الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

خطوات متسارعة نحو تنشيط وتفعيل عائدية المشروعات التنموية

2017-06-21 09:08:58

تبين الخطوات التي تتسارع وتيرتها في ضخ وإطلاق مشروعات التنمية في المناطق الريفية حجم التقصير المزمن، والإهمال الواضح لهذه المشروعات على مدى سنوات عديدة ماضية طوت معها الوعود التنموية الرنّانة، إلى أن أعاد التركيز الحكومي الحالي الروح لهذه التنمية المنسية المنتظر إطلاق العنان لمشروعاتها، وتوسيع التسهيلات أمام عجلتها إجرائياً، وتمويلياً، لتعود إلى واجهة الاهتمام الملموس في الإفصاح الواضح عن الخطط، والمؤشرات، والمشروعات، وإسقاطها على أرض الواقع بجولات ولقاءات وزارية متتابعة، وما يعقبها من مراسلات، وكتب خطية، وموافقات متلاحقة تستعجل الإقلاع بهذه المشروعات في ضوء الحاجة القصوى لها كونها لم تلق ما تستحقه من الدعم عبر سنوات طويلة ماضية رغم الرهان على دورها الجوهري في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية في المناطق الريفية، وإسهام هذه المشروعات في تأمين مصادر دخل لعدد كبير من الأسر التي تبحث عن موارد تكفل استقرارها، وتمكّنها من استثمار طاقتها في عمل ذاتي منتج من خلال مساعدتها في تأسيس مشروعات صغيرة تعتمد على موارد ومنتجات البيئة المحلية.


تنمية حقيقية 

يشير الواقع إلى تواضع مشروعات التنمية الحقيقية في المناطق الريفية، في عقد التسعينيات لأن البعد التنموي ظل في تلك الفترة شعاراً، وإطاراً في خطط “مستقبلية” لأكثر من وزارة وضعته على رأس الأولويات في حدود لم تتجاوز الدراسات، ودليل ذلك عدم وجود برنامج تنموي شامل ومتكامل زمنياً، ومكانياً، وتشغيلياً طيلة السنوات الماضية، وربما كشفت الظروف الراهنة حجم التقصير الحاصل والواضح في وضع خطة حقيقية للتنمية الريفية التي عادت إلى الواجهة مجدداً بزخم متجدد من الدعم لاستدراك التقصير، وإطلاق العنان لمشروعات تنموية صغيرة، ومتناهية الصغر، مع تأمين التمويل اللازم لها، وتعزيز النهج التشاركي في خطط التنمية، ولن نبالغ حين نؤكد أن  التنمية الريفية افتقرت للتخطيط التشاركي فجاءت البرامج قاصرة وشكلية وغير مؤثرة في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية للمناطق الريفية التي دخلت إليها هذه المشروعات غير المؤسسة على قاعدة بيانية تمويلاً، وتخطيطاً، وتنفيذاً، وبالتالي لم تشكّل قاعدة إنتاجية ثابتة، ولذلك جاءت بمجملها على شكل مبادرات مجتمعية وأهلية اتكأت على مشروعات، وبرامج تنموية أساسية واستراتيجية كمشروعات التحريج، والتشجير، والاستصلاح، وغيرها من مشروعات مكّنت أعداداً كبيرة من المزارعين من استثمار أراضيهم المحجرة التي استصلحتها هذه المشروعات المجانية وشبه المجانية تقريباً.

مصادر الدخل

من بين المآخذ التي سجّلت على  برامج التنمية الريفية خلال الفترة الماضية استعجالها تأمين مصادر عمل وتشغيل مقتصرة على فتح دورات تدريب وتأهيل مهنية وحرفية، ومنح قروض صغيرة لتمكين المقترضين من الإقلاع بمشروعات متناهية الصغر تكون موارد عيش ورزق للأسر الريفية، ولم يتم الالتفات إلى قضايا أساسية تتصل بديمومة وتطوير الأفكار، وإدارة واستثمار المشروعات، واعتماد الخطوات التنموية، ودراسة الصعوبات المحتملة، وأهمها الصعوبة التسويقية، وتعذّر تصريف الإنتاج، وعدم احتساب فروقات الأسعار الناتجة عن الزيادة المستمرة في أسعار المواد الأولية، وتكاليف الإنتاج، والتركيز على التوسع الأفقي دون النوعي، لأن المنافسة عامل مهم في العملية الإنتاجية والتسويقية، وعدم وجود سوق للمهن اليدوية، والحرفية، والتراثية، والمنتجات البيئية، حيث يتساوى المنتج اليدوي النوعي مع منتجات السوق السوداء، ما أدى إلى حصول خلط أوراق في مدخلات ومخرجات التنمية الريفية على حساب الموارد البشرية.

يعد برنامج “مشروعي” التنموي الذي تنفّذه الأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة مشروعاً تنموياً فاعلاً ونوعياً، أثبت منذ انطلاقته قدرته على تحقيق الرؤية التنموية التي وضعها ويعمل على تنفيذها بخطط سنوية واضحة وممنهجة، وبرنامج “مشروعي” يهدف إلى رفع مستوى دخل الأسرة في الريف ودعم القرى النائية والفقيرة وتحسين المستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي فيها عبر إنشاء صندوق مالي للإقراض متناهي الصغر غير الربحي لتمكين الكثير من الأسر الريفية أو الشباب العاطلين عن العمل من القيام بمشروعات ترفع مستوى دخلهم والتمكين من وضع بذور لعمل مستقبلي ومن المنتظر أن يشهد العام الحالي إطلاق مشروع التنمية المحلية من خلال وزارة الإدارة المحلية بتمويل يقّدر بنحو أكثر من ملياري ليرة سورية وسيكون من خلال هذا المشروع ولأول مرة مساهمة لمجالس الإدارة المحلية من خلال البلديات والبلدات ومجالس المدن في مشروعات التنمية المحلية في إطار تكاملي مع الفعاليات المحلية والمجتمعية عبر تأسيس وتمويل مشروعات تنموية للأسر الريفية على مستوى البلدة أو البلدية أو القرية ومنها مشروعات على مستوى المحافظة بما يمكّن من توليد مصادر دخل داعمة للتنمية المحلية والريفية تعود بالنفع على المجتمع المحلي وستسهم في تحسين الواقع المعيشي، ولأن هذا المشروع حيوي بامتياز فإن الأولوية المأمولة تحقيق التكامل بين مستلزمات واحتياجات خطط التنمية المنتظرة الموعودة خلال العام الحالي لإعادة إحياء دورة الإنتاج إلى المساحات والمناطق الزراعية والحراجية المتضررة جراء الظروف المناخية وآثار الأزمة ما شأنه تحقيق البعد التنموي في الوحدات الإدارية والمناطق الريفية، لأن البعد البيئي للعملية التنموية يشكل الحلقة الأساس في تعزيز نجاح هذه المشروعات البالغة الأهمية.

أولوية تنموية

إن الأضرار البيئية والزراعية والحراجية يفترض أن تكون لها الأولوية  في البرنامج التنموي وضرورة تحمّل كافة المؤسسات والجمعيات المعنية بالجانب البيئي مسؤولياتها في الترميم البيئي وتقييمها على هذا الأساس من خلال إسهامها في العمل التشاركي والقيام بمبادرات نوعية ملموسة في التنمية البيئية كونها الأرضية للمشروعات الإنتاجية، كما يمكن أن تشكل السياحة الريفية بمشروعاتها الصغيرة التي يجري الحديث عن التوسع بها والتخطيط لها العامل الأساسي الداعم للتنمية الريفية من خلال إنشاء مراكز تسويقية للمنتجات الريفية والصناعات اليدوية المحلية والصناعات البيئية النظيفة كالنباتات الطبية والزيوت العطرية والإسراع في التوسع بهذه المراكز والمشروعات كونها تكفل تصنيع المنتجات الريفية ما يزيد من مردودها ومن شأن هذه المنشآت ومثيلاتها دفع عجلة التنمية الريفية والسياحية بآن معاً، وتكمن هنا القيمة المضافة في استثمار المقومات الطبيعية في المناطق الريفية سياحياً ما من شأنه أن يحقق القيمة المضافة النوعية للحركة السياحية الواعدة التي تبحث عن المسار الأقصر والأسرع لتعافيها المبكر، ولتعود السياحة قاطرة حقيقية للتنمية انطلاقاً من أهمية وحيوية وأولوية برامج ومشروعات التنمية.

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي

هلا نصر

 


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك