أثار رسو المزايدة على مول قاسيون بدمشق بمبلغ 1.020 مليار ليرة بدلاً من عشرين مليون ليرة، الكثير من التساؤلات والشكوك حول استثمار الأملاك العامة (منشآت وأراض ومبان وسواها) والعلاقة بين القطاعين العام والخاص وطرق إدارتها والفساد الإداري وغياب متابعة الجهات الوصائية لها وكذلك الجهات الرقابية الأخرى والتشاركية بين القطاعين العام والخاص.
ضياع عوائد تشغيلية ..
لاتوجد إحصائية دقيقة عن حجم الاستثمارات التي يقوم القطاع الخاص بها ضمن أملاك القطاع العام سواء كانت مصانع أو أراض أو محلات أو مبان أو آليات وسواها لكن الأرقام المتاحة تشير بأنها تقدر بنحو 100 مليار ليرة وتختلف أشكال تلك الاستثمارات من خلال نظام ال pot الذي يعطي للمستثمر الاستفادة من العقار أو البناء أو المول .. واستثماره بالطريقة التي يراها الطرفان مناسبة مقابل دفع بدلات استثمار متفق عليها على أن يعود العقار المستثمر بعد مدة زمنية للجهة العامة مع التطور الذي طرأ عليه مثال أسواق الخير بريف دمشق بين مؤسسة الخزن وأحد المستثمرين ومن أنواع الاستثمارات أيضا التي يقوم بها القطاع الخاص لزيادة إنتاج بعض الشركات الصناعية مقابل نسبة من كمية الإنتاج كما هو الحال بين شركة اسمنت طرطوس شركة فرعون ..وبعض الاستثمارات تتم لقاء مبالغ مقطوعة كما هو الحال باستثمار محطات محروقات لشركة سادكوب أو لمجالس المدن من قبل متعهدي القطاع الخاص.. ورغم وجود قوانين تحدد عمليات الاستثمار وضوابطها من خلال استدارج عروض أو مناقصات أو عقود بالتراضي إلا أن هذه الاستثمارات تثير جدلاً واسعاً.. لأن معظمها بالنهاية يتم بالتراضي أو استدراج عروض بينما اعلان المناقصات عليها محدود جداً مما أدى إلى تفويت مليارات الليرات قيمة فقدان عوائد تشغيلية حيث إن المبالغ التي يتم دفعها من قبل القطاع الخاص أقل بكثير من القيم الحقيقية وليس أدل على ذلك من مول قاسيون الفارق فقط مليار ليرة .
قانون التشاركية
في عام 2016 صدر قانون التشاركية رقم 5 الذي ينظم العلاقة الاستثمارية بين القطاعين العام والخاص ووضع الضوابط اللازمة وفي الشهر الثاني من العام الحالي أصدر المهندس عماد خميس رئيس الحكومة التعليمات التنفيذية لقانون التشاركية ليفتح المجال واسعا أمام الاستثمارات والاستفادة من كل الإمكانات المتاحة والأملاك الموجودة وتنظيم العلاقة الاستثمارية بين القطاعين العام والخاص وفق الحفاظ على الممتلكات وتحقيق بيئة استثمارية وعوائد عادلة وموارد اضافية للخزينة العامة وفي هذا الصدد تم توجيه الجهات بإعادة تقييم استثماراتها مع القطاع الخاص وبما ينسجم مع القيم الرائجة والحقيقية التي تكفل حسن إدارتها وتحقيق الغاية المرجوة منها ، إلا أن العديد من الجهات تماطل في إعادة التقييم وخاصة مجالس المدن والبلدات التي تملك عدداً كبيراً من المنشآت والعقارات والآليات والمحلات التجارية وتستثمر من قبل القطاع الخاص بحجة العقود مع المستثمرين وظروف الأزمة وعدم وجود خبرة لديها في دراسات الجدوى الاقتصادية وكذلك أحياناً غياب أو ضعف الرقابة عليها مما يفوت مبالغ كبيرة على الخزينة العامة .
أخيراً...
إن كثيراً من العقود التي أبرمت سابقاً لاستثمار ممتلكات عامة من قبل القطاع الخاص كانت تتم بعيدا عن العيون وغالباً بعقود تراض وعلى حساب القطاع العام ، ما يتطلب تسريع تطبيق قانون التشاركية وفرض عقوبات رادعة بحق الإدارات المخالفة واعتماد الشفافية في طريقة ومراحل التعاقد والاستثمار بين الخاص والعام واعتماد الأسعار الرائجة كمعيار للسعر الاستثماري خاصة أننا نعيش فترة ازمة وبحاجة إلى كل مورد يرفد الخزينة العامة.
المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي
عبد اللطيف يونس