الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » ثقافة وفنون

الصفحة السابقة »

دور الإعلام في تنمية الثقافة الشخصية

2016-08-28 10:44:36

يؤدي الإعلام دوراً مؤثراً في حياة الشعوب فهو يساهم بتنمية الثقافة الشخصية ومن ناحية أخرى يؤدي دوراً محرضاً لتجاوز الأزمات والآفات الاجتماعية الخطيرة وصولاً إلى بدائل جديدة تتناسب وآفاق التطور والنمو.

و لم يقتصر الإعلام في القرن الماضي على التأثير في حياة الملايين فحسب، بل تعدّى تأثيره ليعيد تشكيل مفاهيمهم عن العالم والعلاقات الإنسانية ومواقفهم الحياتية. ويعود ذلك إلى تعدّد وتنوّع وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي. (فالإعلام الجماهيري) يُشكّل أقوى أنواع الاتصال الذي شهدته البشرية، من خلال التلفزة والإذاعة والمطبوعات والإنترنت.

 ولعل أبرز ما يميز الفترة الحالية، ذلك التطور الهائل في أنظمة الاتصال الجماهيرية -السلكية واللاسلكية- حتى غدا العالم كأنه قريةٌ واحدةٌ، انعدم فيها عاملُ الزمن، ، فعبرَ برهةٍ من الزمن تُنقلُ المعلومة والصورة حيَّتين من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، وتُخزن المعلومات الكثيرةُ وتُستدعى في لحظات.

وقد أفرز هذا الوضعُ التقنيُ الحديثُ حاجة عند جماهير الناس تدفعهم نحو الاستمتاع بهذه الأنظمة، والاستفادة من خدماتها، في الوقت الذي استغلت فيه شركات الإعلام، والقوى الرأسمالية العالمية هذه الوسائل التقنية المتنوعة بكفاءة عالية، لتبث من خلالها ما يحققُ أهدافها الاستعمارية، وغاياتها التسلطية على شعوب العالم المستضعفة، من خلال الكلمة المكتوبة، والفكرة المسموعة، والصورة المنقولة.

ورغم ما تحملُهُ هذه الوسائلُ الإعلاميةُ المعاصرة -ولاسيما المرئية منها- من إيجابيات ثقافية، فإنها إلى جانب ذلك تحمل معها كمّاً هائلاً من مظاهر الانحرافات ، التي تُعدُّ جزءاً أصيلاً من مكونات الرسالة الإعلامية المعاصرة، مما يهدد الأمة في أصولها الكبرى، ومُثلها العُليا، ومبادئها التي تعتز بها.

وبظهور الفضائيات وشبكات الإنترنت، وتوافرها بسهولة ورخص ثمنها للمستهلكين زاد خطرُ الهجمةِ الإعلامية من حيث صعوبة الانتقاء الإيجابي من جهة، واستحالة الانعزالِ السَّلبي من جهة أخرى، فأصبح تأثيرُ هذه الوسائل يصل إلى كلِّ متلقٍ أيّاً كان موقعُهُ من العالم، وأيّاً كانت ثقافته ومعرفته، يطَّلعُ الناسُ جميعاً - كباراً وصغاراً، وذكوراً وإناثاً، ومتعلمين وأميين - دون استثناء على كل ما يُذاع ويُشاهد فلم تعد الحدود الدوليةُ، والحجُب الاجتماعية، والعاداتُ المرعيَّةُ تحولُ دون بلوغ الرسالة الإعلامية مداها الإنساني، لتصب مضامينها الثقافية والفكريةَ في المستقبلين، وتُسهمَ بالأسلوبين -المباشر وغير المباشر- في تكوين الشخصية الإنسانية العالمية، التي يجتمع في فكرها وسلوكها ما تشتت بين الثقافات، وينصهرُ في ذاتِها ما تفرَّقَ بين الشعوب والجماعات.

ويؤدي الإعلام ـ بما يحويه من زخم معلوماتي وتقنية متقدمة في التواصل اللفظي وغير اللفظي ـ دوراً مهماً في التأثير على النفسية والمفاهيم الشخصية.

ونحن (وحتى أطفالنا) في هذا اليوم، نقوم بالعديد من التصرُفات، ونتفوه بكثير من الكلمات مما تعرضه وسائل الإعلام المختلفة. كما أن أذواقنا واختياراتنا الشخصية وقراراتنا الشرائية والمصيرية أصبحت متأثرة إلى حد كبير بما تمليه علينا الإعلانات، والبرامج والمسلسلات والأفلام.. الخ.

تأثير الإعلام في بناء شخصية الجيل الجديد

ومن الأهمية بمكان التركيز على تأثير الإعلام في بناء شخصية الجيل الجديد (من أطفال ومراهقين وشباب)، فالرسائل الواضحة والمقنعة التي تبثها مختلف وسائل الإعلام، تخاطب كل شخص بما يحبه ويجذبه، وتستميل قلبه وعقله وحواسه وميوله نحو ما يرى ويسمع.

كما أنها توفر النموذج والتوجيه  في صياغة مفاهيم ومعتقدات وطرق تفكير الأطفال والمراهقين والشباب نحو ثقافة عالمية لا تنتمي في الأصل إلى أي بقعة في العالم، وإنما هي من ابتكار الإنسان .

وقد ساهمت التكنولوجيا في جعل الإعلام متوافراً في أي وقت وحسب الرغبة، ما أدى إلى الابتعاد المتزايد للشباب والمراهقين عن القراءة وتغيّر اللغة المتداولة بينهم، وضعف مهارات التواصل لديهم، والميل إلى العزلة بعيداً عن التفاعل مع الأسرة والمجتمع. كما أن سهولة وجاذبية وسائل الإعلام الموجودة تعود الفرد على الكسل، وقلة الرغبة في القراءة سواء باللغة العربية أو بأية لغة أخرى.

وبما أن نتيجة استخدام الإعلام ذي التقنية المتطورة هي الشعور بالراحة والاسترخاء، فإن الفرد حتماً سيكرر ممارسة متابعة التلفاز أو الاستماع للمذياع أو استخدام الإنترنت، ما قد يؤدي إلى حالة من الإدمان.

نصائح يجب على الأهل اتباعها

فيما يلي أهم الأمور التي يجب على الأهل التنبُه إليها فلا يحرمون أولادهم من وسائل الإعلام ولا يهملوهم كذلك ويتركونهم بلا مراقبة، لما لذلك من تأثير مباشر على بناء شخصية وهوية أولادنا، وتحديد مسارهم وإنجازاتهم في المستقبل:

1ـ الإعلام العنيف: أثبتت الدراسات العالمية أن مشاهدة العنف (الكلامي والعقلي والمعنوي والجسدي) يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة مظاهر العنف بين الأطفال والمراهقين والشباب، كالسب والشتائم والتفكير السلبي غير المتوازن والضرب والتخريب وإيذاء النفس والغير.

انطباع المرء عن ذاته:

إن الأثر العميق للإعلام في إرباك المفاهيم والمعتقدات الثقافية للمراهقين (المتركزة حول السلبية، والنشاط الجنسي، والعنف، والانعزالية، وقلة الثقة بالنفس وبالغير) يتسبب في تغييرات سلبية في تصرفاتهم وسلوكياتهم، مثل اضطرابات الأكل (كالأنوركسيا والبوليميا) والاكتئاب والتعذيب الجسدي الذاتي.

ـ الوقاحة والفظاظة: 

من نتائج مشاهدة مظاهر العنف والفظاظة، هي العدوانية المتزايدة وضعف القدرة على مراعاة الآخرين، والتلفّظ بالبذاءات علناً.

 -ضعف الأداء المدرسي

 أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين ينشؤون على متابعة التلفاز لمدة تتعدى الساعتين يومياً (بعد عمر السنتين) يُظهرون ضعفاً أكاديمياً حادّاً ويكون تحصيلهم الدراسي سيئاً مقارنة مع الأطفال الذين يمرنون تفكيرهم ومواهبهم في ذلك الوقت.

ـ الكسل والاستسلام: 

يسبب الإكثار في متابعة التلفاز أو استخدام الإنترنت أضراراً جسدية ونفسية عند الأطفال، حيث يقلل من قدرتهم على الإبداع، والتخيّل، ويُضعف نشاطهم الحركي، ويتسبّب في العديد من حالات السمنة المبكرة عند الأطفال.

 

هناء صقور

2016/8/28


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك