الأديبة أماني المانع صاحبة رواية الكحل الأبيض التي رصدت فيها تداعيات الحرب الإرهابية على سورية، ورواية تيا يا أنت ومجموعات قصصية أخرى تتميز بموهبة أخاذة قادرة على السرد الأدبي والقصصي لثقافة جامحة وخيال واسع، وكان معها الحوار التالي لكفاح العمال:
- أنت روائية وأديبة في روايتك ظهرت حالة انفعالية وجدانية تشبه حالات الشعراء في كتابة القصيدة هل هناك شبه في كتابة الرواية و كتابة القصيدة؟
يقول تولستوي عن رواية الحرب و السلام " إنها ليست رواية بل إنها أقل تماماً من قصيدة "
الشعر نوع من الإلهام يبتعد قليلا عن معنى الصنعة التي تخضع لها الرواية في كثير من جوانبها فالشعر يعتبر تصويرا للحظة استثنائية تولد منها القصيدة وقد يكتب الشاعر القصيدة كلها في هذه اللحظة أما الروائي فيضع فقط بداية الرواية وأثناء كتابة القصيدة وهنا أتحدث عن الشعر الحقيقي لا بد أن يكون الشاعر سجين أحاسيس وأجواء معينة قد تحكم الروائي فقط في بداية عمله لكنه سيضطر للكتابة بعيدا عنها في فصول أخرى نظرا لعمر كتابة الرواية الطويل.
- كتاباتك الروائية تعكس الواقع الاجتماعي و مؤخراً عكست واقع الحرب على سورية، هل كانت الرواية واقعية أم أنها من الخيال الذي أسقط على الواقع ؟
في روايتي في صفحة الإهداء كتبت.. لأي تشابه يمت للخيال بصلة وأي صدفة لا يربطها بالواقع تاريخ .على الكاتب أن تتقاطع على ورقه شخصيات وأحداث حقيقية مع شخصيات وأحداث واختلافات و مواقف واقعية، ربما تولد في موقف خيالي لكنه في الواقع حقيقة، وأنا أعتقد أن خيالنا هو امتداد أو تغيير أو تمرد أو اكتمال لجزء نفتقده في الواقع ، لذا نلبس الشخصيات الخيالية تفاصيل شخصيات حقيقية أو العكس.
- هل ترين أن الرواية يمكن أن تؤرخ لسورية فيما قدمته للعالم؟
الأدب في الحرب هو قدرة صفوة ممن خاضوا أو عاصروا الحرب ويمتلكون الخيال والقدرة على التعبير على حفظ ونقل خصوصية هذه التجربة و تغطية جوانب نفسية واجتماعية أي تأريخها بطريقة مختلفة يتم فيها التركيز على قيمة الأرض والإنسان دون التوغل بالتعابير التاريخية والسياسية أو بتسليط الضوء على البعض منها ولكل أديب أسلوبه. نحن اليوم نقدم رسالة قد تصبح بعد انتهاء الحرب تاريخا أو مرآة عكست وقتا معينا.
- يقولون إن الرواية أكثر الأجناس الأدبية التي يمكن أن تعبر عما يدور في المجتمع فما رأيك بذلك وهل ترين أن هناك جنسا أدبيا منافسا لها؟
الرواية فضاء رحب يتسع لكل مشاعرنا و أحلامنا وأفكارنا، تتميز بحيوية الاستجابة و قادرة على امتصاص تجاربنا و استيعابها بكل تفاصيلها، لها جوها الخاص القادر على جذب القارئ، وبظهور الرواية الواقعية السحرية أضافت إلى بعدها المحبب المشوق أبعاداً سياسية وعلمية وسوسيولوجيا قادرة على إرضاء العقل والقلب والذاكرة.
ليس في الأدب مكانة الصدارة لجنس أدبي على آخر و ليس هناك نمو أو انقراض أو تنافس ولا صراع من أجل البقاء .
- ما رأيك بالرواية والقصة القصيرة بالعصر الراهن وهل وجدت بصدق أم أنها حالة خيالية فقط خوفا مما يمكن أن يحصل في المستقبل؟
أي جنس أدبي لا بد أن يعبر عن جوهر يزيد من وعينا، ويجعله أكثر قابلية ليحس ويعاش وأن يمتلك مفاتيح جديدة للاقتراب من الأسرار الكبرى للوجود الإنساني. والعمل الأدبي ليس مطالبا بتقديم الحلول للواقع لكن بمحاولة شخصياته اكتشاف الأسباب والبحث عن حلول ليصبح صوت اليوم و نبراسا في المستقبل .القصة القصيرة تحد أدبي وجمالي يشبه لحظة الانفجار تحتاج لحساسية و تكثيف. أما الرواية فهي تفرد نفسها على مهل مما يجعل تذكرها والتعلق بأبطالها أسهل من القصة.
الوجود الحقيقي اليوم وغداً للآداب والفنون يقع على المناطق التخومية بينها كافة وبين ملامستها وتأثيرها في الواقع.
نبوغ أسعد