الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » محليات

الصفحة السابقة »

الذكرى الرابعة والأربعون لحرب تشرين المجيدة

2017-10-09 12:41:14

كلما مرت السنوات تتجدد ذكرى حرب تشرين التحررية المجيدة وهي أكثر ألقاً وتأثيراً في تاريخ سورية والأمة العربية باعتبارها الحدث الأهم في تاريخنا المعاصر لما تركته من نتائج إيجابية رغم التآمر الذي حصل قبيل انتهائها وبعدها، من قبل الرئيس المصري المقتول أنور السادات عندما تجاوب مع وساطة ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر وزير الخارجية آنذاك لإجهاضها والالتفاف على نتائجها.
لقد كانت حرب تشرين بحق هي /الحرب العربية الأولى/ كما وصفها العديد من الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين لأن العرب كانوا فيها لأول مرة المبادرين إلى شن أول حرب حقيقية ضد إسرائيل المعتدية دائماً، بعد أن ظلوا لفترة طويلة يتلقون الضربة الأولى من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، هذا إلى جانب أنها شكلت البداية الأولى لتراجع قدرة الردع التي تغنت بها وراهنت إسرائيل عليها منذ قيام كيانها ففي فلسطين المحتلة ولأنها حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر ليصبح الجيش /الذي يقهر/ وأعادت للعرب أجمعين عزتهم وكرامتهم وكنست غبار نكسة الخامس من حزيران التي كانت بمثابة الكابوس الذي يلقي بظله الثقيل على نفس كل عربي شريف.
للحقيقة والتاريخ لابد من التذكير بحقيقة ناصعة وهي أن القائد المؤسس حافظ الأسد طيب الله ثراه كان صاحب قرار حرب تشرين تخطيطاً وأداء وتنفيذاً وستبقى هذه الحرب مرتبطة باسمه لأنه منذ أن تسلم السلطة في سورية بإجماع منقطع النظير طرح شعاره المعروف "لا شيء يعلو على المعركة مع العدو" وترجم هذا الشعار إلى وقائع عبر بدء التهيئة لهذه الحرب سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وعلى مختلف المستويات الداخلية والعربية والدولية ليصبح جيشنا العقائدي البطل مؤهلاً لخوض حرب تشرين المجيدة ومن بعدها حرب الاستنزاف في الجولان وجبل الشيخ على مدة أكثر من ثلاثة أشهر متواصلة لم يترك خلالها لقوات العدو ساعة من الهدوء والراحة تدعمه جبهة داخلية متراصة أسهمت في تحقيق هذا النصر العظيم.
لاشك بأن نتائج حرب تشرين المجيدة كثيرة جداً ومتنوعة يصعب حصرها في مثل هذه العجالة من البحث فهي تحتاج إلى مجلدات كما أنها في الوقت نفسها تتحدث عن نفسها.
يكفي أنها حررت النفس العربية مما لحق بها من يأس بعد الخامس من حزيران وأثبتت أن المقاتل العربي أقدر على انتزاع النصر وصنعه إذا توفرت له القيادة الفذة والشجاعة، وأن العرب فيما لو اتحدوا أو تضامنوا على الأقل هم قوة كبيرة يحسب لها حساب على مستوى العالم، إلى جانب أنها أسقطت الكثير من المعادلات والأوهام التي فرضتها إسرائيل، ومن هذه المعادلات معادلة الحدود الآمنة لإسرائيل ونقل المعركة إلى أرض العدو واختراق أكبر التحصينات والخطوط الإسرائيلية الدفاعية مثل "خط آلون" على الجبهة السورية و"خط بارليف" على الجبهة المصرية، علاوة على ذلك فإن دروس وخبرات حرب تشرين تناولتها بالبحث والدراسة والتمحيص أكبر الأكاديميات العسكرية في العالم وعدلت على ضوئها العديد من أساليب القتال. وفي ظل حرب تشرين وعلى أرضيتها نمت ونشأت معان وقيم عظيمة في مقدمتها مفاهيم الشهادة والتضحية والمقاومة والفداء وتجذرت في النفس العربية وأثمرت ظهور المقاومة العربية في لبنان وفلسطين والعراق وغيرها من الدول العربية وعن تبلور محور الممانعة في وجه المشاريع الأمريكية – الإسرائيلية.
هذا وتأتي الذكرى الرابعة والأربعون لحرب تشرين التحريرية المجيدة لهذا العام في ظل استمرار الحرب الإرهابية الظالمة والكونية التي شنت على سورية منذ ما يقارب سبع سنوات من قبل أمريكا وإسرائيل وحلفائهما وعملائهما عبر مجموعات إرهابية مسلحة دربت وسلحت ومولت ودفعت إلى سورية لتعيث فيها قتلاً وتدميراً للبنى التحتية وفساداً تحت اسم "الثورة" والمطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية بينما الهدف الحقيقي لهذه الحرب وأدواتها العميلة اتضح للجميع هو إسقاط الدولة السورية وقيادتها التي شكلت ولاتزال العقبة في وجه التصالح مع إسرائيل والهيمنة الأمريكية على العرب وتحويل سورية إلى دولة فاشلة في المنطقة تتسول المساعدات الامريكية والغربية وتدور في فلك سياسة واشنطن وإسرائيل والعواصم الغربية الحليفة لهما.
إلا أن سورية شعباً وقيادة وجيشاً وبفضل دعم الأشقاء في المقاومة الوطنية اللبنانية والأصدقاء الروس والإيرانيين صمدت صموداً أسطورياً قل نظيره في العالم طيلة سبع سنوات أمام أشرس هجمة في التاريخ المعاصر رغم ما تحملته من أعباء وضغوط وحصار اقتصادي، وأخذت ملامح انتصارها على الإرهاب العالمي ترتسم في الأفق بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه على الإرهابيين ورعاتهم وداعميهم، فهذا الجيش السوري البطل الذي صنع انتصارات حرب تشرين أثبت أنه قادر على صنع تشرين آخر بفضل تضحيات مقاتليه الأبطال ودعم الشعب السوري له حتى أن هذا الجيش أصبح مضرب المثل في صموده واستبساله ونال إعجاب وتقدير العالم خاصة أن هذه الحرب على سورية صرفت عليها مئات المليارات من الدولارات ورصدت لها كل ما تملكه أمريكا والعواصم الغربية والإقليمية الموالية لها من أسلحة وخبرات، وأقمار صناعية وطائرات تجسس وغرف عمليات تضم أمهر الخبراء والمخططين العسكريين.
إن ذكرى حرب تشرين ستبقى شعلة متقدة ومتجددة في النفوس ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نوجه تحية الإجلال والإكبار لروح صاحب قرارها القائد المؤسس حافظ الأسد ولكافة شهدائها الأبرار والشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض سورية دفاعاً عن وحدتها وترابها المقدس في تصديهم لهذه الحرب الإرهابية الكونية وكلنا ثقة وأمل بأن سورية ستنتصر على الإرهاب بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد المقاوم الأول في العالم، والرئيس الصابر والمكافح والحكيم والوفي لشعبه وبلده وأمنه، وبفضل تضحيات مقاتلي الجيش السوري وصمود الشعب السوري ودعم الأشقاء والأصدقاء ولاسيما منهم المقاومة الوطنية اللبنانية وروسيا الاتحادية وإيران وكل الدول الأخرى الصديقة.
المصدر:جريدة كفاح العمال الاشتراكي

د.صياح عزام


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك