يستقبل شعبنا وأبناؤنا الطلبة والتلاميذ عاماً دراسياً جديداً مع بدء افتتاح المدارس في موعدها، وبتحضيرات مكثفة ومناسبة من قبل الجهات الرسمية المعنية ومن قبل الأهالي رغم استمرار الحرب على سورية وعمليات العدوان والإرهاب والإجرام والمعاناة من أثقالها والأزمات المرافقة لها وبسببها... وينشغل أولياء الطلبة بالترتيبات المادية لتغطية نفقات دراسة أبنائهم التي باتت باهظة إن هم اختاروا لأبنائهم المدارس والجامعات الخاصة رغم أن العديد منهم يكونون في موقع اللا خيار وعلى مبدأ "مكره أخاك لا بطل" وخاصة بالنسبة للملتحقين بالجامعات.
هي أعباء أخف كثيراً لأهالي طلاب المدارس الحكومية التي ما زالت السياسات الاقتصادية للحكومة الجديدة وسابقاتها لم تطل بعد نعمة مجانيتها وانخفاض تكاليف خدماتها الأخرى.
إن محافظة الدولة على التميز السوري بمجانية التعليم في كافة مراحله رغم الإرهاق المالي لأعباء الحرب الظالمة والحصارات الاقتصادية يصب في خانة تحصين أجيالنا القادمة ضد الجهل والتخلف والتعصب ويخفف من الانعكاسات السلبية لظاهرة تسرب الطلاب الفقراء ومتوسطي الحال من المدارس لأسباب مادية وخاصة تحت وطأة ضعف أجور ومداخيل آبائهم العمال وممن هم من ذوي الدخل المحدود في زمن الغلاء.
إن هذا الدعم الحكومي لضمان تشجيع وتسهيل عملية مواصلة التعلم والتعليم وحماس وتضحيات الأهالي لإلحاق أبنائهم وبناتهم بالمدارس رغم كل الصعوبات والتحديات والأخطار أمر ملموس في وطننا السوري المتحضر والمقاوم والمناهض للجهالة والأمية والتخلف الثقافي والاجتماعي.
إنها مؤشرات ايجابية وحضارية تسجل بتقدير لمجتمعنا السوري وأبنائه ومؤسساته ودولته وقيادته استمرار هذا الحرص على توفير مقومات واحتياجات تواصل العملية التعليمية بكافة مراحلها وتحدي الأهل والأبناء صغاراً وكباراً لكل مخاطر الإجرام المحتملة دون خوف وانقطاع وتردد عن الالتحاق بمدارسهم.
إنه شكل آخر من تعبيرات صمود الشعب السوري ومواجهته لقوى العدوان والظلام والتجهيل، إنه انتقال الملايين من الطلبة والمعلمين والكادر الإداري يومياً وفي كافة أرجاء سورية مهد الحضارات.
هم الذين يستحقون إجلالنا واهتمامنا ورعاية الدولة والمجتمع، المعلمون والطلاب والعائلة ركائز تكامل أجيال العلم والمعرفة وبتعاونهم يحلق مجتمع اليوم والغد بأجنحة العملية التربوية المتكاملة والمناهج الدراسية المتقدمة وبضمير حي للمعلمين المؤهلين الحاصلين على خبز وكرامة وتبجيل.
وعندها فقط يمكن إعادة بناء إنسان الغد السوري وشباب المستقبل وبالتعاون المنهجي مع بقية مؤسسات المجتمع الثقافية والتربوية والدينية والإعلامية. وعندها فقط نأمل أنه لنا موعد قريب مع عملية تكاملية فاعلة تسهم في بناء العقل والإنسان الحضاري المنتج والمبدع صانع الخير والمحبة والسلام الأهلي والتوازن الاجتماعي والحريص على حرية واستقلالية الوطن من خلال جهد وتضحيات ومشاركة جماعية وإدارة رشيدة وعلمية تحقق بكفاءة تكامل عملية إنجاز عناصر التقدم المادي والمعنوي والقيمي والأخلاقي وتنجز مقومات الانتصار على المحنة ومسببيها وعلى التحديات الخارجية والداخلية وعبر بناء الإنسان ومجتمع العلم والمعرفة والتنمية والرفاه والعدالة الاجتماعية.
فرحتنا وإعجابنا بأسراب أطفال سورية وتلاميذها وطلابها في صباحات الدوام المدرسي وباستعدادات وجهود الإدارات والكادر التعليمي لا يعكر صفوهما ويقلقنا سوى استذكارنا بألم وأسف تغييب الرحيل المبكر آلاف الطلاب والأطفال الشهداء خلال العام الماضي، كما يؤلمنا بقدر مماثل الواقع المأساوي لمخيمات اللجوء وانعدام الاهتمام بتعليم الأطفال والطلاب اللاجئين والمهجرين وتعرضهم لكافة أشكال الاستغلال والابتزاز والإساءة للطفولة من قبل مدعي احترام حقوق الطفولة والإنسان ومن قبل الدول المضيفة والمنظمات المتهربة من واجباتها تجاه اللاجئين وأطفالهم المحتاجين لمواصلة تعليمهم والعودة القريبة إلى حضن الوطن والتمتع بخدمات التعليم المجاني ورعاية الطفولة والأمومة والصحة المدرسية.
كل عام دراسي وشعبنا والعاملين في وزارة وإدارات التربية والتعليم وكافة مؤسسات ومعلمي وطلاب وتلاميذ الوطن بخير وأمان ونجاح كل عام وهم وسورية بحماية الله وبواسل حماة الديار جنود الوطن وحلفائه كل الشكر لداعمي انتصار سورية في مواجهة إرهاب السلاح والتخلف والتطرف.
كل التحية والتقدير للمساعدات المقدمة لدعم العملية التعليمية ولاحتياجات الطلاب المدرسية من قبل المؤسسات والمنظمات الوطنية في سورية ومن قبل منظمات دولية معنية وأشقاء وأصدقاء شعبنا السوري الباني لحضارات متعاقبة أثرت المعارف وأغنت التقدم الإنساني.
أديب ميرو