التقى رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال الرفيق جمال القادري، الوفود المشاركة في المؤتمر الدولي التضامني مع سورية من مجلس السلم العالمي واتحاد الشباب الديمقراطي العالمي برئاسة ماريا دو سوكورو غوميز رئيس مجلس السلم العالمي وإياكوفوس توفاري رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، بحضور الدكتور أرشيد صياصنة رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال ورؤساء الاتحادات المهنية ورئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد عمال دمشق.
ورحب القادري في بداية اللقاء بأعضاء الوفود، ضيوف سورية وبالرفاق في الاتحاد الوطني لطلبة سورية شاكرا لقيادة الاتحاد إتاحة هذه الفرصة للقاء مع الرفاق في مجلس السلم العالمي واتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، مؤكداً أن دمشق المحبة والسلام التي يمتد عمقها الحضاري لأكثر من سبعة آلاف عام وهي أقدم عاصمة مأهولة في العالم عجز الإرهاب أن يغير وجهها المحب ووجهها الذي ينضح حضارة.
وخاطب القادري الحضور بالقول: أرحب بكم وأنتم تعقدون مؤتمركم التضامني مع الشعب العربي السوري وتشاركونه أفراحه بالانتصار على هذه الحرب الغاشمة التي فرضت على سورية منذ أكثر من سبع سنوات، مضيفاً: لقد تعرضت سورية خلال السنوات الماضية إلى حرب كونية تعددت أشكالها وأوجهها، حيث واجهنا حرباً سياسية تمثلت بمقاطعة دول العدوان وسحب سفاراتهم.. وحرباً إعلامية تمثلت بتجنيد أكثر من مئة محطة فضائية إعلامية صفراء كانت تبث الأكاذيب وتعمل على فبركة الأخبار عن الوضع في سورية لسنوات طويلة.. وتعرضنا أيضاً إلى حرب اقتصادية شرسة.. وكان الأكثر خطراً وإجراماً هي الحرب الإرهابية التي تمثلت في استقدام الإرهابيين من أربع جهات الأرض ليعملوا قتلاً وخراباً وتدميراً بحق أبناء الشعب العربي السوري وما بناه من نهضة حضارية على امتداد عقود من التنمية في بلادنا.
وأوضح القادري أن الحرب الاقتصادية على سورية بدأت من قبل الدول الامبريالية التي تدخلت بالعدوان على سورية عندما فرضت حصاراً اقتصادياً خانقاً على الاقتصاد السوري وعقوبات اقتصادية جائرة كان هدفها منع سورية من السير قدماً في تحقيق تنمية اقتصادية اجترحتها بإمكانياتها ومواردها الذاتية بعيداً عن مد اليد والاقتراض من بيوتات المال العالمية التي ظاهرها اقتصادي وباطنها استعماري تدخلي، وتزامنت هذه العقوبات والحصار الاقتصادي مع الأفعال الإجرامية للإرهابيين داخل سورية والتي استهدفت "تحت لبوس الحرية والديمقراطية" موارد الاقتصاد السوري وتدمير وسرقة هذه الموارد وبيعها في الدول المجاورة المتدخلة في العدوان وفي مقدمتها تركيا، إضافة إلى تدمير المعامل والشركات والمؤسسات وكل المواقع الإنتاجية واستهداف المدن العمالية، والعمال في أماكن عملهم الخدمية والإنتاجية وفي باصات مبيتهم، فكانت جرائم العصابات الإرهابية المسلحة تتناغم تماماً مع ما قام به مشغلوهم، وكان الهدف الأساسي إفشال الاقتصاد السوري وإيصاله إلى حافة العجز عن القيام بوظيفته في تقديم السلع والخدمات إلى المواطنين السوريين الصامدين في وطنهم.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال إنه كان واضحا منذ البداية أن هذه الحرب تستهدف سورية في وجودها واقتصادها، وتستهدف بإجرامها وتوحشها الشعب العربي السوري بكل فئاته وشرائحه، ونحن عمال سورية كما كل الشرفاء في هذا الوطن، لم نكن ملتبسين بأهداف هذه الهجمة العدوانية على سورية التي كانت تُلبس لبوس "الحرية والديمقراطية"، في الوقت الذي كانت أهدافها الحقيقية تدمير سورية وإزاحتها من الوجود لموقفها المقاوم الصامد، ولأنها صخرة كأداء في وجه المشاريع الإمبريالية التي ترسم للمنطقة.
وأضاف: عندما كان الغوغائيون الضالعين في المشروع الامبريالي يتظاهرون بالعشرات كان عمال سورية وفلاحوها وطلبتها وكل أبنائها الشرفاء، يملؤون الساحات بالملايين، لكن الإعلام المتصهين كان يركز على هؤلاء العشرات ويغفل الملايين من أبناء الشعب العربي السوري الذين كانوا يملؤون ميادين سورية وساحاتها في كل المحافظات للتأكيد على وقوفهم خلف الوطن وقائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد، لافتا إلى أن "الحرية" المزعومة التي كان يطالب بها هؤلاء الغوغائيين هي كذب وافتراء، لأن سورية كانت قبل هذه الحرب من أكثر دول العالم أماناً، وكان شعبها -ونحن العمال نمثل شريحة واسعة جداً من مكونات الشعب العربي السوري- ننعم بحرية مطلقة في ممارسة نضالنا ومهامنا في خدمة الطبقة العاملة السورية.
ولفت القادري إلى أن حريتهم المزعومة التي تلطوا خلفها "وهي شعار زائف لتحقيق مخططهم" خلّفت عشرات الآلاف من الشهداء من أبناء الشعب العربي السوري، وأفقدت الاقتصاد السوري على امتداد سنوات الحرب أكثر من 3 ملايين فرصة عمل، وسمحت بسرقة الموارد التي كانت مخصصة لمعيشة الشعب العربي السوري.. وحريتهم المزعومة تسببت بتدمير مئات المعامل والشركات والمؤسسات، وارتقاء أكثر من ثمانية آلاف شهيد من أبناء الطبقة العاملة تم استهدافهم في مواقع العمل والإنتاج، وحريتهم المزعومة أيضاً التي تلطى الإرهابيون خلفها كشعار أدت إلى تآكل القوة الشرائية للعملة الوطنية، حيث انخفضت إلى أكثر من عشرة أضعاف من قيمتها الحقيقية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة غير مسبوقة مقارنة بما كان سائداً قبل الحرب ، الأمر الذي انعكس على تآكل القدرة الشرائية لدخول الطبقات الفقيرة وتعرضها لصعوبات معيشية كبيرة، الأمر الذي دفع بالكثير من السوريين إلى التحرك من قراهم ومدنهم إلى مواقع أخرى داخل وخارج الحدود لأسباب اقتصادية بحتة كانت تصور من قبل أصحاب المشروع الإرهابي على أنها نزوح لأسباب سياسية.
وأوضح القادري أن الحرب الإرهابية على سورية لم تترك مواطناً سورياً واحداً بمعزل عن تأثيراتها السلبية والكارثية، لكن العبء النسبي الأثقل كان على أبناء الطبقات الضعيفة اقتصادياً والطبقة العاملة في مقدمة هذه الطبقات، لكن تدخلاً كريماً وحكيماً من السيد الرئيس بشار الأسد الذي نرى فيه قائداً ورمزاً لوحدة السوريين وكرامتهم، بأن أصدر قراراً بمنح الرواتب والأجور لكل العاملين في المؤسسات العامة الذين توقفوا عن العمل بسبب تضرر مصانعهم ومواقع عملهم وخروجها من الخدمة إما بسبب تدميرها من قبل الإرهابيين أو لوقوعها في المناطق التي سيطر عليها لفترة وجيزة الإرهابيون، أيضاً هناك عشرات الآلاف من العمال الذين تقطعت بهم السبل نتيجة سيطرة العصابات الإرهابية على بعض المناطق ولم يتمكنوا من الالتحاق في مواقع العمل، والتعليمات والقوانين التي تنظم علاقة العمال بمواقع العمل تقر بأن كل من يتخلف عن الالتحاق بعمله لخمسة عشر يوماً يعتبر بحكم المفصول عن العمل، إلا أن قراراً حكيماً أيضاً أوقف هذه التعليمات لمصلحة العمال باعتبار أن عدم التحاقهم بالعمل كان لأسباب خارجة عن إرادتهم.
وأكد القادري أن إيمان عمال سورية بوطنهم وتجذرهم في تراب الوطن وإيمانهم بالقيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد، دفعهم إلى مواجهة الحصار الاقتصادي الخانق بالتوجه إلى مواقع العمل رغم الاستهداف والمخاطر التي كانت تنتظرهم ورغم أن الإرهابيين كانوا يتعمدون استهدافهم في باصات المبيت وفي أماكن العمل، لأن هؤلاء الإرهابيين لم يتركوا موقعاً من مواقع العمل إلا واستهدفوه، حيث استهدفوا محطات الكهرباء ومحطات المياه والمصانع والمشافي...، كل المؤسسات التي كان يمكن أن تسهم بتصليب صمود السوريين تم استهدافها من قبل هؤلاء الإرهابيين، ورغم كل ذلك كان عمالنا يصرون على التوجه إلى معاملهم ومواقع عملهم لينتجوا للشعب العربي السوري الصامد مستلزمات وأسباب الحياة.
ولفت القادري إلى أنه كان لاتحاد العمال الكثير من المبادرات في الجانب السياسي والاجتماعي.. ففي الجانب السياسي قمنا ومن خلال علاقاتنا النقابية العربية والدولية بشرح أبعاد هذه المؤامرة وحقيقة الحرب التي تدور على سورية متسلحين بالوثائق ومكذبين الصحافة الصفراء ومحطات التلفزة التي كانت تبث الكذب ليل نهار وأثرت في جزء كبير من الرأي العام في الغرب، وفي الوقت الذي كان يصور فيه الإعلام المعادي بأن (دمشق هي بحيرة من الدماء)، تمكنا من عقد الملتقى النقابي العالمي التضامني الأول في العام 2015، وحضرته عشرات المنظمات النقابية العالمية والعربية واكتشفوا بأم العين كذب وزيف الإدعاءات التي كان يقوم بها الإعلام الغربي وبعض الإعلام الرجعي العربي، وألحقناه أيضاً بملتقى آخر عقد في العام 2017 وأيضاً شارك فيه ممثلون عن أكثر من 400 مليون عامل في العالم، وحظى المشاركون في الملتقى النقابي العالمي التضامني الثاني مع سورية بلقاء كريم مع السيد الرئيس بشار الأسد حيث شرح لهم أبعاد المؤامرة وأبعاد الحرب الكونية عليها ولم يطلب منهم إلا أن يرووا ما شاهدوه حقيقة على أرض الواقع في سورية، وبالفعل تحول المشاركون في هذا المؤتمر إلى سفراء حقيقيين صادقين لسورية عبر العالم.
وتابع: في الجانب الاجتماعي عملنا كاتحاد عام لنقابات العمال في سورية على تكميل الخطط الحكومية الهادفة لمساعدة أبناء المجتمع، وقمنا بدعم الأخوة العمال ضمن الإمكانيات المتاحة بجملة من الأنشطة والمساعدات التي كانت تقدم، وأحدثنا العديد من المؤسسات التي فرضها واقع الحرب وما نجم عن هذه الحرب.. فأحدثنا صندوقاً لمساعدة أسر الشهداء والجرحى من أبناء الطبقة العاملة والكثير من المؤسسات الاجتماعية التي تعنى بتقديم المساعدات للأخوة العمال لتمكينهم من مواجهة أعباء المعيشة والضغوط التي تعاظمت على وقع الحرب الإجرامية على بلادنا.
وقال القادري: هناك عشرات الأمثلة البطولية التي قام بها عمال سورية تجسد صمود هؤلاء العمال الذين هم شريحة من أبناء الشعب العربي السوري بكل أطيافه، قدمت في سبيل الوطن لا يتسع المجال لذكرها، لكن أذكر حادثة واحدة تمثلت في أحد المعامل الواقعة في المنطقة الوسطى، حيث بقي عمالها داخلها طيلة خمس سنوات حتى لا يتمكن الإرهابيون من الدخول إليها وتدميرها، وعندما حرر أبطال الجيش العربي السوري المنطقة الموجود فيها المعمل "وهو مصنع للإسمنت"، أدار العمال آلاتهم وبدؤوا بالانتاج في اليوم الثاني للتحرير، وهي حالة بطولية قام بها العمال تضاف إلى مئات الحالات المماثلة في كل مجالات العمل في سورية، مشيرا إلى أن السيد الرئيس بشار الأسد قال في أحد أحاديثه "إن البطولة في سورية أصبحت حالة عامة" يحققها كل مواطن سوري صامد في موقع عمله وكل جندي في موقع الشرف والبطولة في مقارعة الإرهابيين، وكل مواطن سوري في أي اختصاص يقوم به ويبدع في سبيل تصليب صمود سورية وتحقيق النصر الأكيد في هذه الحرب.
وأضاف: إن عمال هذا المصنع حظوا بتكريم كريم من قبل السيد الرئيس عندما استقبلهم جميعاً وكرمهم على صمودهم الاسطوري من خلال محافظتهم على موقع عملهم وهي حالة من مئات الحالات بل آلاف الحالات التي تكررت في سورية، ونحن في الاتحاد العام لنقابات العمال اعتبرنا هذا التكريم هو تكريم لكل أبناء الطبقة العاملة في سورية وتقديراً لعطائهم وتضحياتهم ودورهم في تصليب صمود الوطن.
وختم الرفيق القادري حديثة بالتأكيد أن عمال سورية كما هم كل أبناء الوطن الشرفاء مصممون على استمرار حالة الصمود والوقوف خلف أبطال جيشنا الباسل وخلف القيادة الفذة والتاريخية للسيد الرئيس بشار الأسد حتى يتحقق النصر الكامل على الأعداء وتطهير سورية من رجس آخر إرهابي دنس ترابها الطاهر، موقنين ومتأكدين بأن هذه الحرب التي فرضت على سورية لم تكن إلا لأن سورية قالت (لا) للمشاريع الغربية الامبريالية الأمريكية الصهيونية التي رسمت للمنطقة ولم تكن هذه الحرب على سورية إلا لأنها اختارت أن تكون في صدارة المحور المقاوم لكل المشاريع التي حاولوا فرضها على هذه المنطقة والتي لا تنسجم مع تطلعات أبنائها.
وخاطب القادري أعضاء الوفود بالقول: إن عقد مؤتمركم التضامني في دمشق أمر له دلالاته التي نقدرها ونحترمها وأكرر شكري لرفاقي في قيادة الاتحاد الوطني لطلبة سورية على إتاحة هذه الفرصة للقاء بكم.
من جهتها شكرت ماريا دو سوكورو غوميز رئيس مجلس السلم العالمي، الاتحاد العام لنقابات العمال على حسن الضيافة والاستقبال وعلى المعلومات التي قدمها رئيس الاتحاد العام لأعضاء الوفد حول واقع الطبقة العاملة في سورية والمخاطر التي تعرض لها عمال سورية جراء الإرهاب والتضحيات التي قدموها، والخدمات التي تقدمها لهم المنظمة العمالية لتجاوز آثار الحرب الإرهابية على سورية.
وأعربت غوميز عن تضامن أعضاء الوفود ووقوفهم مع سورية وشعبها وعمالها وقيادتها، وقالت: "إن أعضاء الوفود يحملون رسالة محبة وصداقة وتضامن من شعوب البلدان التي قدموا منها إلى الشعب السوري"، مشددة على الثقة المطلقة بنصر سورية على الإرهاب، ومعربة في الوقت نفسه عن سعادتها للتواجد في سورية في هذه المرحلة المهمة التي يعلن فيها النصر على الإرهاب.
بدورهم أعرب عدد من أعضاء الوفود عن سعادتهم للتواجد في سورية ومعرفة حقيقة ما يجري فيها على أرض الواقع، مؤكدين أن الكثير من المؤسسات الإعلامية تشوه الحقائق وتفبرك الأخبار الكاذبة عما يجري في سورية.
وشددوا على تضامنهم ووقفوهم إلى جانب سورية وشعبها وعمالها في مواجهة الإرهاب وأنهم سينقلون حقيقة ما رأوه من أمن واستقرار إلى شعوبهم، داعين إلى تعزيز التضامن والتعاون والتنسيق بين شعوب العالم قاطبة لمواجهة القوى الامبريالية والاستعمارية التي تنهب خيرات الشعوب وتضرب بعرض الحائط القوانين الدولية.
ولفتوا إلى وقوف أحرار العالم مع سورية، موضحين أن الشعب السوري أثبت أنه من الشعوب التي لا تقهر وهو انتصر على الإرهاب وداعميه ومشغليه.
وفي نهاية اللقاء قدم القادري دروعاً تذكارية لكل من ماريا دو سوكورو غوميز رئيس مجلس السلم العالمي وإياكوفوس توفاري رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، وإلى قيادة الاتحاد الوطني لطلبة سورية ممثلة بالسيد أرشيد صياصنة رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الاتحاد.
بعد ذلك قام أعضاء الوفود بجولة في متحف تاريخ الحركة النقابية السورية واطلعوا على محتوياته حيث سجلت السيدة غوميز كلمة في سجل كبار الزوار.
يذكر أن مجلس السلم العالمي يتخذ من اليونان مقرا له وهو منظمة غير حكومية ذات طابع اجتماعي شعبي تأسس عام 1950 ويضم ممثلين عن منظمات السلام في العالم مهمتها الدفاع عن السلام ومناهضة الحروب.