مازال المثقف العربي يذهب باتجاه آخر في أغلب الأحيان دون أن يدري إلى أين يذهب وبدلاً من أن يكتب اسمه في المحافل الاجتماعية بلغته الأم يلجأ إلى الإنكليزية وهذا ما نراه متصدرا صفحات التواصل الاجتماعي و المواقع الإلكترونية التي يصطاد من خلالها الغرب معظم صيده الذي يقضي بغسل ما تحتويه ذاكرة المثقف العربي واقتلاعه من جذوره وثقافته .. كما أن المثقف لا يزال يتباهى بقراءته للكتاب الأجنبي وإن كان هذا الامر ضروريا من باب المثاقفة ولكن ما هو أكثر أهمية في التباهي أن يدرك المثقف العربي أنه أمام أدب لا يمكن أن يجاريه أحد كتبه العرب وسيبقى على مر التاريخ .. فمن الأفضل أن ندرك كيف نسير في طريقنا ونفتش عن ذاتنا في الشكل الصحيح .
عندما يقرأ العربي نصا شعريا لشاعر غربي أو روسي أو تركي أو غير ذلك ويسمعك ما أتى به فتتلقاه بشكل غير مريح لأنه يعطيك معنى قد يتناوله أي قارئ على الساحة الثقافية ويأتي بمثله ولكن سرعان ما يأتيك بحجة مباشرة ويقول لك لو قرأته بلغته الأم لكان أجمل وهذا الكلام إن لم يكن فارغا فهو ملغوم يؤدي خدمة للآخر .. فليس بمقدور شعراء العالم أن يأتوا ببيت أجمل من بيت النابغة الذبياني عندما قال :
كأنك كالليل الذي هو مدرك
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
أما على صعيد النقد الأدبي فليس بمقدور كتاب الغرب قاطبة أن يقدموا لك تفكيكا وتركيبا وتكنيكا نقدياً كالذي جاء به سوق عكاظ وما تلاه من نقد على يد ابن جني .. إلى عصرنا الحديث الذي نقرأ فيه ما أتى به الدكتور حسام الدين الخطيب والدكتور نضال الصالح وما قد يكون قريبا على يد نقاد شباب تنتظرهم الساحة .. أما الرواية فاقرأ أيها المثقف على سبيل المثال رواية مدينة الله للدكتور حسن حميد وأعطني رواية غربية أو غير غربية تفوقها بقوة الوصف وجمالية العبارة ومنطقية التوافق الموضوعي .. قلي بربك لماذا أنت مصمم أن الغرب هو صانع الأدب والحضارة وأنك تنسى أنك ابن أمة لا غالب لها فتترك موروثها وتشتغل دبيكا لا حول لك ولا قوة.
محمد خالد الخضر