الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

بين التطبيق الفعلي وانعدامه

2017-07-03 06:59:05

هو حلم يراود الجميع أمنية يسعى الكثير لتحقيقها, هو الكرسي أو المنصب أو أيا كانت تسميته، فأن تكون صاحب القرار في مجال ما ومن تفتح له الأبواب وتنحني الرؤوس له, هذا هاجس يرافقنا جميعاً، فمن لا يرغب أن ينادى بحضرة المدير ولا بأس حتى بنائب المدير أو حتى معاونه وربما مديرا فرعيا، هذه المناصب وغيرها الكثير نجد على رأسها أشخاصاً وصلوا إليها بطرق عديدة سواء كانوا يستحقونها أو أنهم بعيدون كل البعد عنها.
فما هي المعايير المتبعة لانتقاء الإدارات العامة في سورية ، وكذلك الأمر بالنسبة لإعفاء هذه الإدارات؟ وهل هناك شروط معينة يتم العمل وفقا لها؟ والسؤال الأهم هل تطبق هذه المعايير بشكل فعلي أم أنها تبقى حبيسة الأوراق لا تخرج منها؟!

معايير من وجهة نظر المواطن
بالفعل هناك معايير معينة موضوعة خصيصا لاختيار الإدارات العامة ونستطيع سردها ببساطة ولكن ما أجده أكثر أهمية هي المعايير والشروط التي يضعها الأفراد في مجتمعنا فهم أولى باختيار الأشخاص المناسبين ووضعهم في الأماكن الملائمة لهم بما يخدم مصلحة المواطن لا المسؤول, صيغة السؤال أربكت بعض من تحدثت إليهم لذلك جعلت الفرد يشعر وكأنه هو صاحب القرار لوضع القوانين والأنظمة ولأن مواطننا السوري مبدع في خياله كانت الإجابة أسهل، وبعض من التقينا بهم ركزوا على نقطة ربما تكون بأهمية الكفاءة العلمية أو حتى تزيدها أهمية وهي الأخلاق بكافة جوانبها وأشكالها، فأن تكون متعلماً وحاصلاً على أعلى الشهادات أمر لا يكفي وحده إذا لم تكن لديه الأخلاق الوظيفية التي أصبح وجودها صعبا ربما لأنها ميزة يتجاهلها من يريد أن يعمل وفقا لأهوائه وأغراضه الشخصية, أما من يضع الحق نصب عينيه فلن يصعب عليه أن يعمل بأخلاقه في المهام والواجبات المترتبة عليه تجاه المنصب الذي يتولاه.
واعتبر البعض أن أهم الصفات الواجب توافرها في صاحب القرار أو المسؤول هي الكفاءة العلمية وتليها الخبرة العملية فهما يكملان بعضهما ومن الضروري أن يتواجدا معاً وليس هناك نفع لواحدة دون الأخرى، إذ يوجد أمثلة كثيرة على فشل البعض في المناصب التي جاؤوا إليها مفتقرين للخبرة العملية، ومع أنهم يعلمون النتائج لكن ترى بعضهم يصرون على الجلوس في أماكن غير مخصصة لهم ولم تخلق ليقوموا بتجاربهم عليها متناسيين أن التأثير السلبي سيطول أولاً وأخيراً المواطن المسكين الذي لا يلبث يخرج من صدمة فرضها عليه أحد صناع القرار حتى يتلقى صدمة أقوى جراء قرار خاطئ قام به أحد المدراء العامين.
ربما بدأت المعادلة تصبح أكثر تعقيد وأخذت المعايير تزداد صعوبة ولكن من حقنا كمواطنين أن نبحث عمن يستحق فعلا أن يتخذ القرارات نيابة عنا في كافة المجالات.

الإدارة مسؤولية
هي فعلاً كذلك فالمدير لا يكفي أن يجلس خلف مكتبه معطياً الأوامر ومصدراً للقرارات بل عليه الدخول في صلب حياة موظفيه فهم ليسوا عاملين عنده بل عاملين معه وربما ما يقومون به أهم بكثير مما يفعله هو، وبعض من تحدثنا إليهم والذين اخترتهم من أفراد المجتمع لا المختصين لعدة أسباب منها رغبتي في التعرف على ما يجول في تفكير الناس حول مواصفات المسؤولين في مجتمعنا، فالبعض مثل ريتا نخلة خريجة كلية الاقتصاد قسم إدارة أعمال ترى أن المسؤول يجب أن يكون مسؤولاً بالفعل لا عن المحافظة على الكرسي التي يجلس عليها، بل مسؤولاً عن كل موظف في إدارته من أصغرهم لأكبرهم، فهذه الكلمة لا تعني المنصب فحسب بل هي آتية من القدرة على تحمل المسؤولية وهي من أهم المعايير التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار شخص ما لوضعه في مكان ما.
أما النجاح فهو كان ولا يزال العامل الأساسي الذي تقاس به نتائج الاختيارات، والشخص الناجح هو الذي يكسب الرهان أخيراً مثبتاً أنه على قدر كبير من المسؤولية ومؤكداً تمتعه بكل الصفات السابقة ما يؤهله تولي أي منصب يرشح له.

ماذا بعد وضع المعايير والأنظمة؟
لا يكفي أن نضع معايير وأنظمة ونقف بعدها جامدين لا نستخدمها، فما فائدة هذا كله إذا لم نقم بالتطبيق الفعلي لما وضعناه، ومع أن الشارع السوري لا يعرف كل التفاصيل التي تجري في كواليس الإدارات العامة من تعيينات أو إعفاءات، لكنه يدرك تماماً أن البعض لا يستحقون الأماكن التي يشغلونها، وبالمقابل ندرك أيضا أن الإعفاء كالتعيين لا يحتمل الخطأ، لأن إقالة الشخص المناسب من مكانه دون مبررات كافية هي كوضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب ففي الحالتين تأتي النتائج كارثية، فمن يقع في الخطأ لا بد أن يحاسب لا أن نتجاهل ما قام به ونعتبر أنه يتعلم من أخطائه فحياة الناس ليست للتجربة أو للرهانات.

كلمة أخيرة
لندع المحسوبيات والوسائط جانباً ولنضع الشخص الصحيح في المكان الذي يجب أن يكون فيه، فلا يقع الظلم على أحد لا المنصب ولا من يتولاه, ومع أن بعض المديرين يدركون أن كلمة مدير لا تناسبهم أبدا، تراهم يصرون على البقاء في أماكنهم وكلما زاد إصرارهم  زادت الأخطاء وكبر حجم الفشل, وهنا لا ندعو للتقيد بالمعايير الأساسية التي ذكرنا جزءاً بسيطاً منها من وجهة نظر الشارع السوري ، بل هي دعوة لمن لا يرى نفسه كفؤاً لمنصب ما أن يمنح الفرصة لأصحاب الكفاءات والخبرات في ممارسة عملهم وبناء المؤسسات لا تهديمها.

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
هبا نصر


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك