الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

قطاعنا الصناعي في حال يرثى لها

2017-06-05 13:06:06

لا يمكن أن نختصر الواقع الذي يعانيه القطاع العام الصناعي بإحصائيات رسمية أو أرقام تقديرية فما يعانيه القطاع الصناعي خلال الأزمة خطير للغاية، فمنذ بدء الأحداث في سورية كانت الصناعة أحد أهم القطاعات الحيوية التي وجهت لها ضربة قاصمة لضرب عصب الدولة الأساسي سواء من خلال تدمير المعامل بكل ما تحتويه من تجهيزات ومعدات أو سرقة الآلات والأجهزة وتهريبها، لذلك فإن الحال الذي آلت إليه بعض شركات القطاع العام الصناعي يتطلب الوقوف عنده قبل الوصول إلى مرحلة نخسر فيها الكثير من شركات قطاعنا العام الصناعي.

47 شركة خاسرة و24 شركة بحاجة لتطوير وتشغيل

وبحسب التقرير الذي أعدته وزارة الصناعة  لعرضه على الحكومة، فإن معظم شركات القطاع العام الصناعي في حال يرثى لها، حيث كشف التقرير عن وجود 47 شركة تعتبر من الشركات المتوقفة التي لا يوجد جدوى من تشغيلها، في القطاع العام الصناعي، إضافة إلى 12 شركة من الشركات الخاسرة التي بحاجة إلى تطوير خطوط إنتاجها، وهناك أيضاً 12 شركة من الشركات الحدية، يوجد إمكانية لتشغيلها ونقلها إلى الربح، أما الشركات الرابحة فهي 20 شركة، موزعة على المؤسسة العامة للإسمنت بواقع شركتين رابحتين فقط "شركة إسمنت عدرا والشركة السورية لصناعة الاسمنت بحماة" وفي المؤسسة العامة للصناعة الهندسية يوجد شركة واحدة هي الشركة العامة لصناعة الكابلات، وفي المؤسسة العامة للصناعات الغذائية يوجد خمس شركات رابحة الشركة العامة لتعبئة المياه، شركة زيوت حماة، ألبان حمص، عنب حمص، عنب السويداء وفي المؤسسة النسيجية يوجد ثلاث شركات رابحة الدبس، الشرق للألبسة الداخلية، الشركة السورية للألبسة الجاهزة وسيم على حين المؤسسة العامة للتبغ لا تزرع إلا في فرع المنطقة الساحلية، وفي المؤسسة العامة للسكر لا يعمل حالياً سوى شركة واحدة في حمص، وفي المؤسسة العامة للأقطان يتم العمل فقط في ثلاثة محالج الفداء والعاصي والسلمية.

وبالنسبة للشركات الحدية أو الخاسرة والتي تبين حسب التقرير أن هناك إمكانية لتشغيلها ونقلها إلى الربح نجد أنه في المؤسسة العامة للإسمنت يوجد فقط شركة واحدة هي اسمنت طرطوس وفي المؤسسة الهندسية يوجد أيضاً شركة واحدة هي الشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية بحماة وفي المؤسسة النسيجية هناك عدد من الشركات يمكن أن تعالج أوضاعها كالغزل في جبلة والساحل والخيوط في اللاذقية وحماة والوليد للغزل، وفي المؤسسة العامة للسكر يوجد تل سلحب والعامة للأسمدة، في حين المؤسسة الكيميائية فيها فقط شركتان هما الشركة الأهلية للمنتجات المطاطية والبلاستيكية إضافة إلى الشركة العامة للمنتجات البلاستيكية بحلب.

وذكر  التقرير وجود  إحدى عشرة شركة خاسرة التي بحاجة إلى تطوير خطوط إنتاجها منها 6 شركات في النسيجية يمكن العمل عليها وتطويرها لتدخل في الإنتاج، وخمس منها في المؤسسة الهندسية بردى وكابلات حلب وسيرونيكس وكنار والإنشاءات المعدنية، وفي المؤسسة الغذائية هناك ألبان دمشق وتجفيف البصل متوقفتان.

وبخصوص الشركات الخاسرة والمتوقفة عن العمل والتي لا يوجد جدوى من تشغيلها، فهناك 4 شركات في الاسمنت، وفي الهندسية يوجد 4 شركات أيضاً، وفي الغذائية يوجد 5 شركات وفي المؤسسة النسيجية 13 شركة متوقفة وخاسرة، وفي المؤسسة الكيميائية يوجد 5 شركات خاسرة وفي مؤسسة السكر 7 شركات خاسرة، وفي الأقطان 9 محالج خاسرة.

أما الشركات الخاسرة بسبب الظروف الحالية فهي 12 شركة موزعة 3 في المؤسسة النسيجية و4 في الأقطان وواحدة في المؤسسة الكيميائية ومثلها في التبغ والإسمنت وشركتان في المؤسسة الغذائية كونسروة دمشق وزيوت حلب.


تساؤلات برسم وزارة الصناعة

وللاطلاع أكثر على واقع بعض هذه الشركات الواردة في التقرير فقد التقينا رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الصناعات الكيميائية غسان السوطري الذي أبدى استغرابه من بعض ما جاء في مضمون تقرير الوزارة والذي ذكر وجود خمس شركات خاسرة في المؤسسة الكيميائية دون التطرق لأسماء هذه الشركات متسائلاً إذ كانت شركة زجاج دمشق أو شركة الأسمدة أو شركة زجاج حلب مثلاً من بين الشركات الخاسرة والمقصودة في تقرير الوزارة، مؤكداً أن لهذه الشركات وضعاً خاصاً وجميعها قابلة لإعادة الإقلاع من جديد، وأن هناك تقصيراً من قبل الوزارة في تأمين ما يلزم لهذه الشركات والتأخير في إعادة تأهيلها.

 وقال السوطري: مايثير قلقنا هو كلام الوزارة بأنه لا جدوى من تشغيل هذه الشركات علماً أن أغلب الشركات التابعة للمؤسسة الكيمائية قابلة لإعادة التشغيل والإنتاج ونحن بأمس الحاجة لها في المرحلة القادمة، وفي حال كان لا جدوى فعلاً من تشغيل هذه الشركات فلماذا لا يتم طرحها للتشاركية في محاولة لإعادتها للإنتاج والاستفادة منها أما أن هناك نوايا خفية وراء ذلك.

كما تساءل السوطري عن السبب الذي حال دون ذكر التقرير للشركات الرابحة والتابعة للمؤسسة الكيميائية عند ذكره للشركات الرابحة، مؤكداً وجود عدة شركات رابحة أغفلها تقرير الوزارة كشركة تاميكو ودهانات أمية والأحذية والأهلية والدباغة وهذه الشركات من أهم الشركات التابعة للقطاع العام الصناعي.

 

الواقع الحالي

وقدم السوطري شرحاً مفصلاً لواقع المصانع والشركات التابعة للمؤسسة الكيميائية قائلاً : هناك العديد من الشركات خرجت عن الخدمة في بعض المحافظات السورية، ففي محافظة حلب خرج عن الخدمة معمل زجاج حلب الذي تعرض للدمار بشكل شبه كامل بعد دخول العصابات الإرهابية المسلحة إليه وقيامهم بتخريبه وتدمير الجزء الأكبر من آلياته, وكذلك الأمر في شركة الدباغة بحلب ولكن بفضل جهود الفنيين تم نقل بعض آلاتها لدمشق وهي تعمل الآن في دباغة دمشق, أما شركة بلاستيك حلب فكانت أضرارها خفيفة مقارنة بغيرها والعمل جارٍ لإعادة تأهيلها.

وفي محافظة دير الزور ما زال معمل ورق دير الزور تحت سيطرة المسلحين ولا نعلم حجم الأضرار التي لحقت به لعدم إمكانية الوصول إليه.

  ومصانع حمص أيضاً طالتها يد الإرهاب إذ تعرض معمل الأسمدة  في بداية الأزمة لبعض الأضرار إضافة لخسارة بعض الفنيين والمهندسين فيه بعد أن طالتهم يد الإرهاب, ولكن هذا المعمل عاد للإقلاع وهو يعمل بطاقة إنتاجية متدنية لعدم توفر المواد الولية اللازمة.

وأضاف السوطري أن الضرر الذي لحق في مصانع دمشق كان وفق الآتي فمعمل زجاج دمشق تعرض للتخريب في  جزء منه ولكن تمت إعادة تأهيله وأنتج الزجاج المجمر بكميات لا بأس بها ولكن فيما بعد توقف الإنتاج لضعف التسويق, وهناك مشكلة في هذه الشركة تتمثل بعدم إنجاز مشروع الفلوت المعول عليه للنهوض بهذه الشركة.

وعن الشركة الطبية العربية "تاميكو" يقول السوطري : إنها الشركة الوحيدة للقطاع العام في الدولة لإنتاج الأدوية البشرية بمختلف أصنافها، وكانت تتوضع في الغوطة الشرقية وتم الاعتداء عليها وتدميرها بالكامل، وبعد تحرير المنطقة تم نقل بعض الخطوط الإنتاجية لمنطقة آمنة وإعادة تأهيلها بجهود العمال والفنيين العاملين فيها، وباشر قسم من أقسامها بإنتاج بعض أصناف الأدوية وحققت خلال السنوات الماضية ربحية مقبولة.

أما الشركة الأهلية للمنتجات المطاطية فلها ثلاثة فروع في دمشق الفرع الأول في باب شرقي وهو يعمل بشكل نظامي، أما الفرعان الثاني والثالث فهما في الغوطة الشرقية وجوبر وتم تخريبهما من قبل المسلحين، وبعد تحرير مكان تواجد الشركة في الغوطة الشرقية نقلت بعض الآليات المتبقية داخلها إلى الفرع الأول وأعيد تأهيلها وباشرت بالإنتاج منذ بداية عام 2014 وحققت نتائج ربحية جيدة رغم كل المصاعب.

وتابع السوطري قائلاً: يتبع للشركة العامة للأحذية أربعة معامل في المحافظات التالية: درعا لا نعلم عنه شيء، السويداء يعمل بطاقة جيدة، النبك تم الاعتداء عليه من قبل الإرهابيين وسرقت آلياته، وبفضل جهود الجيش أعيدت بعض آلياته، وفي مصياف الذي هو العمود الفقري لهذه الشركة لم يصب بأي أذى ومستمر في عمله.

وبين السوطري أنه تم الاعتداء على شركة منظفات سار الكائنة في مدينة عدرا  من قبل المسلحين وحصل فيها دمار كبير ومازالت متوقفة عن العمل، ولكن بفضل جهود العمال وإدارة الشركة تم استحداث قسم في شركة زجاج دمشق وأصبحت تنتج بربحية جيدة.

ولفت السوطري أن  شركة دباغة دمشق لاتزال مستمرة بعملها لإنتاج الستر الجلدية وتحقيق نسب إنتاج جيدة.


إعادة النظر بواقع الشركات

من جانبه أشار رئيس الاتحاد المهني لصناعات الغزل والنسيج عمر الحلو أن  الأزمة أفرزت مشاكل عديدة لقطاع الغزل والنسيج وأصبح من الضروري إعادة النظر بواقع الشركات التابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية بكافة مواقعها وتصنيفاتها، وإعادة النظر بالأولويات للمعالجة ووضع خطة استراتيجية قابلة للتنفيذ والعمل على الاستفادة من القيمة المضافة في العملية الإنتاجية، وهذه من الأساسيات وخاصة في صناعة الغزل والنسيج والصباغة والطباعة والأقمشة المقصورة والألبسة الجاهزة، لافتاً لوجود تقاعس كبير حيال هذا الموضوع، كما أشار إلى وجود مشاكل تتعلق بقدم الآلات على خطوط الإنتاج وبشكل خاص معامل السجاد الآلي وكذلك شركات النسيج، وهذه الآلات غير اقتصادية وغير مجدية ما يؤدي بالنتيجة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، مشدداً على أن الاستراتيجية التي يتم يجب العمل عليها حالياً هي زيادة الإنتاج من خلال خطط وبرامج مدروسة ، إلى جانب معالجة المشاكل والصعوبات التي تعيق عملية الإنتاج.

معلومات تفتقد الدقة

وأضاف الحلو أن المعامل والشركات التابعة لقطاع الغزل والنسيج تعرضت لأضرار كبيرة في ظل الحرب التي تواجها سورية والاعتداءات الممنهجة من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة، لافتاً إلى وجود /10 / شركات خارج الخدمة و/2/ شركة تعمل بشكل جزئي  ووفق الإمكانات المتاحة، إضافة لوجود /2/ شركة متوقفة قبل الأحداث الجارية، وبالنسبة للشركة العاملة فهي /11/ شركة، وبالعودة إلى تقرير وزارة الصناعة نجد أن هناك تناقضاً في المعلومات الواردة لاسيما فيما يتعلق بالمعلومات التي تتحدث عن وجود /13/ شركة متوقفة وخاسرة ولا جدوى من تشغيلها في المؤسسة النسيجية، إضافة لوجود /6/ شركات يمكن العمل عليها وتطويرها لتدخل في الإنتاج، كذلك وجود عدة شركات يمكن أن تعالج أوضاعها، مع وجود ثلاث شركات رابحة فقط، ولم يقف التناقض عند ذلك حيث اعتبر التقرير أن شركة اسمنت طرطوس التابعة للمؤسسة العامة للإسمنت من ضمن الشركات الخاسرة التي يمكن تشغيلها وإعادتها إلى الربح، في حين قال رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال البناء والأخشاب أن الشركة تعتبر من الشركات الرابحة وبنسب ربح قليلة، ولكن من الواضح أن تقرير الوزارة يشوبه بعض اللغط وهذا ما يثير التساؤلات عن الكيفية التي أعد بها هذا التقرير، أما أن وزارة الصناعة قد وضعت تقريرها بشكل نظري وبعيد عن الواقع الفعلي لشركات القطاع العام الصناعي.



مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك