الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » من العالم

الصفحة السابقة »

فوضى السلاح وغياب الأمن وصراع الميليشيات الإرهابية المتطرفة في ليبيا

2014-12-31 08:51:00

 

اشعلت الفوضى العارمة التي خلفها عدوان حلف شمال الأطلسي “الناتو” في ليبيا عام 2011 منابع النفط الغنية في الشرق الليبي ما ينذر بتوجه البلاد نحو نفق مظلم وخسارتها المزيد من مواردها النفطية التي شكلت في حينه المصدر الخفي للتدخل والعدوان.

وكانت دول الناتو وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا والتي تسابقت على رفع شعارات إنسانية براقة لا تمت بصلة للحقيقة وراء تدخلها وعدوانها على ليبيا عقدت مئات الصفقات مع السلطات التي وصلت إلى الحكم إثر هذا التدخل حصلت بموجبها على ما تريده من المخزونات النفطية ويرضى جشعها الإمبريالي قبل أن تترك هذا البلد العربي الغني بالموارد والثروات الطبيعية لمصيره تتقاذفه الصراعات القبلية والميليشياوية وهو ما استدعى إطلاق تحذيرات ودعوات بضرورة تحييد قطاع النفط مصدر قوت الليبيين عن هذه الصراعات وإلى الأبد وخاصة من المؤسسة الليبية للنفط.

فبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على عدوان “الناتو” وانتشار فوضى السلاح والفلتان الأمني في البلاد برزت مؤشرات وتطورات خطيرة على المشهد السائد فيها مع استهداف الميليشيات الإرهابية المتطرفة لمنابع النفط واشتعال النيران في عدد من خزانات مرفأ “السدرة” أكبر مرافئ النفط الليبية في منطقة الهلال النفطي الهبت معها أسعار النفط.

وتقول المؤسسة الليبية للنفط إن “إنتاج البلاد من النفط الخام وصل إلى مستويات متدنية جدا لا تلبي الاستهلاك المحلي ويتعذر معها الإيفاء بالتزامات المؤسسة التعاقدية اتجاه شركائها في السوق العالمية”.

وأكد رئيس المؤسسة المبروك أبوسيف أنه “لا يمكن قبول تبرير الهجوم الذي استهدف الخزانات النفطية” معتبرا أن عملية التفجير تعد “انتهاكا صارخا لسيادة الدولة وزعزعة لأمنها واستقرارها”.

وكانت النيران اشتعلت في 5 خزانات نفطية في مرفأ السدرة جراء قذيفة صاروخية أطلقتها مليشيات ما يسمى “فجر ليبيا” المتطرفة يوم الخميس الماضي.

ويقول شهود عيان إن ألسنة اللهب والدخان الكثيف غطى منطقتي السدرة وراس لانوف بالكامل ما ينذر بكارثة بيئية في حال عدم السيطرة على النيران التي قد تمتد لبقية صهاريج المرفأ وتأتي عليه.

ووفقا للمتحدث باسم القوات الحكومية المرابطة في منطقة الهلال النفطي علي الحاسي فقد بلغت كمية النفط التي احترقت بسبب الحادثة نحو 63ر1 مليون برميل من خام البرنت المسعر بنحو 60 دولارا أمريكيا في الأسواق العالمية إضافة إلى خسائر بالمليارات جراء فقدان هذه الخزانات النفطية.

وعلى صعيد آخر ارتفعت أسعار النفط أمس في المبادلات الالكترونية في آسيا مع تصاعد أعمال العنف في ليبيا والتي تثير مخاوف من قطع الامدادات.

ويقول دانيال انغ المحلل في مجموعة “فيليب فيوتشرز” في سنغافورة “إن المستثمرين يشعرون بالقلق لأن النزاع المسلح في ليبيا يؤثر على تدفق النفط”.

يذكر أن الميليشيات الإرهابية التي تدور بفلك متطرف واحد بدأت هجماتها قبل أكثر من أسبوعين للسيطرة على منطقة الهلال النفطي في إطار مسعاها لسرقة الموارد النفطية لهذه المنطقة وبيعها في السوق العالمية عن طريق تجار وممولين غير شرعيين قد يصلون إلى الدول الأطلسية ذاتها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وتضم منطقة الهلال النفطي المنكوبة وفق مراقبين محليين مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت وتحوي المخزون النفطي الأكبر لليبيا إضافة إلى مرافئ السدرة وراس لانوف والبريقة وهي الأهم في هذا البلد.

هذا وتحذر الجهات الدولية من التداعيات البيئية والاقتصادية نتيجة أعمال العنف والتدمير في منطقة الهلال النفطي.

واعتبرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا هذه الهجمات تشكل انتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن حول ليبيا مشيرة إلى أن “النفط الليبي ملك لكل الشعب الليبي وهو عصب الحياة الاقتصادية في البلاد”.

وأشارت البعثة إلى أنه إضافة إلى تأثيرها السلبي الخطير على الاقتصاد الليبي فإن هذا التصعيد الأخير في منطقة الهلال النفطي يقوض من الجهود المستمرة لعقد حوار سياسي.

ومع تدهور الأوضاع الأمنية وحتى الاقتصادية في ليبيا تسيطر على الليبيين هواجس مخيفة حول مصير دولتهم وكيانها سواء السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي نظرا للغياب الكامل للأمن في بلادهم والذي تستتبعه حماية المنشآت والبنى التحتية والاقتصادية الليبية.

وفي سياق الحقائق التي بدأ الليبيون بإدراكها حول التدخل الأطلسي أكد رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني أن التدخل الخارجي كان له دور كبير في تأزم الأوضاع في ليبيا مشيرا إلى عدم إمكانية تقاسم السلطة مع المجموعات القاتلة التي لا تريد الخير للبلاد.

وقال الثني في مقابلة تلفزيونية في العاشر من الشهر الجاري “لا يمكن التحاور مع من لا يريد استقرار البلاد” مؤكدا أن “الصراع الآن يكمن في أن مجموعة الإخوان والتيار المتطرف يريدان فرض هيمنتهم على الشعب الليبي من أجل السلطة فقط”.

بدوره رأى الأستاذ الجامعي الدولي محمد الكواش أن المجتمع الدولي وبشكل خاص الدول التي شاركت في الحملة الجوية التي قادها حلف شمال الأطلسي على ليبيا في العام 2011 خذلوا ليبيا وأخفقوا كذلك في الوفاء بالوعود المتكررة لمساعدة الليبيين في إعادة بناء بلادهم.

وقال الكواش “على مجلس الأمن والأمم المتحدة مسؤولية ودور خاص لا بد لهما من القيام به لحماية المدنيين ولوقف الجرائم الخطرة الجارية بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية والقتل الجماعي والفردي غير المشروع وفقا لقرارات مجلس الأمن حيال ليبيا بدلا من الاكتفاء بإصدار البيانات الداعية لوقف العنف من قبل أشخاص لا يأبهون بالقانون والديمقراطية” مشددا على وجوب قيام البلدان المعنية بتكوين رؤية عن ليبيا أوسع مما هي عليه الحال حتى الآن لتقدم مساعدة فعلية لليبيين للنهوض ببلدهم.

لكن الطبيب الليبي صلاح العقوري مضى إلى ما هو أبعد من ذلك وأشار إلى أن “الفوضى أنهكت الليبيين وأن الصراعات المحلية والإيديولوجية والقبلية باتت أدهى من القبضة الأمنية” مشيرا إلى أن عددا من الليبيين باتوا يتمنون عودة الزمن إلى الوراء معتبرا أن هذا الحنين ليس فريدا من نوعه وبات ينتاب عددا لا بأس به من الليبيين.

ومع تصاعد التطرف والإرهاب في ليبيا بدأت الدول التي شاركت في العدوان عليها وتدميرها تعترف بعواقب ارتداد الإرهاب الذي وقع الليبيون بشباكه عليها وانتشاره في الدول المجاورة حيث أقر وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان أمس الأول أن جنوب ليبيا تحول إلى معقل للإرهابيين معتبرا في حديث له لصحيفة لو جورنال دي ديمانش الفرنسية أن وجود تنظيمات إرهابية منظمة على مسافة قريبة من البحر المتوسط يهدد أمن فرنسا وكذلك وجود فرنسيين في صفوف تنظيم داعش الإرهابي مشيرا إلى أنه لا يميز بين الإرهابيين لكنه يخشى اندماج حركات كانت حتى الآن تتقاتل في ما بينها.

ويأتي هذا الاعتراف الصريح للوزير الفرنسي بعد أن صمت الدول الغربية آذانها عن كل التحذيرات التي تلقتها في العام 2011 من عواقب التدخل في الشأن الليبي حيث شنت عدوانا خلف آلاف القتلى وأدى إلى تدمير البنى التحتية وحول ليبيا إلى أرض نبتت فيها كل التنظيمات المتطرفة التي تسعى لفرض سيطرتها المطلقة على مقاليد السلطة في البلاد وأيضا إلى تصدير أعمالها الشنيعة إلى دول الجوار.

 


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك