يطل النجار أبو بكري محمد جانات من باب الحديد أقدم منطقة أثرية بحلب ويتجه صباحا الى محله الذي تهدم جراء الحرب الارهابية التي رزحت تحتها المدينة القديمة واتت على معالمها ليقف أمامه بحسرة لأنه أمضى عمره في هذا المكان لأكثر من 40 عاماً والذي تعلم فيه حرفة النجارة العربية مهنة الآباء والأجداد.
وبنظرة تحد وقوة يقول أبو بكري “سنعيد إعمارها ولو بدموع أعيننا” مضيفا “هنا كنت أعمل مع إخوتي بصناعة الادوات الزراعية الخشبية وتم تهجيرنا منه من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة وبعد أكثر من خمس سنوات عدنا للحي لأجد محلي قد تهدم اغلبه وتحول لركام”.
يطلب منا أبو بكري مرافقته خطوات قليلة للوصول الى محله المؤقت الذي استعاره من احد اصدقائه لممارسة مهنته فننتقل معه بين ركام الانقاض لنتجاوز جامع المدرسة الاتابكية الأثري المملوكي الذي يعود تاريخ بنائه لـ 1222 م ويشير بيده إلى أكوام الحجارة والأنقاض مطالباً الجهات المعنية في مجلس المدينة وقطاع المدينة القديمة بالإسراع بإزالتها وترحيلها كي يتمكن من ادخال الآليات والبدء بأعمال الترميم.
يجلس أبو بكري على الأرض بمحله ويتناول فاسه ومعداته ويبدأ بتشذيب قطعة شجر ليحولها بكل حرفية لعصا معول زراعي ويقول “أصنع مستلزمات الأدوات الزراعية الخشبية من فؤوس ومعاول ومن قبل كنت اصنع المحراث الزراعي الخشبي القديم اضافة لغربال القمح والعد ويضيف أن مصنوعاته تلقى اقبالا كبيرا ويتم تسويقها إلى مناطق العرقوب والشيخ نجار الصناعية والميدان وكذلك كان يقصده الكثير من محافظات ومدن الرقة ودير الزور والحسكة والقامشلي لتسوق وشراء ما يحتاجونه من ادوات للزراعة”.
ويبدي أبو بكري استعداده لتعليم مهنته لمن أراد كون اولاده الثلاثة يتابعون تحصيلهم العلمي الجامعي وهو يساعد أهالي الحي في صيانة وإصلاح أثاثهم الخشبي المنزلي من مقاعد وكراسي خشبية.
ويختم أبو بكري حديثه بالطلب من الجهات المعنية لتبسيط الاجراءات وتقديم التسهيلات بهدف إعادة الترميم والاعمار خاصة مديريات الآثار والمدينة القديمة والكهرباء وتنظيم الضبوط اللازمة والمتعلقة بالأضرار بهدف مساعدته وجيرانه للعودة إلى محالهم وتأهيلها.
يبقى أبو بكري مثالا للعشرات من أصحاب المحال التي تضررت جراء الإرهاب في أسواق حلب القديمة منتظرا العون من الجهات المعنية لإزالة الانقاض والإسراع بترميم محلاتهم للعودة إليها من جديد.
قصي رزوق
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي