هو عبارة عن كافة الجهود أو الممارسات التي تبذلها أمة ما، وذلك بحق أمة أخرى، وذلك يكون بهدف الوصول إلى السيطرة أو الاستيلاء عليها بطريقة غير عسكرية أي عن طريق غزوها، ولكن بشكل فكري، حيث يعد الغزو الثقافي أو الفكري أكثر خطورة من الغزو العسكري، لانتهاجه مجموعة من الأساليب، والطرق، والممارسات السرية، وغير المعلنة، وغامضة في بداية تنفيذه، حيث إنه يعمل في الأساس على إحداث الثغرات، والأمراض الفتاكة، ويعمل بكل قوة على إلغاء شخصيتها، وموروثاتها الثقافية الأصلية ، ويهدف الغزو الثقافي إلى احتلال العقول، و ليس الأراضي أو الحدود الجغرافية لأمة ما كما في الغزو العسكري، وهو يعتمد على تزيين كل ما هو ضار، ومدمر، ووضعه في إطار جميل، وجذاب بما يتماشى مع أهواء الفرد ليسهل عليه انتهاجه، والعمل به، وبالتالي تدمر الأمم، وتبتعد عن ثقافاتها، وموروثاتها الحضارية، وعاداتها، والتقاليد المميزة لها ما يسهل عملية السيطرة عليها من جانب أعدائها بكل سهولة، ويسر، وبالتالي إعادة تشكيلها بما يتناغم مع مصالح أعدائها أو إحداث التدمير العالي لها، والانهيار من داخلها، وكنتيجة لعوامل داخلية خاصة بها، ودون أي تدخل عسكري قد يترتب عليه وقوع أي نسبة من الخسائر سواء خسائر بشرية أو مادية هذا علاوة على عدم كفاية التدخل العسكري في كثير من الأحيان لإحداث التدمير العالي، والقوي الوتيرة لأمة ما من جانب أعدائها.
بدأ ظهور الغزو الثقافي منذ القدم إلى أن برز ظهوره بشكل واضح وجلي في مطلع القرن العشرين تحديداً، حيث شنه الغرب تحديداً ضد المسلمين بشكل خاص من أجل القضاء على قوتهم، والعمل على تشتيتهم، وتفريقهم، وانهيارهم، وتحويلهم إلى مجموعة من الدول الضعيفة التي من السهل السيطرة عليها، واستغلالها لمصلحتهم، والأساليب التي تنتهجها تلك النوعية من الحروب الثقافية من أجل تحقيق أهدافها، السعي العالي والقوي من أجل السيطرة على عقول فئة الشباب العرب تحديداً، وذلك بهدف تعميق المفاهيم الغربية، وترسيخها في عقولهم بل وإقناعهم داخلياً بأن نمط الحياة الغربية هو ذلك النمط السليم والمتماشي مع الحياة العصرية، وأنه أفضل كثيراً من النمط العربي في الحياة.
زرع الأفكار الغربية في عقول أبناء العرب، وذلك من خلال العمل على تقديم كل أوجه الرعاية، والتربية والإحاطة لهم، وذلك كان عن طريق إقامة العديد من المؤسسات التعليمية، والتي تقوم طرق التعليم فيها على المناهج الغربية؟ إحلال اللغات الغربية مكان اللغة العربية بل وجعل اللغة الغربية في العموم هي اللغة الرسمية أو الأكثر تداولاً في بلاد العرب، الإيقاع بين العرب وذلك عن طريق إثارة النعرات بينهم سواء النعرات القومية أو العرقية أو الدينية.
هالة محمود
المصدر : جريدة كفاح العمال الاشتراكي