تشير أغلب الدراسات والأبحاث التي أجريت محلياً أن المستوى العام لخريجي جامعاتنا ضعيف جداً مقارنة بمتطلبات وحاجات سوق العمل بشكل خاص وحاجات مجتمع المعرفة بشكل عام، والذي يريد ويحتاج كفاءات من نوع خاص!.
هذه المشكلة تدركها جيداً إدارات جامعاتنا، بل وزارة التعليم العالي، حيث هناك فجوة واضحة بين المدخلات والمخرجات، بالإضافة إلى غموض أهداف التعليم الجامعي على جميع المستويات، الأمر الذي تسبب بهذه المشكلة!.
ماذا يقول الطلبة؟
يرى منذر المحمود أن ترهل الإدارات وتخلف المناهج "المهترئة" وعدم ربط التعليم النظري بالجانب العملي من أكثر العوامل التي جعلت الخريجين في مستوى ضعيف علمياً، مشيراً إلى أن الطالب في الجامعة يأخذ معلومات قد لا تختلف كثيراً عن المعلومات التي حصل عليها في المدرسة، وخاصة في الكليات النظرية، بمعنى هناك ضعف بالأساس في مراحل ما قبل الجامعة استمر في الجامعة والمعاهد التقانية، وهكذا سادت الشكلية في تطوير المناهج دون الاهتمام بمضمونها، والدليل أن بعض المقررات الجديدة التي طبعت في الأعوام الأخيرة تعتمد على مراجع عمرها أكثر من ربع قرن، مستغرباً كيف تتم الموافقة على اعتماد تلك المناهج!.
ويحمل فراس الخليل المسؤولية لطرق القبول الجامعي التي لا تعتمد على معايير حقيقية، وإنما تركّز على المجموع الذي لا يعطي أو يدل بشكل صحيح على مقدرات الطالب الإبداعية، وبرأيه أن العلامة ليست معياراً علمياً، مطالباً باتباع طرق أخرى تعتمد على رغبات وإمكانات الطالب العقلية، والاهتمام أكثر بالتعليم الفني والمهني الذي هو عماد النهضة في الدول المتقدمة.
رصاصة الرحمة!
وبرأي زيد الخالد أن إتباع جامعاتنا لطرق تدريس تقليدية تقوم على الحفظ والتلقين، هو مقتل الخريج، لأن هكذا أساليب تطلق رصاصة الرحمة على ملكة التفكير والإبداع عند الطالب!.
ويتساءل: لماذا لم تعمل وزارة التعليم العالي على تفعيل خططها السنوية والاستراتيجية التي كانت تتحدث عنها في كل مناسبة بهدف تطوير منظومة التعليم العالي وجعلها منظومة عصرية؟!.
وتتأسف مريانا خليل أن تتحول الجامعات السورية في القرن الـ 21 إلى مستودعات لتخريج العاطلين عن العمل، وبرأيها أن السبب في ذلك يعود لضعف الارتباط بين الجامعة وسوق العمل، لأن القبول يتم بشكل عشوائي بعيداً عن الدراسات المعمقة لما يريده ويحتاجه سوق العمل لذلك يتكدس الخريجين وتزداد نسب البطالة.
وتتساءل سحر محمد: هل سيأتي اليوم الذي يختار فيه الطالب السوري التخصص العلمي وفقاً لرغباته وميوله وقدراته، أم ستبقى العلامة هي الفيصل؟!
غياب البحث العلمي!
ويقول قيس الحسن: إن ضعف المستوى العلمي للخريج يعود للضعف الذي يعاني منه عضو هيئة التدريس، ويضف: من المفروض أن يتم تقويم أداء الأستاذ بشكل دوري وعدم ترقيته لمرتبة علمية أعلى إلا إذا توفرت فيه معايير الأستاذ القادر بفكره وعلمه وأبحاثه ونشاطاته على إقناع الطلبة.
ولفت مصطفى الخطيب طالب دراسات عليا أن المستوى العلمي والعملي لا يمكن أن يرتقي إلا بوجود البحث العلمي وتعويد الطالب عليه – لكن بكل أسف- هناك غياب واضح للبحث العلمي في الجامعات السورية، حتى على مستوى حلقات البحث التي يقوم بها الطلبة تتم بشكل عشوائي وغير قائم على أية معايير يتطلبها البحث العلمي!
نأمل أن تلقى آراء الطلبة اهتمام صناع القرار ، وأصحاب الرأي والشأن بتطوير منظومة التعليم العالي، فنحن اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة لمنظومة تعليمية عصرية نحقق من خلالها أعلى معدل ممكن لتنمية الإنسان خاصة في ظل هذه المرحلة التي نراهن فيها على الكفاءات الوطنية.