الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

استثمار الطاقة وترشيدها.. منظومة عمل مستقبلية.. وإيجابية النتائج رهن التطبيق

2017-06-05 07:15:43

تؤكد الأرقام والمعطيات التي خلفتها سنوات الحرب المتتابعة حقائق صادمة حول قطاعي النفط والكهرباء، فبعد إنتاج يومي كان يقدر بــ 343 ألف برميل من النفط في العام 2011 انخفض الإنتاج لـ 9000 آلاف برميل فقط في العام 2015، وكذلك انخفض الإنتاج اليومي في قطاع الغاز الطبيعي لـ 12 مليون عام 2015 ولـ 6 ملايين فقط العام الماضي خاصة بعد الاعتداءات الإرهابية على آبار الغاز في منطقة تدمر بعد أن كان يقدر بـ 30 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في العام 2011 ، وهذا الواقع أثر بشكل سلبي على كل الفعاليات الاقتصادية والإنتاجية لدينا، إضافة لتحديات أخرى طالت قطاع الكهرباء كالاعتداءات الإرهابية على مكونات المنظومة الكهربائية والعاملين فيها، والعقوبات الاقتصادية على هذا القطاع، لتبلغ القيمة التقديرية للأضرار المباشرة وفقاً لمصادر في وزارة الكهرباء نحو /830/ مليار ل.س منذ بدء الأزمة، وبالعموم تأثر الاستهلاك الأولي للطاقة من عام 2011 وحتى العام 2015 بحدود 10.3ملايين طن مكافئ نفطي في حين كانت في الـ 2011 بحدود 24.2 مليون طن مكافئ نفطي ما يشير إلى تدهور شديد في مصادر الطاقة المتاحة في سورية. 

تحديات كبيرة
مع بداية الأزمة الحالية بدأت التحديات المستقبلية لقطاع الطاقة في سورية تزداد جسامة وبرزت أهمية تطبيق إجراءات الترشيد ورفع كفاءة استخدام الطاقة والطاقات المتجددة وهو أمر مختلف من حيث المبدأ عن إجراءات التقنين في قطاع الكهرباء المتبعة حالياً لأن الأخيرة ناتجة عن نقص في كميات الكهرباء نتيجة الحرب وبالتالي تقنين توزيعها على المشتركين بحسب الحاجة والضرورة لتكفي ضروريات الاستهلاك خاصة بعدما انخفض الانتاج السنوي للكهرباء من 50 مليار كيلو واط ساعي عام 2011 حتى وصل في عام 2015 إلى نحو 20 مليار كيلو واط ساعي أي أن نسبة الانخفاض 60 % أما إجراءات الترشيد فهي إجراءات طويلة واستراتيجية عمل تشمل قطاع الطاقة بأكمله، وربما كانت مثيرة للاهتمام الدراسات التي قدمها المركز الوطني لبحوث الطاقة في هذا المجال ومنها مخطط يتوقع الاستهلاك الأولي للطاقة في سورية منذ العام 2011 وحتى العام 2030 حيث يتوقع أن يصل الطلب على الطاقة الأولية في العام 2030 إلى 41 مليون ط.م.ن لكن المتوفر في أفضل الأحوال بحسب التقديرات هو 25 مليون ط.م.ن أي أن العجز المتوقع سيكون حينئذ 16 مليون ط.م.ن.

سد الفجوة
مركز بحوث الطاقة  الذي زرناه قدم لنا ثلاثة سيناريوهات مختلفة لسد الفجوة الطاقية المتوقعة مستقبلا وتأمين الكميات الإضافية المطلوبة من الطاقة في سورية حيث يمكن أن يتم إما باستيراد المصادر التقليدية من الطاقة (النفط ومشتقاته والغاز) وهو سيناريو مكلف جداً، أو عبر سيناريو ثان يعتمد إقامة مشاريع طاقات متجددة RES وهو أقل كلفة، أو سيناريو ثالث يتمثل بترشيد ورفع كفاءة استخدام الطاقة وإقامة مشاريع طاقات متجددة REEES في الوقت نفسه وهو ما يجب أن نعمل عليه، وبالعودة للسيناريو الأول الذي يبدو أكثر الحلول سهولة من الناحية النظرية يجدر السؤال هل نحن قادرون فعلاً على تحمل نفقاته الباهظة خاصة أن كلفة سد عجز مقداره مليون ط.م.ن من خلال استيراد النفط في العشرين سنة المقبلة سيبلغ 8.4 مليارات دولار، ومع أن السيناريو الثاني يبدو أقل تكلفة بحسب ما إلا أنه سيناريو يعتمد على الطاقات المتجددة الشمس والرياح معا حيث يحتاج كل مليون طن من النفط المكافئ إلى 700 ميغاواط مزارع ريحية و(تكلفتها التأسيسية حوالي =840 مليون دولار) مع 1200 محطات كهروضوئية و(تكلفتها التأسيسية حوالي 1،8 مليارات دولار) وبالتالي تكون التكلفة  /2,6 /مليار دولار، لكن هذا السيناريو سيحتاج أيضا إلى حجم كبير من الاستثمارات تقدر بحوالي 41 مليار دولار قد لا تكون متوفرة فهذا تحد كبير خاصة في مرحلة إعادة الإعمار، لذا من المجدي البدء باعتماد السيناريو الثالث الذي يعمل على خفض الفجوة الطاقية باستخدام اجراءات ترشيد الطاقة من 16 مليون ط.م.ن إلى 3 ملايين ط. م. ن وهذا الرقم يمكن تغطيته من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي سيكون حجم استثماراتها 7.8 مليارات دولار بدلاً من 41 كما أن اعتماد هذا السيناريو سيؤدي أيضا تخفيض الطلب على الطاقة بمعدل لا يقل عن 30% في كافة القطاعات وخاصة القطاع المنزلي والصناعي والتجاري والنقل حتى عام 2030 أي من /41/ مليون طن مكافىء نفطي إلى حوالي/30/ مليون طن م.ن ومن شأنه أيضا تخفيض الآثار السلبية لقطاع الطاقة على البيئة من خلال تخفيض كمية الانبعاثات الضارة الناجمة عن تلبية الطلب على الطاقة من خلال المصادر التقليدية النفط والغاز إلى ما يقارب /50/ مليون طن من غاز CO2 وعند اعتماد هذا السيناريو فالمطلوب حجم عمل مضاعف من كل المعنيين.

فهم خاطئ
هناك من يقابل أي حديث عن ترشيد الطاقة ورفع الكفاءة بالتهكم والسخرية خاصة عند من عانى الأمرين من إجراءات التقنين وغابت مصادر الطاقة عنهم، أو ربما يكون الأمر أيضا ناتجا عن الفهم الخاطئ والخلط بين مفهومي التقنين الناتج عن النقص، والترشيد النابع من السلوك وحسن الإدارة، لكن الجدير بالذكر أن إجراءات الترشيد تتجاوز التفكير التقليدي كما ذكرنا سابقاً لتشمل كل النواحي المتصلة بالطاقة والتي نحاول كمستهلكين الحصول عليها باستمرار فمثلا حين يقرر أحدنا شراء آليه معينة أو هاتف جديد أو جهاز كهربائي سيعنيه حتما مقدار استهلاك هذا الجهاز من الوقود أو الطاقة أو الكهرباء، وغالباً ما نلاحظ تفاوت سعر الأجهزة وفقا لاستهلاكها وجودة ترشيدها، ويؤكد المهندس سنجار طعمة معاون مدير مركز بحوث الطاقة خلال العديد من التصريحات على أن اعتماد اللصاقات التقنية للطاقة إضافة لتطبيقات أخرى في القطاع المنزلي وقطاع النقل سيعود بتوفير كبير على الاقتصاد والمواطن فمثلاً شراء براد درجة تصنيفه الطاقية / A/ يكون استهلاكه اليومي من الطاقة الكهربائية 1,500 كيلو واط  ساعي استهلاكه السنوي 548 كيلو واط ساعي في حين أن براد آخر له الحجم ذاته ولكن تصنيفه الطاقي /E/ فسيكون عندها استهلاكه اليومي 2,625  كيلوواط  ساعي ويكون استهلاكه السنوي 959كيلو واط ساعي ويكون فرق التوفير 411 كيلو واط  ساعي سنويا ففي حال شراء المواطنين البرادات من النوع /A / على مستوى القطر سيؤدي إلى تحقيق وفورات كبيرة على المواطن والدولة  بما لا يقل عن /1,2/ مليار ك.و.سا أي الوفر حوالي /72/ مليار ليرة سورية، وهنا ربما تكون الحكومة المعني الأبرز في فرض معايير تتماشى مع هذه السياسة عبر ضوابط جمركية وإجراءات رقابية على المستوردات المطابقة أو المخالفة لهذه اللصاقات، كما يؤكد سنجار أن الترشيد يمكن أن يكون في مجالات أخرى كثيرة كتطبيق مبدأ العزل في البناء واعتماد انظمة ضخ مياه بالاعتماد على الطاقة الشمسية فالمعلوم أن هدر المياه هو هدر طاقة لأنها تأتي للمنازل عن طريق الضخ، وكذلك يمكن أن نرى تطبيقات الترشيد في السيارات وهنا المطلوب رفع الكفاءة بمعنى نفس المنتج باستهلاك أقل للطاقة وبالتالي فإن مؤشر الطاقة من أهم الأولويات التي يجب أن ترافق سورية المستقبل التي نتطلع إليها.


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك