هل وزارة التنمية الإدارية قادرة على تنظيم وتطوير أداء الإدارة والوظيفة العامة وتحسين خدماتها للمواطنين ومكافحة الفساد الإداري من خلال تحديث القوانين والتشريعات الناظمة والتطوير المؤسساتي وتأهيل الكوادر البشرية واستخدام تقانات المعلومات أم يبقى التطوير الإداري في مؤسساتنا الاقتصادية والخدمية مجرد تكرار واجترار لخطط وبرامج سابقة دون تنفيذ جدي ومتابعة ميدانية لعمل الإدارات في مفاصل الدولة؟
وهل لدينا كوادر فنية وإدارية قادرة على التطوير والتحديث الإداري والتخلص من الكوادر البيروقراطية العتيقة المهترئة التي تعرقل التنمية الاقتصادية وتتحكم برقاب المواطنين؟
وهل يطبق المرسوم التشريعي رقم 281 للعام 2014 حول وزارة التنمية الإدارية ونحن لا نملك الكوادر العملية والعلمية والبنية التحتية في مؤسساتنا إن كانت إنتاجية أو خدمية أو بشرية؟
لابد أن أكون متشائماً وأنا بطبيعتي دائماً أحب أن أغلب التفاؤل على التشاؤم خاصة وأن المرسوم الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد حدد مهام وزارة التنمية الإدارية في وضع استراتيجية متكاملة للتنمية والتطوير الإداري تبدأ بتحديد دور الإدارة العامة وإعادة توزيع مسؤوليات التنمية بشكل يتناسب مع التوجهات الاقتصادية ويخدم أهداف التنمية والخروج من الأزمة الراهنة.
وحدد المرسوم ضرورة مراجعة الأنظمة الداخلية للجهات الحكومية بما في ذلك الهيكليات والاجراءات الإدارية الموجودة في الإدارة العامة ووضع الأطر العامة لتعديلها ووضع أطر ونماذج إدارة الموارد البشرية وتحديث القوانين والإجراءات المتعلقة بها وعلى كافة الأصعدة بدءاً من التعيين وقوانين العمل في الإدارة ومعايير تقييم الأداء ونظم الحوافز والأمان للعاملين في الإدارة العامة.
وفي المادة /3/ من المرسوم: يتم وضع معايير انتقاء العاملين والمؤهلات المطلوبة لديهم في وحدات التنمية الإدارية من قبل وزير التنمية الإدارية وأكد المرسوم 281 للعام 2014 على أن تقوم وزارة التنمية الإدارية بتدريب وتأهيل العاملين في وحدات التنمية الإدارية وتقوم باعتماد خططها ومراقبة تنفيذها وتقييمها وترفع نتائج التقييم إلى رئاسة مجلس الوزراء.
إن الأجهزة الإدارية في مفاصل الدولة بوضعها الحالي الذي مضى عليه عقود من الترهل والبيروقراطية والفساد الإداري لا يمكنها أن تقوم بالإصلاح الإداري المنشود من تلقاء ذاتها بسبب عدم توفر الشروط الموضوعية لأن المريض لا يستطيع أن يعالج نفسه مثل الطبيب تماماً ولأن مهام الإصلاح الإداري أوسع بكثير من اختصاص أي جهاز إداري قائم ولأن الإصلاح أو التنمية الإدارية شاملة لكل المستويات والفعاليات في الإدارة المركزية والقطاعات الإنتاجية ووحدات الإدارة المحلية بمعنى أن فعاليات التنمية الإدارية يجب أن يكون لها امتدادات وارتباطات إدارية أو فنية في كل هذه الأمكنة فلابد من جهاز قوي ومركزي متخصص قادر على تنفيذ الخطط والبرامج وتطويرها وتحديثها في فترة زمنية محددة.
من هنا فإن على الجهات المعنية وخاصة وزارة التنمية الإدارية تنفيذ ما جاء في المرسوم 281 للعام 2014 والذي قرن بناء الدولة العصرية برفع مستوى الإدارة إذاً تحديث الدولة يقتضي تنمية الشعور بالمسؤولية ورفع الكفاءة الإدارية والمهنية ورفعها إلى مصاف القضايا الوطنية ولاسيما في ظل الظروف الراهنة.
إن تطوير العمل في أجهزة الدولة ومؤسساتها بات ضرورة ملحة ومسؤولية وطنية ومن الواجب على الجهات المعنية بالتنمية الإدارية التفتيش عن الأخطاء والجوانب السلبية في واقعنا الإداري وغيره والعمل على تلافيها.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لتطوير أجهزة الدولة ومؤسساتها فمازالت هناك ثغرات تجب معالجتها لتحديث الدولة وتمكينها من خدمة المواطنين وتوفير مستلزماتهم والسير بخطى واثقة على طريق التنمية الشاملة واستكمال بناء الدولة العصرية رغم الحصار والعقوبات الاقتصادية الغربية على سورية الصامدة في وجه التحديات والحرب الكونية.
ولابد من القول إنه يتوجب على الحكومة بالتعاون مع الاتحاد العام لنقابات العمال دراسة واقع القطاع العام وتطوير أنظمته بحيث يكون أقدر على الحركة بما يخدم زيادة الإنتاج وتحسين نوعيته وجودته من منطق تحرير شركاته من القيود الإدارية والمالية ووضع أنظمة إدارية مالية تتيح للشركة حرية العمل والتحرك باعتبارها شخصاً اعتبارياً مستقلاً يعمل في إطار الخطة العامة للدولة والعمل على رفع الكفاءة الإدارية والكفاءة المهنية للعاملين فيها.
ويشكل القطاع العام الاقتصادي القاعدة الرئيسية للاقتصاد الوطني وعامل التوازن الاقتصادي والاجتماعي مما يتطلب الاهتمام به حتى يكون قادراً على تحقيق الأهداف الاقتصادية والوطنية.
ونعتقد أن جميع العوامل التي ذكرناها عن التطوير والتحديث الإداري وهي مسائل ساخنة في هذه المرحلة تشكل لدى الجميع القناعة المنطقية بأن التنمية الإدارية لا تحتمل التأجيل فهي ضرورة ملحة وواجب وطني.
نذكر أن وزارة التنمية الإدارية في بداية عملها أقامت ورشات عمل في وزارتي الكهرباء والنقل وهي بداية المشوار حيث تم التأكيد أن اختيار وزارة الكهرباء كبداية لأنها من أهم القطاعات الاستراتيجية في الدولة ليصار إلى التعاون مع كل الوزارات في الدولة لاحقاً لكن منذ صدور المرسوم 281 لعام 2014 وحتى الآن ماذا فعلت؟
إن الفساد الإداري ليس فيروساً ولا يوجد له لقاح ولا علاج سوى محاربة أسبابه لأن الفساد الإداري يولد اشتقاقات أخرى تؤكد ضرورة القضاء على الفساد.
وخلال دراسة واستقصاء أجري لمعرفة من المستفيد من مشروع الإصلاح الإداري حسب الأولوية جاء في الترتيب الأول المؤسسات الحكومية وتطوير القطاع العام بنسبة 47% وبالدرجة الثانية المواطن بنسبة 21% وبالدرجة الثالثة الفعاليات الاقتصادية من مستثمرين ورجال أعمال وصناعيين بنسبة 19% وبالدرجة الرابعة الفعاليات الاجتماعية والأهلية بنسبة 13%.
وحسب قراءة تحليلية حسب الاستقصاء نجد أن جميع الفعاليات المجتمعية الحكومية والخاصة والأهلية والمواطنين هم المستفيدون الحقيقيون من مشروع الإصلاح الإداري الوطني.
إن ما يميز المشروع الوطني للإصلاح الإداري ارتباطه بجملة من الآليات المحددة وفي مقدمتها قياس الأداء الإداري للجهات العامة في الدولة بهدف تطوير عملها ودعم الشفافية المؤسسية من خلال الاستجابة لتطلعات المواطن وتلبية استحقاقات المصلحة العامة ومكافحة الفساد الإداري.
أمين حبش
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي