بحيرة المزيريب الغافية في سهل حوران على مساحة تقدر بـ1كم2 تبدو اليوم شاحبة حزينة بعد أن غار أكثر من نصف منسوبها نتيجة استنزاف مياهها نتيجة الحفر الجائر والعشوائي في حرمها وعلى خط التغذية الأساسي لنبعها ليصبح الجفاف خطراً يهدد مستقبل بحيرة تقاطرت على ضفافها مواسم الخير على مر العصور وحتى زمننا الحاضر.
لمحة عامة
تقع بحيرة المزيريب جنوب سورية، وتبلغ مساحتها نحو 1كم2 تقريبا، ويبلغ طولها500م وعرضها250م وتعد من أهم المصادر المائية في محافظتي درعا والسويداء فهي تؤمن مياه الشرب لعدد كبير من السكان.
وتعتبر بحيرة المزيريب من أكبر المسطحات المائية في المنطقة الجنوبية وتتشكل من جريان مياه البحيرة شلالات تل شهاب الشهيرة بارتفاعها والتاريخية بآثارها، وتسير في البحيرة القوارب ويزور البحيرة أعداد كبيرة من الزوار والسياح.
استنزاف جائر للمياه
واقع هذه البحيرة وما آلت إليه كانت محوراً للحديث الذي دار مع المهندس منير العودة مدير الموارد المائية بدرعا الذي أكد أنه من خلال قياسات غزارة نبع البحيرة في السنوات الأخيرة فقد لوحظ تراجع واضح في غزارته مرجعا أسباب ذلك إلى الجفاف الذي مرت به المنطقة وانخفاض الهطل المطري إضافة إلى الحفر الجائر للآبار المخالفة والعشوائية في سنوات الأزمة ما ساهم في الاستنزاف الجائر للمياه وبالتالي انخفاض غزارة البحيرة إلى الحد الأدنى في السنوات الأخيرة.
إجراءات ستتخذ
وعن الاجراءات المتخذة من قبل مديرية الموارد المائية للحفاظ على هذا المعلم السياحي وأحد المصادر الرئيسية لمياه الشرب في المحافظة قال العودة: إن المديرية تقوم باستمرار بمراقبة غزارة النبع وتحليل مياهه كماً ونوعاً وستعمل على إعادة تأمين الحماية اللازمة لحرم النبع من خلال إنشاء سياج معدني كامل على حدود الحرم والذي تمت سرقة الأجزاء المعدنية منه من قبل العصابات الإرهابية المسلحة، وقد تم إعداد الدراسات اللازمة لإعادة تأهيل السياج وستتم المباشرة به مع بداية العام القادم كما تم الطلب من المديرية العامة للموارد المائية بضرورة رصد الاعتمادات لهذا الغرض.
وأضاف أن المديرية تعمل اليوم على إعادة تأهيل مشاريع الري وتأمين المياه لري الأراضي المروية عبر شبكات المزيريب الأمر الذي سيزيل مبررات حفر الآبار المخالفة، مؤكداً أنه ومع بداية موسم الشتاء وانخفاض الطلب على المياه ستزداد غزارة النبع.
ناقوس الخطر يقرع
مؤسسة مياه درعا حذرت في وقت سابق ودقت ناقوس الخطر من احتمال جفاف البحيرة إذا ما استمر الضخ الجائر للمياه الجوفية القريبة من المصادر المائية المغذية للبحيرة حيث يوجد في حرم البحيرة المائي ما يزيد على 300 بئر زراعية مخالفة ستؤدي إلى جفاف البحيرة إذا لم يتم ردمها وإغلاقها إضافة إلى نقص كميات مياه الشرب المضخوخة لإرواء التجمعات السكانية المستفيدة من مياه البحيرة والتي كانت تروي محافظة السويداء بكمية من مياه الشرب مقدارها 750م3/سا ومدينة درعا بكمية مقدارها 1200م3/سا وقرية المزيريب بكمية مقدارها100م3/سا وحالياً فإن البحيرة لا تنتج سوى 250 م3/ سا من مياه الشرب ما سبب عطشا شديدا للتجمعات التي تتغذى بمياه الشرب من البحيرة.
مقصد للسياحة الشعبية
وعن الأهمية السياحية للبحيرة أكد ياسر السعدي مدير سياحة درعا بأن البحيرة تعتبر من أهم مواقع الجذب السياحي الواقعة في المنطقة الغربية من المحافظة وهي مقصد للسياحة الشعبية لما تتمتع به من مقومات سياحية طبيعية مبيناً أن المديرية تعمل على تحسين الواقع والمحيط السياحي ما حول البحيرة لتأمين الخدمات الضرورية للزوار والبنى التحتية مع الجهات المعنية كما أنها تعمل على مخاطبة كافة الجهات لقمع التعدي على منابع البحيرة والتي سببت في استنزاف كميات كبيرة من المياه واستخدامها في مجال الري الزراعي، مشدداً على أن البحيرة متنفس طبيعي للسكان ولها مردود سياحي يفوق بكثير المردود الزراعي الذي يستنزف المياه والطبيعة الخلابة.
نداءات واستغاثة
في إطار الدعوات المتصاعدة لإنقاذ هذه البحيرة، بلدية المزيريب أكدت أنه تم حفر 144 بئرا بشكل مخالف خلال فترة انتشار المجموعات الإرهابية في السنوات الماضية في محيط ومجرى الينابيع المغذية لبحيرة المزيريب والممارسات الجائرة واستخدام مياهها في ري المحاصيل الزراعية بشكل مباشر تسببت في انخفاض منسوب البحيرة وغزارة هذه الينابيع وانحسارها إلى أقل من الربع وأصبحت مهددة بالجفاف.
ودعت إلى ضرورة الإسراع بإغلاق الآبار المخالفة ومصادرة الحفارات وفرض غرامات مالية على أصحابها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية بحيرة المزيريب من الجفاف والتي تعد مصدرا مائيا مهما للشرب.
مشاركة عمالية
نقابة عمال الغذائية والسياحة شاركت في الحملة التطوعية التي دعت إليها مديرية السياحة لتنظيف حرم بحيرة المزيريب.
وتضمنت الحملة التي شارك فيها عشرات العمال أعمال تنظيف محيط البحيرة من الأوساخ والقمامة وتوزيع منشورات تعريف بالبحيرة والسياحة البيئية، مؤكدين على ضرورة مواجهة خطر جفافها وإزالة كل التعديات عليها وعلى ينابيعها نظرا لتراجع منسوب المياه فيها والحفاظ على نظافتها وإعادتها إلى سابق عهدها.
وبين عامر الكفري رئيس نقابة عمال السياحة أن البحيرة تحتاج إلى الاهتمام والحفاظ عليها كمصدر مائي وكمقصد سياحي وهو ما يتطلب إعادة البحيرة إلى ما كانت عليه بالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة وخاصة مع المجتمع المحلي المعني بالحفاظ على البحيرة.
كلمة أخيرة
إن المنعطف الخطير الذي تمر به اليوم بحيرة المزيريب والمتمثل بخطر النضوب لم تعد تجدي معه لغة التحذير مالم تقترن بإجراءات جدية وصارمة تضع حداً لجميع أسباب استنزاف هذه البحيرة وما لحق بها من ضرر نتيجة الحفر العشوائي والجائر للآبار خلال السنوات الماضية.
ياسين اللبان
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي