو المتبع من السورية للتجارة بعدم تسويق المنتجات الوطنية يتكرر اليوم مع الشركة الحديثة للكونسروة حيث بين ديب أن المؤسسة السورية للتجارة لا تتعاون أبداً مع الشركة من أجل تسويق منتجاتها رغم رغبتنا القوية في هذا التعاون لكثر منافذ التسويق لديها في كافة المحافظات مؤكداً أن هذا التعاون تم طرحه على السورية للتجارة لكنه لم يلق جواباً.

 مقترحات لا بد من تطبيقها
لتخطي المصاعب التي تعاني منها الشركة أكد صهيوني أنه لا بد من رفد الشركة بالعمالة اللازمة لتشغيل أكثر من ورشة في نفس الوقت وأكثر من وردية، إضافةً إلى ضرورة رفد الشركة بكادر إداري وخاصة في العمل والمالية وضرورة إدخال البرامج الحاسوبية للعمل، إلى جانب مساعدة الشركة في تأمين مستلزمات الإنتاج وخاصة مادة السكر اللازمة لتصنيع بعض المعلبات ، مع ضرورة تأمين مستلزمات الإنتاج وخاصة العلب وقبل بداية الموسم.
هذه المقترحات من شأنها أن تساعد على زيادة الإنتاج في الشركة ودعمها من كافة النواحي، ولا سيما من الجانب المادي إلى جانب زيادة عدد العمال الفنيين الذين لهم أهمية كبرى في الشركة ويشكل قلة عددهم مشكلة لا بد من معالجتها.

مطالب محقة وشركة منتجة فهل من مجيب؟
تعتبر شركة "الكونسروة" من الشركات المجتهدة في إنتاج المواد الغذائية من رب البندورة والبازلاء الخضراء والمربيات وغيرها، والمحافظة على هذه الوتيرة الناجحة من العمل تعود لأسباب عديدة أهمها التعاون الموجود بين الإدارة وعمال الشركة، فهم يكملون بعضهم البعض ويبذلون قصار جهدهم حتى تبقى الشركة محافظة على إنتاجها وقادرة بشكل دائم على تقديم أفضل المنتجات ليتم طرحها في الأسواق.
كما أن عمال الشركة يستحقون كلمة شكر تقال بحقهم، فهم لم يتخلوا عن مكان عملهم وبقوا مصرين على إبقاء عجلة الإنتاج مستمرة على الدوام، وهذا الأمر ليس غريباً على الطبقة العاملة التي تعتبر العمود الفقري لمجتمعنا والركن الأساسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في أي مجال على الإطلاق.
ويبقى السؤال الأهم هل من الممكن أن تلتفت الجهات المعنية لهذه الشركات المنتجة لزيادة دعم الاقتصاد الوطني ومكافأة عمالها عبر المزيد من الدعم والحوافز الإنتاجية لتحسن وضعهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة؟

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
محمود العيسى


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك