الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

بردى تواجه مصيرها المجهول وأياد خفية تحاول إفشالها

2017-07-16 11:32:07

كثيرةٌ هي إشارات الاستفهام المثارة حول شركة بردى، تلك الشركة التي كانت وما زالت فخر الصناعة السورية، فمن محاولات نقل العمال عشوائياً مروراً بمحاولات الدمج الخفية وأخيراً وليس آخراً إبقاء الشركة دون مدير عام لأكثر من ستة أشهر دون معرفة أسباب إعفاء المدير السابق أو أسباب عدم تعيين مدير حالي، فهل مسألة تعيين مدير عام لشركة ما بهذه الصعوبة أم فعلاً هناك ما يخطط ويرسم لهذه الشركة وإلا ما الغاية من إبقاء الشركة وفي هذا الوقت بالتحديد دون مدير عام.

من المستفيد!!
ليست المرة الأولى التي تكون فيها شركة بردى محط نقاش على صفحات جريدتنا، وفي كل مرة هناك مشكلة جديدة وعثرة مختلفة توضع في وجه الشركة وكأنما يوجد أياد خفية تحاول وضع العصي في عجلة إعادتها لمكانتها ودورها وإنتاجها، لتترفع بعض الأصوات من داخل الشركة وتوجه أصابع الاتهام إلى معاون وزير الصناعة بمحاولاته المتكررة عرقلة عمل الشركة وإبعادها عن ساحة المنافسة لمصلحة القطاع الخاص.
هذا الكلام لم نأت به من فراغ وإنما بناء على مصادر خاصة داخل الشركة أطلعتنا على بعض القضايا التي تنبأ بوجود نوايا غير مطمئنة حيال الشركة، وأول هذه القضايا إن الشركة طلبت تزويدها بمبلغ 48 مليون ليرة سورية لإصلاح آلة الحقن البلاستيكي "الميلكرون" ولكن طلبها قُبل بالرفض بحجة عدم وجود دراسة للجدوى الاقتصادية من إصلاح هذه الآلة، علماً أن الشركة قدمت دراسة كاملة للجدوى الاقتصادية من إصلاح الآلة، بينما كانت الحجة الثانية للرفض، وجود آلة مماثلة لها في شركة سيرونيكس.

بالأرقام والشرح المفصل
ولاستيضاح هذه النقطة بشكل أوسع التقينا معاون المدير التجاري في شركة بردى أحمد الحاج طاهر الذي أكد لنا أن إصلاح هذه الآلة يحقق ريعية اقتصادية للشركة خلال مدة أقصاها سنتان ويمكن استرداد المبلغ المقدر لإصلاح هذه الآلة وليس ديناً على الشركة بمعنى أكثر من الخطة الإسعافية حصراً.
وبالنسبة لوجود آلة مشابهة لها في شركة "سيرونيكس" قال: إن وجود آلة مشابهة لهذه الآلة لا يمنع من إصلاح الآلة المتوفرة في شركة بردى لاسيما وأن شركة سيرونيكس مستقلة عن شركتنا وريعها لا يعود لنا ولا يؤدي التزاماتنا المالية، معتبراً أن إصلاح الآلة المذكورة يفيد الشركة من الناحية الاقتصادية ومكسب اقتصادي كبير للقطاع العام، وأوضح أن أمر إصلاح الآلة لا يقتصر على حقن وتصنيع سطل الدهان دائماً إذ تشير المعطيات الإنتاجية المدروسة وفقاً لحاجة السوق إلى إمكانية تصنيع أي مشروع قالب جديد بلاستيكي أو تشكيل قوالب للغير في حال الطلب وهذا بدوره يحقق ريعية وقيمة مضافة للشركة ولاسيما أن عمل هذه الآلة يختلف عن عمل الآلات الجديدة المتواجدة حالياً هي ان آلة الحقن الميلكرون آلة إنتاجية بينما الآلات الآخر غير المستثمرة هي آلات تشغيل للغير وفقاً لمقتضيات طلب الزبون والمعمل.
وفيما يتعلق بضمان استرداد المبلغ من الشركة فأشار الحاج طاهر إلى أن الشركة أبرمت محضر اتفاق مع شركة "أمية " لإنتاج 100 ألف سطل بلاستيكي بقيمة إجمالية قدرها 95 مليون ليرة سورية، وهذا ضامن لتحقيق الجدوى الاقتصادية من إصلاح الآلة المذكورة وتسديد المبلغ.
خطة إنتاجية في منتصف العام!
لم تكن مشكلة آلة الحقن البلاستيكي "الميلكرون" وحدها ما يواجه عودة بردى إلى السوق، والقضية الثانية التي نود الإشارة إليها هي شاهد آخر يضعنا أمام الكثير من التساؤلات، فالتأخير –ربما المقصود- في الموافقة على الخطة الإنتاجية للشركة يثير الشك مجدداً من هذا التصرفات التي لا نريد أن نجزم أنها مقصودة علنا نكون مخطئين، ولكن هل من المقبول أن تأتي الموافقة على الخطة الإنتاجية لشركة ما بعد منتصف العام !، علماً أن الشركة رفعت خطتها الإنتاجية للجهات الوصائية منذ نهاية العام الفائت!!

بردى دون مدير منذ سبعة أشهر
بالعودة إلى جوهر المشكلة في بردى اليوم وهو منصب المدير العام الشاغر منذ نحو السبعة أشهر وما حمله ذلك من مشاكل وصعوبات أبسطها على سبيل المثال لا الحصر عدم قدرة الشركة على تجديد سجلاتها التجارية والصناعية وشهادات تجديد العلامة الفارقة لعدم وجود قرار جديد يقضي بتشكيل مجلس إدارة للشركة حالياً بسبب عدم وجود مدير عام، وبين طيات هذه المعمعات والمتاهات كان لمديرة الشركة الهندسية إيمان المقدم إجابة مقتضبة جداً في أنها رفعت ترشيحات ببعض الأسماء للوزارة على أمل أن تأتي الموافقة في أسرع وقت، وتحفظت المقدم عن ذكر أسباب إعفاء المدير السابق، كما حاولنا معها للوصول إلى إجابة عن الأسباب التي تكمن خلف إبقاء الشركة دون مدير عام كل هذه الفترة ولكن دون جدوى، معتبرة أن غياب المدير العام له تأثير حتمي على عمل الشركة ولكن ليس بالحجم الذي يتم الحديث ولاسيما في ظل وجود نائب المدير العام والذي يعتبر بحكم المدير العام وفقاً للقانون ويسير أمور الشركة.
وأكدت المقدم أنها تتابع أمور الشركة بشكل يومي وبشكل ميداني حرصاً منها على استمرار الشركة بإنتاجها وعملها، لافتة لوجود تراخ داخل الشركة وهذا لا علاقة له بوجود مدير عام أو عدم وجوده، فإدارة أي شركة تشمل كافة المفاصل سواء الإدارات المالية والإنتاجية والتسويقية والفنية والكل مسؤول عن عمله بدءاً من أصغر عامل وصولاً إلى مدير الشركة.

نقل العمال هو السبب
ورداً على كلام المقدم قال معين بدران رئيس اللجنة النقابية في الشركة: إن كان فعلاً هناك تراخ في الشركة فهو ناتج عن خسارة الشركة لقسم كبير من عمالتها الفنية الجيدة بعد عمليات النقل التي طالت عمالها بشكل ارتجالي وغير مدروس تحت غطاء تحريك العمالة والاستفادة من العمالة الفائضة، لافتاً إلى ان الشركة حذرت في حينها من هذا الأمر لأن نقل العمال سيؤدي حتماً إلى وقفها عن دورة الإنتاج وإخراجها من دائرة السوق فيما لو تم الإقلاع بالعمل لاحقاً، وعلى ما يبدو هذا ما حدث بالفعل فالشركة حالياً تملك فقط 25 عاملاً إنتاجياً.
وأضاف بدران أن الشركة رغم كل تعرضت له وخسارتها لقسم من عمالها استطاعت أن تنهض وتعود للإنتاج من جديد حيث أخذت تنتج برادات قياس 16 قدماً وفق أحدث المواصفات وبأسعار منافسة لمثيلاتها بالسوق، وطرحها بالأسواق عبر منافذ مؤسسات التدخل الإيجابي، ولاقت استحسانا وقبولا من المواطنين بسبب جودتها وأسعارها المقبولة، وحققت عائدية مادية جيدة للشركة، كما أبرم محضر اتفاق (تشغيل للغير) مع شركتي الإنشاءات المعدينة وأمية، كما أن الشركة بصدد إنتاج الغسالات الآلية والأفران الكهربائية والمنزلية وبمواصفات حديثة وأسعار أقل من السوق للمنتجات المماثلة.

لجنة لدراسة فكرة الدمج
وإذ ما رجعنا إلى موضوع الدمج والذي بات يشكل هاجسا لدى عمال الشركة قالت المقدم: إن موضوع الدمج هو مجرد فكرة تخضع للدراسة حالياً لمعرفة نقاط القوة والضعف في كل من شركتي بردى وسيرونكس، وفي حال كان هناك جدوى من هذه العملية سيتم تنفيذها، أما إن لم يكن هناك فائدة اقتصادية من هذه العملية فسيتم إلغاؤها فوراً، وأضافت المقدم أنه تم تشكيل لجنة مختصة مؤلفة من مديرين وخبراء فنيين وماليين وإداريين لدراسة هذا الموضوع بكل أبعاده.

حقوق العمال
وعن عمال الشركة قال بدران: استمر عمال شركة بردى بالإنتاج والعمل بالرغم من الأوضاع الصعبة التي تعرضوا لها متحدين المخاوف والمخاطر ليكونوا السبب الأساسي في استمرار عمل الشركة، فكان من الضروري تحقيق جميع مطالبهم واحتياجاتهم حيث أجريت العديد من اللقاءات والاجتماعات خاصة في المجالس الإنتاجية، وبالتنسيق ما بين مكتب النقابة واللجنة النقابية والإدارة والتي كان لها الأثر الإيجابي بتذليل الكثير من الصعوبات وإعادة هذه المكاسب للعمال، وأضاف أنه منذ عام 2015 والعمال يحصلون على الوجبة الغذائية، كذلك بالنسبة للباس العمالي إذ يأخذ كل عامل إنتاج بدلة أو مريول وحذاء بقيمة 4500 ليرة سورية، ولفت إلى أنه تم تقديم اقتراحات عدة لرفع سقف الوجبة الغذائية بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار الحاصل في السوق، وزيادة الرواتب والأجور لتحسين الظروف المعيشية للطبقة العاملة.

منتجات بردى في الأسواق
وفيما يتعلق بإنتاج بردى حالياً قال الحاج طاهر: وقعت شركة بردى عقد مع شركة دهانات أمية لإنتاج ١٠٠ ألف سطل بلاستيكي سعة ٣ كالون العام ٢٠١٧/٢٠١٨ بقيمة ٩٤ مليون ليرة سورية، ووقعت عقد مع سيرونيكس المساعدة في إنتاج هذه السطول من خلال آلة الحقن البلاستيكي لديهم بعد أن انتهت شركة بردى من توريد ١٠٠ ألف سطل لأمية عن العقد السابق ٢٠١٦/٢٠١٧
وأضاف الحاج طاهر إن الشركة وقعت محضر اتفاق مع شركة الإنشاءات المعدنية لإنتاج أبراج كهربائية ١٦٠٠٠ نيوتن بطول ١٣.٥ م وأسرة طبية حديدية، كما أنتجت ٥٠٠ براد ١٦ قدماً بابين في هذا العام ولي رواجا وإقبالا شعبيا، لافتاً إلى أن أغلب جهود التسويق ذاتية عبر صالاتنا في دمشق (البرامكة _ الفردوس) وريف دمشق (حوش بلاس) وصالات (جبلة اللاذقية).
وذكر الحاج طاهر أن الشركة وقعت محضر اتفاق مع المصرف العقاري من خلال قرض السلع المعمرة بعد موافقة مجلس النقد لتقسيط البرادات وكافة منتجاتها من خلال قرض السلع المعمرة للعاملين في الدولة الموطنة رواتبهم في المصرف، مشيرة إلى أنه كافة الشركات التابعة للمؤسسة الهندسية كسيرونيكس للمشاركة في قناة التسويق المهمة هذه، وقريبا هناك اتفاق مع المؤسسة السورية للتجارة كأداة من الأدوات الهامة للدولة للتدخل الإيجابي لتسويق وبيع منتجات الشركة.
وتابع الحاج طاهر قائلاً: الشركة سننتج قريبا برادات ١٦ قدماً تبريد عادي بابين بنوعيها الشعبي دارة داخلية والممتاز دارة خارجية وبرادات ٢٣ قدماً تبريد عادي بابين أيضا بنوعيها الشعبي والممتاز، إضافة إلى خطط إنتاج الغسالات الآلية والحوضين ومبردة الماء والأفران ٦ رؤوس ديلوكس.
كل ما ذكرناه عن إنتاج الشركة هو بمعنى أو بآخر أنها تمتلك القدرة وإمكانيات العودة القوية إلى السوق وتأمين حاجة المواطن السوري من الأدوات المنزلية وبأسعار منافسة، لذلك كل ما تحتاجه الشركة اليوم دعمها مادياً ومعنوياً في الظروف الحالية التي تتعرض لها لتثبت مجدداً مكانتها وأصالتها.

بانتظار ما تكشفه الأيام!
بالطبع لا يمكن أن نختصر الواقع الراهن لشركة بردى بأرقام وإحصائيات وتحقيقات فما كانت عليه الشراكة وواقعها الحالي ينبئ بأن الشركة ليست بأفضل حالاتها والسؤال المطروح هنا هل فعلاً عودة بردى المأمولة إلى السوق كمنافس أزعج بعض الجهات ذات المصالح الخاصة نظراً لانتشار صناعة البرادات والأدوات المنزلية من قبل القطاع الخاص بشكل كبير وبأسعار خيالية، ولاسيما أن قدرتها على المنافسة كبيرة فيما لو توافر لها الدعم اللازم والسيولة الكافية في ظل اعتمادها الكبير على موارد محلية وبعيداً عن الاستيراد الذي يستنزف القطع الأجنبي.
طبعاً نحن لا نريد الحكم مسبقاً على الأمر أو أن نطلق الاتهامات جزافاً، وسننتظر ما تحمله الأيام القادمة، ومعرفة حقيقة الأهداف الكامنة والخفية وراء كل ما يحدث للشركة، ولكن لابد من التنويه والتذكير بأن أحد الأسباب التي أدت بالشركة إلى هذا الواقع حتى ما قبل الأزمة، أن أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الهندسية كان صاحب شركة برادات، ووجهت له العديد من الاتهامات بالمساهمة في تفشيل الشركة!

للتذكير فقط
واستعرض بدران واقع الشركة منذ بداية الأزمة قائلاً: تعرضت الشركة في منطقة السبينة للسطو المسلح من قبل العصابات الإرهابية في عام2012 وقد أدى الاعتداء إلى تدمير وحرق وسرقة الآلات في صالات الإنتاج والآليات في المرآب والمواد الأولية ونصف المصنعة والبضاعة الجاهزة في مستودعات الشركة ما أدى إلى توقف العمل، حتى أنه تم تدمير البنية التحتية للشركة بشكل نهائي، وبدأت الصعوبات والمشاكل تواجه عمل الشركة منذ عام 2012، لذا تم تأهيل معمل حوش بلاس كبديل مؤقت، والذي هو الآخر لم يسلم من قذائف حقد العصابات الإرهابية إذ بدت آثار القذائف على المبنى والصالات واضحة وماثلة للعيان، وأضاف بدران أن عمال الشركة استطاعوا بإمكاناتهم الذاتية والمحدودة أن يحولوا المكان إلى واحة عمل وورشة تنبض بالحياة والحيوية، لتعود الشركة إلى ممارسة نشاطها الإنتاجي ضمن الإمكانات المتاحة.

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
هبا نصر


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك