تتوالى التصريحات التي تنفي تارة وتؤكد تارة أخرى ما يمكن أن نسميه تسريبات أو أخباراً ملفقة وذلك ضمن منظومة يدرجها البعض في خانة (تجارة الحكي ) التي يدفع الناس دائماً ضريبتها لعدم وضوح استراتيجيات عمل الكثير من الوزارات والمؤسسات التابعة لها والتي تتعامل مع حياة المواطن بما يشبه "لعبة القط والفأر" ويظهر ذلك جلياً في تخبط أصحاب القرار الذين يصطادون آمال الناس بصنارة قراراتهم المخيبة للآمال والمتسللة إلى الحياة العامة تحت عنوان كبير يدعى (الحلول الاستثنائية) المبشرة بانتهاء حملات تكذيب الأخبار وبدء مرحلة المبررات والأسباب الموجبة التي فرضت هذا القرار والتوجه أو ذاك.
ومن بوابة عدم "أخذ المواطن على حين غرة "كما يقال تتعدد الأمثلة على هذه الاستراتيجية المضللة لمصداقية العلاقة بين الجهات صاحبة القرار وسياساتها التكتيكية مع يوميات المواطن وثقته بها فمثلاً الخبر الذي تم تكذيبه منذ أيام حول قرار رفع أسعار المازوت الصناعي والزراعي فرض حالة من التأهب النفسي والمادي لدى المواطن السوري وطبعاً نحن لسنا بصدد تأكيد النفي أو الترويج لصحة المعلومات المسربة بل نشير أولاً إلى أن تكرار هذا السيناريو بات ضاغطاً بتفاصيله على حياة الناس الذين يحاولون الاستفادة من تجارب الأخبار السابقة وتأمين هذه المادة قبل أن ترتفع أسعارها وهذا ما أحدث نوعاً من البلبلة في الشارع الذي يضع عدم توزيع المازوت المنزلي حتى الآن في دائرة النوايا المبيتة لرفع السعر كما تشير الشائعة وثانياً نحاول إيصال نبض الشارع وهواجسه التي تتدحرج إشاراته الاستفهامية بين عشرات الهموم والمنغصات بحثاً عن الإجراءات والتدابير المسجلة في خانة (الإنقاذية) كما اعتدنا على سماعها من الجهات المعنية.
وإذا كانت الظروف الصعبة تفرض علينا أن نقف مع أنفسنا ومع حكومتنا كمواطنين وأن نعي حقيقة التحديات إلا أن ذلك لا يحرمنا حق المطالبة بضرورة التوضيح وكشف ملابسات أي قرار يسري كالنار في الهشيم في أحاديث الناس ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي تشعل فتيل الحوار حول الكثير من القضايا المعيشية التي تعتمد غالباً مقولة (ما في دخان من غير نار) وكما تحاول الأوساط الشعبية ترويض رغبتها باختطاف أي تعديل معيشي إيجابي مرتقب من حضن الشائعة إلى حضن الحقيقة والتعاطي الإيجابي مع الواقع.. على الوزارات والمؤسسات أن تكون أكثر وضوحاً بقراراتها وشفافة في علاقتها مع المواطنين لتعزيز حقيقة صمودها بما تمثله من قوة لحضور الدولة ككل في حياة الناس ويمكن التأكيد على أن ذلك حالة ضرورية وشرعية في هذه الأيام العصيبة. فهل من مجيب؟!.
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
بشير فرزان