خلال أقل من أسبوع أطل وزير التعليم العالي الدكتور عاطف نداف مرتين على الطلبة، الأولى كانت بخصوص توضيح الإشكالات والتساؤلات حول نتائج المفاضلة الجامعية، أما الثانية وهي الأهم جاءت في اليوم الأول ضمن فعاليات الدورة المركزية التنظيمية التي أقامها الاتحاد الوطني لطلبة سورية خلال الأيام الثلاثة الماضية، والتي شارك فيها حوالي 200 من كوادر قيادات فروعه في الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد التقانية التي تئن تحت وطأة انكماش فرص العمل.
الجميل في اللقاء الذي استمر لحوالي الساعتين أنه طرح كل القضايا التعليمية والمشكلات والصعوبات التي تعيق استمرار الحياة الجامعية أمام وزير التعليم وبكل وضوح وشفافية الأمر الذي كشف الكثير من الخفايا والغموض الذي يكتنف بعض حالات الخلل في الجامعات!.
على رأس القائمة
بداية اللقاء الذي أخذ طابعاً تفاعلياً مع الطلبة أكد الدكتور نداف أن الوزارة تضع ضمن أولوياتها الاهتمام بمصلحة الطالب مصلحة وتعمل على كل الاتجاهات من أجل تأمين كل مستلزمات العملية التدريسية رغم الظروف الصعبة، لافتاً إلى أن اتحاد الطلبة عبر ممثليه في مجلس التعليم العالي والمجالس الجامعية هو شريك أساسي في صنع القرار الذي يتعلق بمستقبل الطالب، مشيرا إلى صدور العديد من المراسيم والقرارات التي ساهمت في إعادة الأمل لعشرات الآلاف من الطلبة الذين استنفدوا فرص التقدم للامتحان من داخل الجامعة، بالإضافة إلى عديد القرارات التي ساهمت في تسوية أوضاع الطلبة في المناطق الساخنة وغيرها من المدن، كالتحويل المماثل وتقديم الامتحانات في أقرب جامعة.
خطط طموحة
وعرض الدكتور نداف الخطط الاستراتيجية لعمل الوزارة خلال السنوات القادمة التي تركز على جودة المنتج الجامعي وتلبي احتياجات سوق العمل في مرحلة إعادة الاعمار، من خلال التركيز على افتتاح تخصصات مطلوبة محلياً وعالمياً، بالإضافة إلى العمل على تطوير طرق القبول الجامعي التي لا تحظى لغاية اليوم بالثقة والمصداقية عند البيت السوري وإحداث التعليم المسائي في الجامعات الحكومية وهو تعليم مأجور لبعض التخصصات العلمية.
وبخصوص السنة التحضيرية بيّن أنها نجحت في انصاف الطلبة وفي فرزهم بشكل عادل إلى التخصصات الطبية التي يريدونها رغم بعض الإشكالات التي رافقتها، موضحاً أن اعتمادها في أي تخصصات أخرى لن يتم إلا بعد تأمين كل المستلزمات من أجل تفادي الأخطاء التي حصلت خلال تجربتها بالكليات الطبية.
واعترف وزير التعليم أن البحث العلمي في الجامعات السورية ليس بمستوى الطموح، مشيراً إلى وجود خطط بهدف انعاشه ووضعه على المسار الصحيح ليكون عاملاً مهماً في مرحلة إعادة الإعمار وخاصة في الشق الاجتماعي والمعرفي، وذكر نداف أن الوزارة تعمل على انشاء بنك معلومات مركزي ووضع آليات للتشبيك بين المراكز البحثية والمؤسسات الحكومية بهدف الوقوف على احتياجاتها.
معالجات ومسابقات
وحول معاناة الجامعات السورية من نقص الكادر التدريسي بسبب الأزمة أشار إلى الإرباك الذي حصل في الكليات التي تعاني النقص الحاد، وبيّن أن عدد الأساتذة الذين تسربوا بلغ 1272 وبنسبة تقدر بـ 22%، وأكد أن الوزارة بصدد معالجة المشكلة من خلال تعيين 1560 مدرساً جديداً كما أنها بصدد الإعلان عن مسابقة جديدة وفق معايير وشروط دقيقة تراعي حاجة الكليات من التخصصات.
وبخصوص ما يشاع حول مصداقية الشهادة الجامعية وسحب الاعتراف الدولي منها أكد أن الشهادة الجامعية السورية ما زالت بخير ومعترف بها عالمياً والوزارة حريصة جداً على ذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة ومنها الامتحان الوطني المعياري الذي سيبقى ولكن بعد النظر بتطوير آلياته وتصويب مساره بحيث لا يكون حجر عثرة أمام الطالب, حيث تم تشكيل لجان بهذا الخصوص وستتخذ قراراتها قريباً كما هو الحال بالنسبة لتطوير التعليم المفتوح والافتراضي، حيث ستتخذ قرارات هامة بهذا الخصوص من أجل المحافظة على هيبة الشهادة الجامعية السورية وجودتها.
ولفت الوزير نداف إلى سعي الوزارة في تطوير الهياكل الإدارية للجامعات والمعاهد ومجلس التعليم العالي وأتمتة العمل في كل المعاملات من أجل تحقيق المرونة والسهولة والمصداقية.
ولفت إلى اهتمام الوزارة بالمعاهد التقانية ووضعها تحت مظلة التعليم العالي بموجب القرار الذي اتخذ مؤخراً، مؤكداً أن ذلك سيشكل عبئاً اضافيا على الوزارة ولكن ستتصدى له من خلال العمل على تطوير البنية التحتية للمعاهد وتطوير مناهجها لتكون مخرجاتها مناسبة لحاجات ومتطلبات سوق العمل.
تساؤلات ومداخلات
تخلل اللقاء طرح العديد من التساؤلات والمداخلات من قبل المشاركين ركزت على معاناتهم داخل جامعاتهم، حيث أشارت الأسئلة بوضوح إلى مكامن الخلل في المفاصل الإدارية في الكليات والمعاهد التقانية التي تعرقل الحياة الجامعية للطالب، وطالبوا بمحاسبة المخطئين حتى لا يكون الطالب هو الحلقة الأضعف، وعرضوا لمشاكل السكن الجامعي نتيجة الضغط الطلابي الهائل وخاصة في جامعة حلب وقيام بعض الجامعات الخاصة بالتمرد على قوانين وأنظمة إحداثها من خلال رفع الأقساط خلافاً للقوانين والأنظمة وفرض الغرامات على الطلبة وافتتاح كليات دون موافقة الوزارة او علمها، وطالبوا بإنصاف طلبة الدراسات العليا وتوحيد الخطة الدرسية في كل الجامعات من أجل حل الإشكالات العالقة التي تواجه الطلبة أثناء النقل بين جامعتين والتي تتحكم فيها مزاجيات الموظفين!.
وشددت مداخلات الطلبة على الإسراع بحل مشكلة النقص في الكادر التدريسي وخاصة في الكليات الطبية، وتفعيل حضور ممثلو الوزارة في مجالس الجامعات الخاصة والحد من سيطرة الملّاك وتدخلهم في الأمور العلمية وهذا يحدث في أكثر من جامعة بعضها يهتم بالربح أكثر من اهتمامه بالسوية العلمية في ظل حاجتنا إلى منتج علمي بمواصفات عالية يكون سلاحنا الأقوى في المرحلة المقبلة التي ستلعب الجامعات دوراً مهماً فيها.
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
غ.ف