منذ إحداث المعاهد التقانية التي كانت تسمى بالمعاهد المتوسطة سابقاً ولغاية اليوم لم تتغير النظرة إليها، حيث لا تزال بنظر الطالب، وحتى أهله "مأوى للفاشلين" دراسياً كون معدلاتهم لا تسمح لهم بالتفاضل على الكليات الجامعية نظراً لارتفاع معدلات القبول وانكماشها في الكثير من التخصصات إلى حد خرم الإبرة!.
عقدة "النقص" هذه رسختها بكل أسف وزارة التعليم العالي التي همشت هذا النوع من التعليم رغم أنه الطريق الأقرب للتنمية في مختلف المجالات، ففي الغرب 80% من حضارتهم بنيت بفضل الاعتماد على مخرجات التعليم الفني والمهني الذي يختصر سنوات الدراسة إلى سنتين ويزج بالخريجين في سوق العمل بعد أن يتم تأهيلهم وتدريبهم على أعلى مستوى.
رسالة مؤلمة!
رغم تناولنا للواقع الراهن غير المرضي للمعاهد في أعداد سابقة، لكن الرسالة التي وصلتنا منذ أسبوع ألزمتنا بطرح المشكلة من جديد، الرسالة المذيلة بعشرات التواقيع من طلبة المعاهد تعنونت بثلات كلمات مؤلمة "أنقذونا من مستنقع البطالة"، في إشارة واضحة وصريحة لمدى المعاناة من انكماش فرص العمل، بل انعدامها لدرجة الصفر في أغلبية المعاهد، وخاصة بعد إلغاء الالتزام بتأمين فرص عمل للخريجين بحجة وجود فائض في أعداد الخريجين بمؤسسات الدولة!.
فزاعة!
يعلق عيسى اسماعيل على قرار إلغاء الالتزام بقوله "كان قراراً ظالماً ضرب بأحلام الخريجين عرض الحائط"، متسائلاً: ماذا نعمل بشهاداتنا هل نعلقها على الحائط ونتفرج عليها؟!
وبرأي نغم الحسين أن الالتزام بتأمين فرص عمل للخريجين كان حافزاً يجعل الطلبة يتسابقون للتسجيل بالمعاهد، أما اليوم فقد تحولت المعاهد إلى مستودع لتخزين العاطلين عن العمل، بل إلى فزاعة يهرب منها الشباب خوفاً من الغوص بمستنقع البطالة!!.
وظهرت علامات التعجب على سامر ديوب وهو يسأل: كيف يصرّح بعض المعنيين بالتعليم العالي بقرب عودة الالتزام بتأمين فرص عمل لخريجي المعاهد، وهو يعلم أن كلامه لن يكون له أي صدى إيجابي عن الجهات صاحبة القرار!.
وبالعودة للرسالة يستغرب الخريجون في المعهد الإحصائي غياب المسابقات الخاصة بالمعهد منذ تأسيسه، حيث لم يعلن إلا عن مسابقة واحدة أخذوا بموجبها /5/ فقط من الخريجين، علماً أن هناك أكثر من 2000 خريج!.
الفاقد في تزايد!
بكل أسف هناك إهمال شديد للمعاهد التقانية سواء على صعيد بنيتها التحتية أو الاهتمام بخريجيها وزجهم بسوق العمل إلى درجة تحول فيها هذا النوع الاستراتيجي من التعليم إلى مجرد مكان لتضييع الوقت دون أي أمل بالمستقبل، وهذا ما أدى إلى تراكم مشكلاته وباتت بحجم جبل من الصعب تجاوزه، ولعل نسب الفاقد من المعاهد تفسر ذلك إذا وصلت لحدود الـ 70% والنسبة في تزايد أمام اللامبالاة الحاصلة!.
بالمختصر، قلناها سابقاً ونؤكد اليوم إن تبعية المعاهد العلمية إلى المجلس الأعلى للتعليم التقاني وتبعيتها الإدارية إلى عدة وزارات خلق نوعا من التشتت والضياع وأدى بالنتيجة إلى تهميش الاهتمام بها وبات الطلبة يشعرون كأنهم عالة يراد التخلص منهم بأية وسيلة!.
هامش..
حسب إحصائيات التقرير الوطني للتنمية البشرية منذ عام 2005 ولغاية اليوم فإن نسب الفاقد في المعاهد التقانية أكبر بكثير من نسب الفاقد في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي، وبين الإناث أكبر منها في الذكور، لذا لا غرابة أن يحسم الطلبة أمرهم بعدم متابعة الدراسة طالما مستقبلها ما زال مجهولاً بسبب عدم وجود خطط إستراتيجية للتشغيل إلا على الورق!!!.
• غ.ف