الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » محليات

الصفحة السابقة »

إلى متى ستبقى بوابة الإصلاح الإداري مغلقة

2017-10-29 10:35:06

رغم مرور أكثر من ثماني سنوات على البدء بإعادة إحياء نظام المراتب الوظيفية في القطاع العام إلا أن الجدل لا يزال مستمراً حول إمكانية إقرار هذا النظام في ضوء المستجدات الحاصلة والتداعيات التي خلفتها الحرب العدوانية على البلاد..

ولعل المتابع لهذا الملف يمكن أن يلمس تلكؤاً من قبل الجهات المعنية وحالة من عدم الجدية في السعي لإقرار هذا القانون الذي يهدف إلى تطوير واقع العمل الإداري وتصويب آليات العمل من خلال تحقيق المساواة العادلة وإرساء مبدأ تكافؤ الفرص بين العاملين في الدولة، والربط بين الأداء والكفاءة من جهة وبين الأجور وتولي المواقع الوظيفية من جهة أخرى، الأمر الذي يسهم في الارتقاء بمستوى الأداء العام للعاملين عبر التحفيز والترغيب.

بحيث تنتفي المحسوبيات والاعتبارات الشخصية التي يجري العمل بها حالياً في مجال التعيينات والتكليفات المتعلقة بالمناصب الإدارية العليا، بسبب أن النظام يعتمد معايير محددة وشروط يجب أن تتوفر بمن سيتم تكليفه بالوظيفة الإدارية العليا أهمها الكفاءة والنزاهة والشهادة العلمية والقدم الوظيفي والمهارات والسيرة الذاتية التي تتضمن مسيرة عمل الموظف خلال سنوات خدمته في الدائرة التي يعمل بها.

وبحسب مسودة مروع النظام الموضوعة والتي آل مصيرها إلى الحفظ في الأدراج، فإن العامل يحصل على ترفيع طبيعي الذي يحصل عليه جميع العاملين الدائمين (9%) وترقية بنسبة (15%) من دخله الشهري لدى ترفعه إلى درجة أعلى بعد أن تكون قد توفرت كافة الشروط المطلوبة. كما أنه وبموجب نص المشروع يتم تصنيف العاملين الدائمين في الدولة إلى ثلاث فئات بحسب التحصيل العلمي لكل عامل، وفي كل فئة هناك عدد من المراتب المحددة ولكل مرتبة شروطها، إضافة إلى الدرجات وهكذا..

ويتضمن المشروع آلية لتقييم العاملين في كل مؤسسة ووزارة اعتماداً على ضوابط وأسس ويتم بناء على نتائج التقييم ترقية العامل وتحديد المرتبة التي يستحقها..

وعبر مسيرة إعداد هذا المشروع ومناقشته في مجلس الوزراء واللجان المختصة شهد العديد من النكسات والمحاولات التي ساهمت في تأخير صدوره وإقراره، ومنها تعدد الآراء فيما يتعلق بإصداره كجزء من قانون العاملين الموحد، أم إصداره لوحدة كقانون أو نظام مستقل عن قانون العاملين الذي يجري العمل على تعديله أيضاً منذ عدة سنوات.. ورافق ذلك الطلب بوضع ملاحظات جديدة وإعادة صياغة بعض النصوص المقترحة وهكذا إلى أن بقي الموضوع رهن المراوحة في المكان إلى وقتنا هذا دون أن يتم إصداره، بالرغم من الآمال المعلقة عليه في الدفع باتجاه تحسين الأداء للعمل، والارتقاء بالإدارة العام في المؤسسات والوزارات، والتخلص من الترهل والبيروقراطية، والمحسوبيات التي ساهمت في وضع الشخص غير المناسب في مواقع القرار في مختلف المجالات، واستبعاد أصحاب الكفاءات والخبرات والمهارات الحقيقية، والتي كان من الممكن أن تساهم في دفع عجلة التنمية قدماً فيما لو أتيح لها أن تدير العمل في المؤسسات أو الشركات العامة..

فمن جهتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ترى أهمية وضرورة في إقرار نظام المراتب الوظيفية وتعدي قانون العمل إلا أن العثرة التي تراها تقف في وجه المضي في هذا الاتجاه، هو التكلفة المالية التي ستترتب على هذه الخطوة، بالنظر إلى ما تحمله للموظف من علاوات وتعويضات ترقية وغيرها، وهذا غير ممكن حالياً لكون هذا يحتاج إلى إمكانيات مادية كبيرة وكوادر مؤهلة لتطبيق نصوص هذا القانون، وهذا أيضاً غير متوفر ضمن المعطيات الحالية، ولا حتى على دفعات، الأمر الذي يحتاج إلى مزيد من الدراسة والاطلاع على تجارب مختلفة في هذا المجال وانتقاء الأنسب لواقع الإدارة العامة في البلاد..

ومع ذلك لا تزال التأكيدات جارية على أن العمل مستمر في توفير ظروف إصدار هذا القانون من خلال تعديل بعض المواد والنصوص لتلبي حاجة وهدف التنمية الإدارية المنشودة والارتقاء بواقع الخدمة العامة والأداء الوظيفي للعاملين، لتطوير عمل المؤسسات.

الاتحاد العام لنقابات العمال كان ومنذ البداية مع إقرار مشروع قانون المراتب الوظيفية لما له من أهمية في إنجاز جزء كبير من عملية الإصلاح الإداري وقطع أشواط في تطوير العمل العام والارتقاء بالوظيفة العامة وتحسين الأداء عبر عملية التحفيز والتقييم المستمرة للموظفين وفق أسس ومعايير محددة، بعيداً عن المحسوبيات والأهواء الشخصية التي تضع مصلحة العمل جانباً وتسعى لتلبية مصالحها وتحقق مكاسبها..

وقد سعى الاتحاد لتقديم كل ملاحظة أو رأي أو جهد بحيث يصدر القانون بأفضل صيغة وبالوقت المناسب، لجسر الهوة الحاصلة والانتهاء من مواضع الخلل والترهل الإداري، والقضاء على حالات الفساد المستشرية في بعض مواقع العمل والتي أدت إلى تأخير في إنجاز وتحقيق الأهداف، وعدم الحصول على النتائج المطلوبة، هذا إن لم نقل أنها ساهمت في التخطيط غير السليم الذي أنتج معطيات غير صحيحة لا تتناسب مع الاحتياجات المطلوبة والضروريات والأولويات المستحقة لعملية التنمية والنهوض بالاقتصاد الوطني والارتقاء بواقع الخدمات العامة المقدمة في المؤسسات والوزارات المعنية.

ويؤيد هذا الرأي ما يطرحه عدد من المختصين بالدعوة إلى إيجاد الحلول المناسبة لمعالجة التشريعات واللوائح التنظيمية للوظيفة العامة، بما يضمن انتقال تدريجي إلى الواقع الجديد الذي سيتم في حال إقرار قانون المراتب الوظيفية، بما يضمن حقوق العاملين وتحفيزهم على تطوير أدائهم والسعي نحو الأفضل خاصة وأن هناك تعويضات وحوافز سيحصل عليها العامل المتميز والمجد والذي يؤدي عمله بمستوى عال، مع التأكيد على ضمان وضع معايير واضحة وغير قابلة للتسويف والتلاعب أو وجه نظر الإدارة العليا، فيما يتعلق بترشيح العامل لشغل وظيفة ما، وربط هذا بعمليات التأهيل والتدريب والمستوى المهني والمهارات والمستوى العلمي وما حققه العامل خلال مسيرة عمله، وذلك بالنظر إلى ما أصاب الوظيفة العامة وما تعانيه اليوم من صعوبات وترهل وتجاوزات تتعلق بالأجور والتعويضات وعدم اعتماد الكفاءة والمهنية والقدم الوظيفي في إسناد الوظائف الإدارية العليا، واعتماد مبدأ الجدارة والكفاءة والقدرات والمهارات المكتسبة كمعيار أول في اختيار المدير.

ولعل أكثر الأسئلة إلحاحاً في هذا المجال هو لماذا يحصل كل هذا التأخير فيما يتعلق بإقرار قانون يهم شريحة واسعة من المواطنين وله منعكسات إيجابية على الدولة ومؤسساتها وعلى الأداء العام، ويرفع من مستوى الخدمات العامة وغيرها، في حين أن بعض القوانين يتم إعداد مشاريعها وتصدر في أزمان قياسية ولا تكون لها نفس الأهمية، وبعضها يهم شريحة محددة ولا تعكس حالة عامة، وهنا يمكن الحديث عن عدة نماذج منها القانون الأساسي للعاملين في الدولة ونظام المراتب الوظيفية، وكذلك ما شهدت قانون العمل رقم 17 وغير ذلك.

حيث يعتبر الاتحاد العام لنقابات العمال أن البوابة الأساسية للدخول إلى مشروع الإصلاح الإداري والمضي فيه بالشكل الصحيح هو العمل على إنجاز قانون جديد وعصري للعاملين في الدولة تتم فيه مراعاة الملاحظات والاقتراحات المقدمة من مختلف الجهات المعنية، يعطي الإمكانية للتخلص من الكثير من مظاهر الفساد والترهل وكذلك فيما يتعلق بنظام المراتب الوظيفة.

المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
محمود ديبو


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك