إساءة استخدام أموال الزكاة وتحولها إلى جذور تمويل الإرهاب
يجب أخذ العلم والاشارة إلى أنه عند تناول بدايات عمليات تمويل تنظيم القاعدة نلاحظ تداخلا مؤسساتيا بين المال والدين الأمر الذي يلعب دورا في تقديم مبررات دينية ويطرح أسئلة تتطلب اجابات فيما يتعلق بإساءة استخدام أموال تم جمعها بشكل قانوني للخير ولكنها استخدمت لعكس ما جمعت له وهذه الأموال في الأصل وجدت لحل مشاكل الفقراء غير انه تم تحويرها وتدويرها وتم استخدامها لخدمة الإرهاب في مختلف أرجاء العالم وفي هذا الأمر تزوير للأصل وانتقال من الدين إلى الأصولية والارهاب لأن الزكاة تعتبر أحد أهم مصادر التمويل وفق القواعد الاسلامية وهي من أركان الاسلام الخمسة وقد كانت من أهم مصادر تمويل السلطة إلى حد اعتبارها حجر الزاوية في النظام المالي للدولة الاسلامية كما تعتبر وسيلة لتطهير الممتلكات من خلال اقتطاع جزء يسير من تلك الممتلكات ويمكن تشبيه ذلك بعملية تقليم النباتات التي تؤدي إلى تحفيز نموها.. وهذا رأي جان شارل بريزارد الصحفي الفرنسي المختص بالحديث عن الإرهاب وتمويل الشبكات الارهابية وهو يتطابق مع رأي كل عقلاء العالم مهما كان دينهم.
إن النصوص القرآنية قد حددت أوجه انفاق الزكاة بحيث تكون لوجه الله وهي مخصصة للفقراء والمساكين وقد اخترع المفسرون المتأثرون والمؤمنون بالمذهب الوهابي تفسيرا يرون فيه ان الانفاق لوجه الله يعادل الانفاق على الجهاد الذي يمكن ان يتضمن عدة مستويات وهذا ما نرى نتائجه الكارثية في وطننا الحبيب سورية والمتمثلة بقتل الآلاف المؤلفة من المواطنين رجالا ونساء وجنودا وأطفالا وتدمير المنازل والمعامل والممتلكات التي دفع الشعب ثمنها لتخدمه.. كل ذلك نتيجة الفهم الخاطئ والعكسي لصرف أموال الزكاة ولمفهوم الجهاد لأن الجهاد الحقيقي هو جهاد النفس الهادف إلى تطوير الروح ونبذ كل ما يضر الأفراد والمجتمع.
إن الله قد أمرنا بالعيش بسلام ومنعنا من الاعتداء على الغير بل وحثنا على الجهاد ضد العدوان وضد من يغتصب أرضنا وهذا الجهاد الآن يساء فهمه في دول الخليج وتركيا وكل الدول المناصرة للتكفيريين والظلاميين وبالتالي هم يخدمون أمريكا والغرب المتمسك بالظلم والقهر والاغتصاب وهذا ما تمثله بكل وضوح اسرائيل ومن لف لفها وهم للأسف كثير من العرب والمسلمين الذين ينتمون اسما لا فعلا لهذه الأمة بئس الاسم الفسوق بعد الايمان.
ومع مرور الوقت قام الارهابيون وداعموهم بإساءة استخدام هذا الواجب الديني المشروع وقام تنظيم القاعدة باستغلال ضعف القواعد القانونية لوضع اليد على الأموال المجموعة عن طريق الزكاة وعلى أموال هبات تم تقديمها عن طريق المصارف الاسلامية.. وكان بن لادن يحث المسلمين على التبرع لمنظمته عن طريق أموال الزكاة.
واليوم في السنوات القليلة الماضية ولدت حركات ارهابية تكفيرية ظلامية تقطع الرؤوس وتأكل الأكباد وتقتل الأطفال الصغار وهم في صفوفهم المدرسية وتدمر المنازل والمشافي ودور الحكومة بأسلحة قد تكون قد جلبت بأموال جذورها الزكاة والهبات المجموعة لأغراض خيرية وعلى شعبنا ان يرفع الحجب عن عينيه وعقله ولا ينخدع بأقوال كطعم العسل ونتائجها أشد قسوة من الثعابين والعقارب والأمراض الفتاكة.. فالزكاة تطهر صاحبها ونطهر أمواله وعقله وعقيدته وممتلكاته من كل ما يلحق بالوطن والمواطنين من إراقة دماء وأذى ومعاذ الله ان تكون لقتل السوريين كما يفهمها الوهابيون وأسيادهم ومن سار خلفهم.
*حكمت الحراكي
09/12/2014