هي شريحة من القوة العاملة في المجتمع والتي تعمل بقوت يومها، وبالكاد تؤمن دخلاً بالحد الأدنى، شريحة كثيراً ما تغيب همومها ومتاعبها عن الأضواء لتبقى وتتراكم دون أن تجد من يسمع أو يشعر كيف يعيش هؤلاء ومن أين ينفقون على أسرهم وعائلاتهم، خاصة وأنه ليس لديهم دخل ثابت لجهة الأجر وكذلك لجهة ديمومة واستمرار العمل، حيث يتسم عملهم بالموسمية أو بمعنى آخر عندما تتطلب الحاجة.. هذا إلى جانب أن هؤلاء غير مشمولين بمظلة التأمينات الاجتماعية حتى الآن ما يعني أنه ليس لهم ضمان للشيخوخة أو عندما يصلون إلى سن لا يستطيعون فيه الاستمرار بالعمل، خاصة وأن طبيعة عملها تتطلب جهداً عضلياً وقدرة على تحمل الأوزان الثقيلة ونقلها من مكان إلى آخر أو عمليات تفريغ حمولات الشاحنات أو تحميلها بالبضائع والمنتجات وغيرها من المواد التي يتم نقلها.
مظلة النقابات
هذا الواقع دفع التنظيم النقابي للسعي لتشميل أكبر عدد ممكن من العاملين بهذه المهنة ليكونوا تحت المظلة النقابية وخاصة الذين يرتبطون مع بعض الجهات العامة بعقود خاصة، حيث تشير أرقام نقابة عمال العتالة بدمشق إلى أن عدد المنتسبين للنقابة لغاية نهاية العام الماضي بلغ 1636، منهم 179 عاملة والباقي من الذكور، وهؤلاء يتم التأمين عليهم لدى مؤسسات التأمين عن إصابات العمل التي قد يتعرضون لها خلال عملهم، وكما قلنا هم غير مشمولين بالتأمينات الاجتماعية لأن القوانين لا تسمح بذلك حالياً، كما يستفيد هؤلاء من الخدمات الصحية والاجتماعية التي تقدمها النقابة من خلال صندوق المساعدة الاجتماعية، حيث بلغ عدد المستفيدين خلال العام الماضي 42 عاملاً من إعانات الزواج والأعمال الجراحية والولادة وكذلك إعانات الوفاة للأصول والفروع أو وفاة العاملة نفسه، وبلغ إجمالي تلك الإعانات المقدمة من النقابة بحدود 548 ألف ليرة سورية.
وبالنسبة لبعض عمال العتالة فمنهم من يعمل مع بعض الجهات العامة بموجب عقود بالتراضي يتم تنظيمها مع تلك الجهات التي تحتاج أعمالها لعمال عتالة.. وقد عمدت النقابة إلى إحداث لجان نقابية في تلك الجهات لمتابعة أحوال العمال وشؤونهم ومطالبهم، من حيث الأجور ورفع مستويات الدخل وتقديم الوسائل التقنية الحديثة من آلات في المؤسسات والإدارات والشركات وبيئة عمل مناسبة لتتيح للعامل إنجاز عمله بالشكل المريح الكامل.
ففي فرعي المؤسسة السورية للتجارة يوجد حوالي 600 عامل، وهؤلاء كانوا موزعين بين المؤسسات الثلاث (سندس والاستهلاكية والخزن) قبل دمجهم بمؤسسة واحدة (السورية للتجارة)، ولذلك فقد حدث خلل بسيط بآلية العمل لفترة بسيطة بعد عملية الدمج لأن لكل مؤسسة من المؤسسات المدمجة كان لها آلية عمل خاصة بها وتم حل تلك المشكلات، وتم تحديد أجور العمال المتعاقد معهم بـ 35 ألف ليرة شهرياً، وكافة الأعمال خارج الدوام الرسمي تحدد بالطوناج حسب قرارات المكاتب التنفيذية في المحافظات وأجرة العامل تكون 25 ألف ليرة، وفي ضوء ذلك قامت بعض فروع المؤسسة بدراسة هذا القرار وتبين أنه يكلف المؤسسة مبالغ كبيرة، لأنه في بعض المواسم تحتاج المؤسسة لليد العاملة الكثيرة.
وفي مجال المخابز بدمشق وريفها نجد أن هناك 160 عاملاً موزعين على مخابز لجنة المخابز الاحتياطية وفرعي الشركة العامة للمخابز بدمشق وريفها (قبل دمج لجنة المخابز بالشركة العامة للمخابز) إضافة إلى عمال العتالة في مخابز القطاع الخاص، وجميع هؤلاء العمال أجورهم جيدة.
وفي مؤسسة عمران يوجد 40 عاملاً بفرعي دمشق وريف دمشق يعملون في مراكز الفرعين وتستمر اللجنة النقابية بإبرام العقود وتجديدها في كل عام، وهؤلاء يحتاجون لرفع أجورهم، إلا أن هذه المسألة لم تحل حتى الآن.
في مديرية الجمارك العامة يعمل قرابة 200 عامل موزعين في أمانات جمارك جديدة يابوس والتنف والسبينة وأمانة جمارك دمشق والمطار، وهؤلاء يتقاضون أجورهم بموجب قرار وزارة المالية رقم 1 الصادر بتاريخ 2 كانون الثاني عام 2017 والسعي جار لتحسين أجورهم لتتناسب مع الواقع الحالي.
كما يوجد 18 عاملاً في شركة سيرونكس وهؤلاء يتقاضون أجورهم بنظام المياومة حسب العقد المبرم مع الشركة بواقع 800 ليرة باليوم، وهذا دون مستوى الطموح وهي أجور متدنية.
أما في الشركة العامة للمطاحن، فيعمل حوالي 400 عامل يتوزعون في المطاحن والمستودعات التابعة لفرع دمشق، وقد شهد العام الماضي حدوث بعض المشكلات بين النقابة وإدارة فرع الشركة بدمشق وانعكس ذلك بحسم مبالغ من أجور العمال بعد أن تم ترتيب غرامات على مكتب النقابة، وتجري المطالبة حالياً برفع أجور العمال بحسب ما نص عليه المرسوم رقم 13 لعام 2016 الذي لم يستفد منه عمال العتالة في شركة المطاحن بدمشق، رغم أن هذا وارد في بنود العقد بشكل واضح وصريح.
وفي المؤسسة العامة للأعلاف يوجد حوالي 30 عامل عتالة موزعين على مراكز فرع دمشق وريفها وأجور هؤلاء العمال متدنية والنقابة تسعى لإبرام عقود جديدة وبأسعار وأجور جديدة وجيدة، كما جرت المطالبة بضرورة استفادة هؤلاء العمال من مراسيم الزيادة التي لم يستفد منها العمال، وقد قامت المؤسسة العام الماضي بفرض غرامات مالية على النقابة بسبب عدم تأمين يد عاملة.
كذلك في المؤسسة العامة للطباعة والكتب المدرسية يعمل 30 عاملاً في قسم الكتب المدرسية وتم خلال العام الماضي إبرام عقد جديد بأسعار تتناسب مع الوضع المعيشي للعامل، وتشكيل لجان من النقابة والمؤسسة، وفي العام الحالي جرى تنظيم عقود جديدة بأسعار جديدة.
والملاحظ من كل ما تقدم أن معظم العقود بالتراضي المبرمة مع عمال العتالة والخدمات من قبل الجهات العامة لا تعطي الأجر المطلوب المناسب لتكاليف المعيشة التي ارتفعت كثيراً وتضخمت إلى حدود غير مسبوقة متأثرة بتداعيات الحرب العدوانية على سورية، وأن النقابة واتحاد العمال ومعه الاتحاد المهني والاتحاد العام لنقابات العمال يتابع وبشكل حثيث السعي لتحسين الأجور التي يتقاضاها هؤلاء العمال، وتحسين ظروف العمل والبيئة التي يعملون بها في الجهات العامة المختلفة، كذلك توفير مكتسبات أفضل لهم خاصة وأن هؤلاء ليس لديهم أية تغطية اجتماعية أو قانونية سوى العقد المبرم مع الجهة العامة وضمن الشروط المحددة، وهم ليس لديهم تقاعد أو تعويض شيخوخة أو غير ذلك لأنهم موسميون ومياومون وغير مشمولين بمظلة التأمينات الاجتماعية لكونهم غير مرتبطين بعقود عمل دائمة.
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي